تُختتم اليوم- الأحد- فعاليات المؤتمر العلمي الدولي حول "التسامح والتعايش السلمي في إفريقيا: الفرص والتحديات"، والذي نظّمته الجامعة الإسلامية بمنيسوتا الولايات المتحدة الأمريكية فرع السنغال، والرابطة العربية الإفريقية بالسويد، والرابطة العالمية لعلماء إفريقيا، ومجلة الدراسات الإفريقية والعربية، والمجلس الإفريقي الفرنسي العربي للترقيّات العلمية (كافاغ)، والمركز السويدي الدولي للحوار والبحوث ودراسة الحضارات والأديان المقارَنة بالسويد، والشبكة الأورو الأفريقية والعربية لحقوق الإنسان السويد، وذلك عبر التناظر المرئي (زووم).
افتتح المؤتمر في جلسته الأولى د. "محمد المختار جي"- رئيس الجامعة الإسلامية بمنيسوتا الولايات المتحدة الأمريكية فرع السنغال، رئيس الرابطة العربية الإفريقية- بكلمة أشار فيها إلى أهمية موضوع التسامح والتعايش السلمي بإفريقيا، باعتبارها قارة كبيرة وواسعة، وفيها العديد من التيارات الفكرية والعقدية، وكثرة العرقيات والقبائل المتعددة، ومن ثمَّ فهي بحاجة إلى تعايش سلمي لإرادة التقدّم والتطوّر والازدهار.
وقدَّم إطارا نظريا تاريخيا لمبدأ التعايش والتسامح ومبادئه المقرَّرة (عصبة الأمم، الأمم المتحدة)، قائلا: أن نهاية الحرب لا تعني السلم بالضرورة، وعليه ينبغي بناء السلم على أساس متين من الالتزام الوطني والدعم الدولي.
أضاف: في ظل انعدام الأخوة الإنسانية واستمرار الحروب، تأتي أهمية إشاعة ثقافة التسامح والتعايش السلمي باعتبارهما ركيزة أساسية لتنمية شاملة ولعيش كريم ولحياة أفضل، وضرورة نبذ العنف وخطاب الكراهية والصراعات الهدامة.
ومن ثمَّ فأن هذا الموضوع جدير بالدراسة والبحث في كل وقت وعلى جميع المستويات وبجميع المقاربات، لتحقيق الأهداف المرجوّة منه، وتأتي أهداف هذا المؤتمر في هذا السياق ومنها ضرورة الإسهام في نشر ثقافة السلم وبناء بيئة التسامح ونبذ العنف وإعداد دراسات أكاديمية حول أسباب الكراهية والعنف بين المجتمعات والأديان.
وتحدث د. "محمد جَدَّة"- رئيس الرابطة العالمية لعلماء إفريقيا، رئيس المركز السويدي لحوار الحضارات والثقافات بمملكة السويد، رئيس الشبكة الأورو الأفريقية لحقوق الانسان بالسويد- واصفا الظروف الاستثنائية والفوضية التي يمر بها عالمنا الحالي، من اختلال موازين القوى وانعدام السلم والأمن، والهجرات الجماعية، وهجرة العقول والكفاءات، مضيفا: أنه عصر تشابكت فيه المصالح وتعددت المشاكل الإقليمية والدولية، ومن أجل التغلّب على هذا الوضع ينبغي بناء الحوار مع الآخر والتعايش والسلم على قناعات صلبة وقوية. وأن الأمّة الإسلامية مدعوَّة- بل من مسؤولياتها الكبرى- لحمل رسالة الرُسل- عليهم السلام- في التسامح والتعايش المشترك، والعمل على تأصيل المفاهيم المثارة من مثل: الحوار والتسامح والتعايش والأديان...إلخ، إذا أردنا بناء حوار فعال وجدي بين الديانات والحضارات والثقافات.
وطالب بضرورة الإسهام في بناء أرضية مشتركة مبنية على مبدأ التعايش وقبول الاختلاف، وتعزيز الحوار بين الديانات والثقافات، وبناء شراكات مع وسائل الإعلام للتغلّب على خطاب الكراهية والعنف، وتعزيز قيم التسامح، والانخراط في المشاركة السياسية المبنية على الديمقراطية الحقة وعلى التعددية.
وأوصى- على هامش حدث إحراق المصحف الشريف بالسويد- بضرورة الخروج في هذا المؤتمر بالدعوة إلى احترام المقدسات الإسلامية، وإرسالها إلى جميع الهيئات العالمية.
ثم تحدث فضيلة الشيخ "مهاجري زيان"- رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الاسلامية بجنيف- عن أن بعض الدول تعمل على أن تكون إفريقيا محلا للتوترات والنزاعات والحروب، وأن تظل فقيرة ومتخلِّفة تعاني الفتن والمِحن، وأن اختيار موضوع المؤتمر للحديث عن التسامح والتعايش بإفريقيا مهم جدا لأن هذه القارة هي أمل الكرة الأرضية وبنهضتها وتقدّمها واستقرارها سوف تنتفع البشرية جمعاء.
وأننا باعتبارنا مسلمين ينبغي أن نقدّم رسالتنا للناس جميعا بأن ديننا هو دين السلام واحترام الاختلاف والتعايش في ظلِّ التعددية، ضاربا المثل على ذلك من السيرة النبوية من خلال (ميثاق المدينة المنورة)، معتبرا بنوده تحفظ حقوق المواطن مهما كان دينه، وتُترجم نظريا وعمليا لقيم التعايش السلمي والتسامح.
وأننا مدعوون اليوم إلى العمل على تحسين صورة الإسلام في الرأي العام العالمي، الذي التصق في ذهنه منذ أحداث 11 سبتمبر وقبله، أنه دين الإرهاب وأن المسلمين إراهابيون، وأن نعمل بجهد لرفع الظلم عن هذا الدين ومعتنقيه، ومخاطبة الهيئات العالمية بضرورة احترامه واحترام مقدساته.
وقدّم البروفيسور "محمد جرا"- رئيس جامعة إفريقيا الفرنسية العربية بمالي، رئيس المجلس الإفريقي الفرنسي العربي للترقيات العلمية (كافاغ)- نبذة تعريفية بـ"كافاغ"، باعتباره مشروع أكاديمي فكري ثقافي، مقرّه مالي ويضم 20 فرعا على مستوى إفريقيا، ودوره في إشاعة ونشر التسامح والتعايش بتشجيع الباحثين الأكاديميين على التعاون فيما بينهم على مختلف المستويات، ومنها تشجيع اللغات الأهلية لاستيعاب العلوم الحديثة، وكذا تشجيع الأمن والسلام.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر بدأ أعماله السبت، بمعدل جلستين علميتين، وشارك فيه باحثون أكاديميون من مختلف الدول العربية والأفريقية.
اترك تعليق