الخونة حاولوا شق الصف بـ "منشور فتنة غبى" .. والمصريون لقنوهم درساً فى الوعى والوطنية
الحذر مطلوب .. فالأعداء لن يتوقفوا عن بث شائعات لخدمة أغراضهم الخبيثة
مع الأسف مازال هناك من يشكك فى الإنجازات الاقتصادية.. على الرغم من لغة الأرقام وشهادات المنظمات والمؤسسات الدولية
بقلم/أحمد سليمان
[email protected]
قديماً قالوا " لا تعط بالاً لمن لا بال له" ، أى لا تعر اهتماماً لمن فقد العقل والتفكير السوى والمنطق السليم فى تفسير الأمور، وسار بفكره السقيم فى اتجاه اللاعقل واللامنطق ومخالفة واقع الحال وما يقر به البشر من أسوياء الفكر.
وكلنا يعرف الواقعة الشهيرة للإمام أبى حنيفة النعمان التى صارت مثلاً، ويتندر بها الناس على من يظهر أو يحاول الظهور على خلاف ما يعتقده الناس إما بأقوال عنه أو بمظهر له أو بموقف تم تفسيره خطأ على أنه من ذوى العقل والفكر السوى بينما الحقيقة أظهرته عكس ذلك.
والرواية تقول إن العالم الجليل أبى حنيفة النعمان كان يجلس مع تلامذته في المسجد، وكان يمد رجليه بسبب آلام مزمنة في الركبة، وكان قد استأذن تلامذته فى أن يمد رجليه لهذا العذر، وبينما هو يعطى الدرس جاء إلى المجلس رجل عليه علامات الوقار والحشمة، ويلبس ملابس بيضاء نظيفة، وذو لحية كثيفة، وجلس بين تلامذة الإمام، فما كان من أبى حنيفة إلا أن عَقص رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربَع تربُع الأديب الجليل أمام ذلك الشيخ الوقور وكان الدرس حول دخول وقت صلاة الفجر، والامتناع عن الأكل والشرب فى الصيام، وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام، وكان الشيخ الوقور ضيف الحلقة يراقبهم وينظر إليهم، فقال الضيف لأبى حنيفة من دون سابق استئذان: "يا أبا حنيفة إنى سائلك فأجبنى"، فشعر أبو حنيفة بأنه أمام سائل ربّانى ذى علم واسع واطلاع عظيم فقال له: "تفضل واسأل".
قال الرجل: "أجبنى إن كنت عالماً يُعتمد عليه فى الفتوى، متى يفطر الصائم؟، ظن أبو حنيفة أن السؤال فيه مكيدة فقهية أو معنى عميقاً لا يدركه علمه، فأجابه بحذر: " يُفطر إذا غربت الشمس"، فقال الرجل ووجهه ينطق بالجد والحزم والعجلة، وكأنه وجد على أبى حنيفة حجة بالغة وخطأً فقهياً : "وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يفطر الصائم؟".. هنا تكشّفت الأمور، وظهر ما فى الصدور، وبان ما وراء الزى الوقور فقال أبو حنيفة قولته المشهورة التى صارت مثلاً: " آن لأبى حنيفة أن يمد رجليه".
أقول هذا بمناسبة اهتمام الكثيرين بالرد على ذوى العقول الفارغة من المشككين فى كل إنجاز يحدث على أرض مصر، على الرغم من أن هذه الانجازات ملء السمع والبصر ويشهد بها الأعداء قبل الأصدقاء، ولكن لأن هناك الكثيرين من مرضى النفوس، وقصيرى النظر، وفاقدى الوعى والبصيرة يشككون فى كل خير يتدفق على هذا الوطن، ويريدون له الانكسار، ويتمنون رؤيته كغيره من أوطان كثيرة انهارت وشُرد أهلها، فإننا لا ننتظر من هؤلاء كلمة صدق ولا شهادة حق، ولا إقراراً بواقع، فهم كغيرهم من المغيبين عمداً أو جهلاً لا يريدون لمصر الخير ، أى خير.
ومع كل أسف أن من بين هؤلاء مثقفين، وأصحاب رأى، وإعلاميين، المفترض فيهم توجيه الرأى العام والتدقيق فيما يبثون من أخبار أو منشورات على صفحاتهم الشخصية بوسائل التواصل والتحقق منه، ولكن لأنه "إذا عرف السبب بطل العجب" فإنه بالبحث خلف كل شخصية من هذه الشخصيات تجد لها غرضاً ، و"لعن الله الغرض"، عندما يشكل رأياً أو يوجه فكراً أو يحرك عقلاً، فـ "الغرض مرض" يصيب صاحبه بالكذب والبهتان والافتراء والوقيعة بين الناس وتشكيك العامة فى كل ما تراه أعينهم، ويحاولون تكذيب الواقع وتشويه الحقائق، وتقودهم هذه الحال إلى افتراء الروايات وتأليف القصص واختلاق التفسيرات وإطلاق الشائعات تنفيذاً لغرضهم المريض، وبالهم المفقود، ورؤيتهم المشوهة.
وأكبر مثال على ذلك "منشور الفتنة الغبى" الملئ بالأخطاء اللغوية، الذى انتشر على وسائل التواصل منذ يومين حاملاً عنوان (قرار جمهورى) والذى حاول ناشروه بث الفتنة بين أفراد الشعب والوقيعة بين المصريين بمختلف فئاتهم من جهة وقواتهم المسلحة من جهة أخرى، ولكن كانت ردود أفعال المصريين تجاه هذا المنشور أبلغ رد على ناشريه ومروجيه الذين لقنهم المصريون درساً فى الوعى والوطنية والانتماء وحب الوطن، فقد انبرى المصريون الذين قرأوا هذا المنشور بتكذيبه واتهام ناشريه بمحاولة الوقيعة والفتنة بين أفراد وفئات الشعب المصرى، نظراً لمخالفته العقل والمنطق وواقع الحال وما يعرفونه عن السيد رئيس الجمهورية وعدم تمييزه بين المصريين بمختلف فئاتهم، وتأكيده الدائم على أن القوات المسلحة المصرية قوات شريفة لا تعتدى ولا تأمر باعتداء، وأنها جسدت ملحمة وطنية مع المصريين أثناء وبعد أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011، وحتى اليوم وسوف تستمر على هذا النهج للأبد بإذن الله، فعلاقة الحب والاحترام والتقدير والاعتزاز متبادلة بين الشعب المصرى وقواته المسلحة.
إن درجة الوعى التى وصل إليها المصريون بقدر ما أفحمت وصدت الهجمة وكشفت الأدعياء ومثيرى الفتنة وأعداء الوطن أسعدتنا وجعلتنا مطمئنين على وعى المصريين وفهمهم لما يدور من حولنا، ولكن لأن أعداء الوطن لن يتوقفوا عن بث الفتنة ومحاولة شق الصف بين المصريين فإنه لزم التأكيد على ضرورة الانتباه واليقظة أمام كل ما نقرأ ونشاهد على وسائل التواصل الاجتماعى مهما كان المنشور متضمناً على كلمات توحى بوطنية ومصرية من وضع هذا المنشور، لأن وضع السم فى العسل أصبح وسيلة أعداء الوطن لإقناع قليلى الثقافة والوعى بما يبثون من سموم.
واتصالاً بما سبق فإننا لو أخذنا الانجازات الاقتصادية التى حدثت فى مصر خلال الأعوام والأشهر بل والأيام القليلة الماضية وما تبعها من شهادات متتالية من المنظمات ووكالات التصنيف والمؤسسات الاقتصادية العالمية التى تشيد وتؤكد سلامة السياسات الاقتصادية المصرية ومعدلات أداء الاقتصاد المصرى لتأكدنا أن مجرد الرد على من ينكر كل هذه التقارير وكل تلك الانجازات يمثل حرثاً فى الماء ومضيعة للوقت والجهد وإعطاء بال لمن لا بال له.
الحكومة أطلقت الحزمة الثانية من التيسيرات والتسهيلات الجمركية والضريبية لبيئة الأعمال فى مصر والمستثمرين المصريين والعرب والأجانب، وزادت الصادرات المصرية لتتجاوز رقم الأربعين مليار دولار، وزاد رصيد الاحتياطى المصرى من العملات الأجنبية ليتجاوز الخمسين مليار دولار، وزادت الاستثمارات الأجنبية فى مصر إلى رقم غير مسبوق جعلها تتصدر قائمة الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية فى قارة أقريقيا للعام الثالث على التوالى بمبلغ 47 مليار دولار عام 2024 والتخطيط للوصول بهذا الرقم إلى 60 مليار دولار خلال العام المقبل ومضاعفة هذا الرقم خلال عام 2027، مع طرح أكثر من حزمة حماية اجتماعية خلال فترات متقاربة مع اقتراب تطبيق حزمة حماية اجتماعية جديدة، واستقرار سعر صرف العملات الأجنبية وانخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى عند رقم سبعة وأربعين جنيها وكسور، واستمرار الانخفاض ولو بمعدلات بسيطة، واستقرار اسعار السلع وتوافرها، وزيادة عدد السياح بمقدار 3 ملايين سائح، وزيادة المشروعات المقامة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وتوطين الصناعات أياً كان نوعها، وزيادة أطوال أرصفة الموانئ التجارية وأعماقها لاستيعاب السفن والحاويات العملاقة، وزيادة الايرادات الضريبية بمقدار 600 مليار جنيه دون فرض ضرائب جديدة، كل ذلك يحدث مع الالتزام بسداد حصص خدمة الديون بانتظام، وغير ذلك من انجازات اقتصادية يراها ويشاهدها ويتابعها العالم كله، ولكن لا يراها عديمو البصر والبصيرة من أعداء الوطن.
اترك تعليق