يقول الله تعالي "لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُون" "الواقعة 79"
الآية وردت في سياق "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمى لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمى إِنَّهُ لَقُرْآنى كَرِيمى فِي كِتَابي مَّكْنُوني لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" إذن الحديث عن القرآن الكريم في مواقع النجوم في اللوح المحفوظ قبل أن ينزل إلي الأرض. هنا "لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" أي القرآن لا يصل إليه إلا الملائكة المطهّرون بمعني لا تصل إليه الشياطين ولذلك قال في الآية التي بعدها "تَنزِيلى مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ" "80" إذن رب العالمين هو الذي نزل به من مواقع النجوم إلي السماء الدنيا ثم من السماء الدنيا إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهذا نفي لما كان يدّعيه المشركون. المقدم: لا يمسه إلا المطهرون يعني القرآن الكريم في اللوح المحفوظ والمقصود بالمطهّرين هم الملائكة.
إذن ليس المطهرون هنا يعني المرأة في فترة الحيض كما نقرأ علي بعض المصاحف "لا يمسه إلا المطهرون".
المطهّر غير المتطهر. المطهّر خلقة.. فالملائكة مطهرون خِلْقة "لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"پ "التحريم: 6" لكن الإنسان يكتسب الطهارة بالوضوء بالماء بالاغتسال هذا متطهر ولذلك قال "إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة 222).
لكن ابن تيمية له رأي يقول إذا كان القرآن في مواقع النجوم لا يمسه إلا المطهرون من الملائكة قال "بِأَيْدِي سَفَرَةي"پ كِرَامي بَرَرَة "عبس: 15: 16" إذن هم يستطيعون الوصول إليه ويمسونه، يقول ابن تيمية إذا كان القرآن في مواقع النجوم لا يمسه إلا المطهرون من الملائكة فمن باب الإشارة لا من باب العبارة "دلالة الإشارة أقل من دلالة العبارة" كذلك في الأرض لا ينبغي أن يمسّه إلا من تطهر، هناك معني إشاري آخر، يقول الراغب الأصفهاني "لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" يعني لا يصل إلي حقيقة معانيه إلا من طهرت قلوبهم، يعني لا يمس حقيقة معانيه إلا من طهرت قلوبهم.. إذن صار لدينا ثلاثة معاني: معني أنه في اللوح المحفوظ لا يصل إليه إلا الملائكة والمعني الثاني أنه كذلك ينبغي أن يكون في الأرض لا يقترب منه إلا المتطهرون، والمعني الثالث أن الذي يريد أن يصل إلي حقائق معاني القرآن عليه أن يكون طاهر القلب.
من لطائف العرب
أتي هشام بن عبد الملك جماعة من الشعراء. فلما عرف عُروة بن أُذينة بينهم. قال له: ألست القائل:
لقد علمت وما في الإسراف من خُلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعي له فَيُعَنِّيني تَطَلّبُه ولو قعدت أتاني لا يُعَنِّيني
فقال له: نعم. فقال: أفلا قعدت في بيتك حتي يأتيك رزقُك؟ فخرج عروة من وقته وركب راحلتَه وسار راجعاً نحو الحجاز، فمكث هشام غافلاً عن الشعراء يومَه، فلما كان من الليل أرق في فراشه، فتذكر قوله لعروة بن أذينة.. فلما أصبح سأل عنه فأخبروه بانصرافه، فدعا بمولي له وأعطاه ألفي دينار وقال له: الحَق بهذه ابن أُذينة، فسار إليه فلم يُدركه إلا وقد دخل بيته، فأعطاه المال
فقال: أبلغ أمير المؤمنين السلام وقل له:
كيف رأيت قولي“ سعيت فأكدَيت. ورجعت إلي بيتي فأتاني الرزق.
اترك تعليق