كانت تظن أن المصريين غير قادرين علي القيام بالحرب،
وذلك بعدما أكدت المخابرات الإسرائيلية عدم قدرة القوات المحتشدة على تنفيذ أى هجوم، وأن الأمر لا يتعدى المناورات المعتادة.. ولا توجد ضرورة لاستدعاء الاحتياطى، وتمضى جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة فى اعترافاتها بقولها: «ولم يفكر أحد فى أن الحرب وشيكة الوقوع»، وفي نفس الوقت كانت القيادة العسكرية المصرية تجري خطط للتمويه، حتي جاء يوم الحسم والانتصار في ٦ من أكتوبر عام ١٩٧٣.
المرأة الحديدية
بدأت مائير والملقبة بـ "المرأة الحديدية" اعترافاتها فى أول أيام حرب اكتوبر 1973، أن الحرب كانت كارثة ساحقة وكابوس على اسرائيل وسيظل باقيا معي علي الدوام.
فى صباح اليوم السادس من أكتوبر، تلقت جولدا مائير معلومات بأن المصريين والسوريين سوف يشنون هجوماً مشتركا فى وقت متأخر من بعد ظهر نفس اليوم، وعلى الفور عقدت مائير اجتماعا لمطبخها السياسي جرى خلاله من جديد، ولكن كان هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذى خذلتنا فيه قوتنا الأسطورية على التعبئة بسرعة.
وتتحدث مائير.. فى اعترافاتها عن اليوم الثاني للحرب لا اظننى سوف انسى ذلك اليوم الذى سمعت فيه أسواء التقديرات المتشائمة ففى عصر يوم 7 أكتوبر، عاد موشى ديان من إحدى جولاته على الجبهة وطلب مقابلتى على الفور ليبلغنى بأن رأيه أن الموقف فى سيناء قد وصل إلى درجة من السوء تحتم علينا أن نقوم بانسحاب جذرى وإقامة خط جديد للدفاع وقد استمعت إليه فى فزع.
وقال دايان: كان المصريون قد عبروا القناة وكانت قواتنا فى سيناء التى قد تحطمت وكان السوربون قد تغلبوا فى عمق مرتفعات الجولان وكانت الخسائر على كلتا الجبهتين مرتفعة جدا.
وأكدت.. لقد شنت علينا هذا الحرب بأسلحة مفزعة مثل الصواريخ المضادة للدبابات التى كانت تحيل الدبابات إلى لهيب مشتعل وتعجن اطقمها داخلها إلى درجة يستحيل معها التعرف على هوياتهم.
وأضافت كان التفوق علينا ساحقا من الناحية العددية سواء فى الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أوالجنود، وكنا نقاسى من انهيار نفسى عميق ولم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت لها الحرب فقط ولكنها فى حقيقة أن معظم تقديراتنا الأساسية ثبت خطؤها، فقد كان إحتمال الهجوم فى أكتوبر ضيلا.
وكان يقيننا بأننا سنحصل على الإنذار الكافى قبيل الهجوم وكنا نؤمن بأن فى استطاعتنا منع المصريين من عبور قناة السويس.
وتصل مائير فى اعترافاتها إلى اليوم الخامس 11 من اكتوبر، وهو اليوم الذى هرعت فيه إلى الولايات المتحدة تستصرخها، ثم تشير إلى حديثا مع السفير الاسرائيلي فى واشنطن فى الساعة الثالثة صباحا، اين الجسر الجوى لإنقاذانا ولماذا لم يبدأ بعد.
ورد السفير لا يمكن أن أتحدث مع اى من المسؤلين لأن الوقت مازال مبكر للغاية، وصرخت مائير فى غضب لا يهمنى ما هى الساعة الآن أطلب كيسنجر حالا نحن فى حاجة إلى النجدة اليوم.
وتحدثت مائير عن الجسر الجوى الأمريكى فتقول: إن هذا الجسر الجوي لا يمكن تقدير قيمته أنه لم يرفع روحنا المعنويه فقط، ولكنه ساهم فى توضيح الموقف الأمريكى أمام الاتحاد السوفيتي، وساعدنا كثيرا من الناحية العسكرية، وقد بكيت لأول مرة منذ بداية الحرب عندما علمت أن الطائرات الأمريكية وصلت مطار اللد.
وأكدت مائير أن موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتئذ قد عرض عليها تقديم استقالته ثلاث مرات.
المرة الأولى: فى اليوم الثانى للحرب عندما جاءها ديان إلى مكتبها واغلق الباب خلفه ثم وقف أمامها يسأل هل تريدين أن اقدم استقالتى.
المرة الثانية: قبل وقف إطلاق النار الثانى استقال وزير الدولة الإسرائيلي احتجاجا على عدم إقالة ديان فقد ذهب اليها ليقول إذا كنت تريدين منى أن استقيل فأنا على استعداد.
والمرة الثالثة: بعد صدور تقرير لجنة اجرانات الذى تضمن تحقيقاتها حول حرب اكتوبر وبالتحديد فى 4 ابريل عام 1974 عندما ابلغها ديان استعدادا الاستقالة.
وتعقب مائير على استقالات ديان الثلاث قائلة أننى اعرف ماذا كان شعور ديان فقد كان متشائما إلى حد كبير طوال الايام الاولى للحرب وكان يريد أن يهيء الشعب الإسرائيلي لمواجهة تدهور الموقف.
اترك تعليق