كان النبي ﷺ رؤوفاً رحيماً وكان معلماً للناس في شؤون دينهم ودنياهم، يرشدهم إلى ما يخفف عنهم المشقة ويعينهم على مواجهة الصعاب، ومما ييسر لهم أمور حياتهم في الحضر وفي السفر، وفي وقت اليسر والعسر.
وتذخر السنة النبوية المطهرة على الكثير من الأحاديث الصحيحة والمواقف الإنسانية النبيلة بين رسول الله ﷺ وبين أصحابه بل والناس جميعا التي تدل على ذلك.
فقد روي عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: (شَكَا نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالنَّسَلاَنِ فَنَسَلَّنَا فَوَجَدْنَاهُ أَخَفَّ عَلَيْنَا) أخرجه ابن خزيمة وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة
يوجه النبي ﷺ في هذا الحديث الشريف أصحابه رضوان الله عليهم إلى "النسلان" عند المشي في السفر، وهو جري خفيف يخفف التعب ويُيسر السير، في مشهد يجسد رحمته وبصيرته التربوية.
والموقف هنا أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كانوا مسافرين، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعبهم من المشي، وفي رواية ابن خزيمة أن ذلك كان في عام الفتح، فطلبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالنسلان.
والنسلان هو مقاربة الخطوات مع الإسراع، فهو جري خفيف، وعند ابن خزيمة: «استعينوا بالنسل؛ فإنه يقطع عنكم الأرض، وتخفون له»، فلما فعلوا ذلك، وأسرعوا خطواتهم، وجدوا ذلك أخف عليهم، وأيسر في السير، وذهب عنهم التعب.
وذلك لأن مقاربة الخطوات في السفر، ومع المشي الكثير تكون أرفق بالإنسان وبأعضائه، ويكون خفيفا، ولا تستهلك طاقته مثل مباعدة الخطوات التي ترهقه.
والله سبحانه وتعالى أعلم
اترك تعليق