في عمق الجنوب المصري. حيث تلامس الجبال الشاهقة رمال الصحراء. تقع محمية جبل علبة الطبيعية. التي تعد من أغني النظم البيئية في مصر. هناك. لا تقتصر الحياة علي الغزال والتيتل والكبش الأروي. بل تمتد لتشمل طيورًا ونسورًا نادرة. جعلت من هذه المنطقة نقطة جذب للباحثين والمصورين ومحبي الحياة البرية.
قال علي حامد. الباحث البيئي بمحمية جبل علبة. إن المحمية تحتضن أكثر من 23 نوعًا من الثدييات. منها المهدد بالانقراض كـ"الكبش الأروي". "والتيتل". و"النمر الإفريقي". كما تم توثيق 40 نوعًا من الزواحف. و173 نوعًا من الطيور. بعضها من الطيور المقيمة. والبعض الآخر مهاجر موسمي.
أضاف أن أهم الطيور النادرة بجبل علبة نسر أذون.. سيد السماء من أضخم النسور التي تجوب سماء علبة. ويُعرف بقدرته علي تمزيق الجيف بفضل منقاره القوي. يمتد جناحاه حتي 260 سم. ويعشش علي أشجار الأكاسيا مثل "السمر" و"السيال". يعتبر هذا النسر رمزًا للقوة في البيئة الجبلية.. وتمير لامع.. طائر الزهور الراقص ويمتاز بألوانه الزاهية وسرعة طيرانه. ويتغذي علي رحيق الزهور وخصوصًا "النجم الذهبي". بالإضافة إلي الحشرات. هذا الطائر الجميل يتواجد في المناطق الدافئة من إفريقيا والجزيرة العربية. لكنه نادر في شمال مصر. ولا يظهر إلا في محمية علبة والقطا كستنائي البطن.. الزائر الخجول وهو طائر صغير الحجم. يبدو كأنه جزء من الصحراء بلونه الرملي. ويمتاز بريش ذيل طويل. يعيش في الصحاري المفتوحة. ويتغذي علي الحبوب واللافقاريات. شوهد لأول مرة بمحمية علبة عام 2013. بعد أن أعيد اكتشافه في مصر بواسطة فريق ألماني عام 2012.
والغراب أبيض العنق.. الزائر الإفريقي وهو من أكثر الغربان انتشارًا في إفريقيا. لكنه نادر في مصر. تمت مشاهدته في محمية علبة لأربع سنوات متتالية بين 2016 و2019. ويعيش بالقرب من التجمعات البشرية. لكن دون الاعتماد الكامل علي البيئة الحضرية.. أما الرخمة المصرية.. طائر القمم المنسي يعد من الطيور المقيمة في محمية علبة. وغالبًا ما يُري علي المنحدرات الجبلية يتغذي علي الجيف. يتميز بلونه الأبيض مع أطراف سوداء للبالغين. أما الصغار فلونهم أسود في البداية بسبب اعتماده علي البقايا. أطلق عليه العرب اسم "الرخمة" ووصفوه بالكسول.
أكد حامد أن محمية جبل علبة جنة خفية علي الخريطة البيئية ما يجعل محمية جبل علبة فريدة ليس فقط تنوعها البيولوجي. بل تكامل النظام البيئي فيها. حيث تعيش الطيور والزواحف والثدييات في انسجام تام. وتوفر المحمية بيئة طبيعية مثالية للبحث العلمي. ومصدر إلهام لعشاق التصوير والطبيعة.. بينما يعلو نسر أذون في السماء. ويغني التمير اللامع بين الأزهار.
أشار حامد تساهم نسور الاذون بدور فعال في التخلص من الجيف فهي تتميز بحاسة شم للحيوانات الميتة بمسافة ميل ومنها يتغذي علي العظام مثل النسر الملتحي وكوسيلة وقائية تسطيع النسور استرجاع ما في بطونها وتعاد التغذية عليه والعديد منها مدرج في القائمة الحمراء كأنواع مهددة بالأنقراض .ويقوم باحثو البيئة في المحمية يجهود كبيرة للحد والمنع من اعمال الصيد للنسور ومختلف الطيور الجارحة حتي توقفت تماما أي مخالفات صيد منذ فترة وعادت الطيور الجارحة للظهور والتحليق بمناطق متفرقة من محمية جبل علبة جنوب البحر الأحمر.
وقال يكاد يكون نسر أذون لا يوجد في أي منطقة داخل مصر إلا في محمية "جبل علبة". إذ تتوافر ظروف تواجده واستقراره وتم رصده وتصويره عدة مرات إلا انه يوجد في الكثير من دول إفريقيا علي الرغم من أنه غائب عن الكثير من الأجزاء الوسطي والغربية من القارة وتراجع في أماكن أخري من مجموعتها.ويعتمد نسر "اذون" في معظم تغذيته علي جثث الحيوانات التي يعثر عليها عن طريق البصر أو من خلال مشاهدة النسور الأخري. وغالبا ما تجد الجيف خاصة الجمال التي تنفق في رحلات الدبوكة من تلقاء نفسها وتبدأ تمزقه من خلال الجلد.
وأوضح حامد يعد نسر اذون من اقوي واكثر عدوانية من النسور الافريقية. وقد تتنازل النسور الأخري عادة عن الذبيحة إلي نسر اذون اذا قرر فرض نفسه وتصل المسافة بين جناحي هذا الطائر إلي 260 سم ويصل طول منقاره إلي نحو 10 سم وهو نوع ارتبط بالإلهة "نخبت" في معابد الفراعنة بصعيد مصر وهي حامية الملك.. وقد تناقصت أعداد هذا النوع علي مر القرون واختفي من أجزاء كثيرة في مصر ولم يتبقي إلا في محمية جبل علبة ويبني عشه الضخم عادة علي شجيرة السنط المنتشرة بالمحمية وأزواج النسر الأوذون في كثير من الأحيان عليها بناء عش واحد فقط. علي الرغم من أنه من الشائع أن يكون لها من 1-3 أعشاش التي تستخدم بالتناوب سنة بعد سنةحيث تبني اعشاسها علي اشجار الاكاشيا مثل السمر والسيال.. وتظل محمية جبل علبة شاهدًا حيًا علي ثراء البيئة المصرية وما زالت هذه الجوهرة الطبيعية بحاجة إلي مزيد من الاهتمام والحماية. لتظل مأويً آمنًا للطيور النادرة والكائنات البرية المهددة.
اترك تعليق