ثبت بالنص الصريح تبشير بعض النساء بالجنة. ومنهنَّ: آسيا بنت مزاحم. امرأة فرعون.. وقد منّ الله تبارك وتعالي عليها بكفالة نبيه موسي عليه السلام صغيرا. وقد آمنت به كبيرا. كما أعانها عز وجل علي تحمل الأذي في سبيل ثباتها علي الدين. فكان ثوابها عند الله عظيما. فالقرآن الكريم حدثنا عن موقف مشرف لهذه المرأة قبل إيمانها في دفاعها عن نبي الله موسي عليه السلام لدي فرعون واستيعابها له حين أراد فرعون قتله. وهو الذي جعلها سببا رئيسا في نجاته من القتل والإبقاء علي حياته. وقد كبر بعد ذلك وبعثه الله رسولا. وكان هلاك فرعون ونجاة بني إسرائيل علي يديه.
وبسبب فضل آسيا زوجة فرعون وعلو شأنها ورفعة مقامها في الدنيا والآخرة. عدها رسول الله صلي الله عليه وسلم من النسوة الكاملات. ومن خير نساء العالمين وأفضل نساء الجنة. فعن أبي موسي الأشعري قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير. ولم يكمل من النساء إلا آسيا امرأة فرعون ومريم ابنة عمران. وإن فضل عائشة علي النساء كفضل الثريد علي سائر الطعام.. وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال خط رسول الله صلي الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط. ثم قال: تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد. وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران. وآسيا بنت مزاحم. امرأة فرعون.
جاء في كتاب الله تعالي "قُرَّتُ عَيْني لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَي أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا". وكان هذا علي لسان آسيا. ففي الوقت الذي التقط فيه آل فرعون تابوت موسي عليه السلام من الساحل وحملوه إلي فرعون. وقفت امرأة فرعون تدافع عن الطفل الصغير وتذب دونه وتحبب آل فرعون. وقد حنن الله قلبها عليه وعطفه وحببه إليها كأشد ما يكون الحب "قُرَّتُ عَيْني لِّي وَلَكَ". فرجت نفعه وتوسمت فيه الخير. فتركه فرعون. وكان موسي عليه السلام سببا في انتفاعه به وإنقاذها من الكفر إلي الإيمان ومن الضلال إلي النور. ورفع منزلتها ومقامها في الدنيا والآخرة.
وقد صبرت آسيا علي تكاليف الإيمان وتعرضت للأذي والتعذيب. وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس. فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها. وكانت تري بيتها في الجنة.. فقد رأت النور بقلبها فعذبها فرعون. ولكنها صبرت وتعلقت بالله تعالي وناجته ودعته فاستجاب الله دعاءها. قال تعالي "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا للَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ".. فقد كانت آسيا بنت مزاحم نموذجا في الثبات وصلابة الإيمان وقوة المعتقد. ولم يضرها كفر زوجها وطغيانه.
اترك تعليق