رئيس مجلس الإدارة
طارق لطفى
رئيس التحرير
أحمد سليمان
لماذا أوصى النبي ﷺبالدعاء بالعفو فى ليلة القدر ولما أخفاها
أخفى الله تعالى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ليجتهد الناس في الأعمال الصالحة التي تُقرّبهم منه، وليتميز الجادّون في طلبها. قال ابن القيم رحمه الله: "لو كانت ليلة القدر ليلة واحدة بالسنة لقمت السنة حتى أدركها، فمـا بالك بعشر ليال؟"
وقد ورد في سنن الترمذي وابن ماجه ومسند الإمام أحمد، أن السيدة عائشة رضي الله عنها سألت النبي ﷺ: "يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ، ما أقولُ فيها؟" فقال لها: "قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي."
وبيّن العلماء أن النبي ﷺ أوصى أمته بطلب العفو في هذه الليلة العظيمة لأربعة أسباب رئيسية:
_ لأن عذاب الله شديد لا يطيقه أحد، فقد ورد في صحيح مسلم أن النبي ﷺ عاد رجلًا مريضًا، فوجده ضعيفًا جدًا، فسأله: "هل كنتَ تدعو بشيء؟" فقال: "نعم، كنتُ أقول: اللهمَّ ما كنتَ معاقبي به في الآخرة، فعجّله لي في الدنيا." فقال له النبي ﷺ: "سبحان الله! لا تُطيقه! أفلا قلتَ: اللهمَّ آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذابَ النار؟"
_ لأن طلب العفو كان من دعاء الأنبياء، فقد دعا به موسى عليه السلام حين قال: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (القصص: 16).
_ لأنه دعاء الملائكة للمؤمنين، كما قال تعالى: "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ" (غافر: 7).
_لأن العفو مقرون بالذنوب العظيمة، فقد ورد في القرآن الكريم أن الله تعالى عفا عن بني إسرائيل رغم إسرافهم في الذنوب، فقال: "فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا" (النساء: 153).
لذلك، كان النبي ﷺ يوجّه أمته للإكثار من دعاء العفو والمغفرة في ليلة القدر، فهي ليلة تتنزل فيها الرحمات، وتُكتب فيها الأقدار، فمن حظي بعفو الله، نال خير الدنيا والآخرة.
اترك تعليق