عند الحديث عن حكم صيام من يفقد تركيزه أثناء العمل، نستشهد ببيان دار الإفتاء المصرية في فتواها المتعلقة بجواز إفطار الطالب في وقت الامتحانات، والتي صدرت تحت عنوان "فتوى الضرورة"، حيث أفادت:
"يجوز الفطر للطالب الذي يخشى على نفسه الضعف والرسوب بسبب اضطراره للمذاكرة، وذلك إذا كان هناك ضررٌ حقيقيٌّ غيرُ متوهَّمٍ من الصيام."
وأكدت الفتوى أن صيام رمضان واجبٌ على كل مسلم مكلَّف، صحيح، مقيم، وأن الواجبات الشرعية منوطةٌ بالقدرة والاستطاعة؛ فإذا عجز المكلف عن الصوم أو لحقته منه مشقةٌ شديدةٌ لا قدرة له على تحملها، جاز له الإفطار شرعًا، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى:
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (البقرة: 286)
وقوله ﷺ:
"دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ". (متفق عليه)
أوضح العلماء في مسألة فقدان التركيز أثناء العمل أن الأصل هو أن يُبَيِّت المسلم نية الصيام، ويبدأ يومه صائمًا، فإن شعر بمشقة شديدة، بحيث بلغ به الحال إلى فقدان التركيز لدرجة تؤدي إلى الإخلال بالعمل -وكان لا يمكنه الاستغناء عنه- فيجوز له حينها أن يُفطر، على أن يقضي هذا اليوم لاحقًا.
وقد استشهد العلماء بقول البهوتي في "شرح منتهى الإرادات":
"ومن صنعته شاقة، وتضرّر بتركها، وخاف تلفًا؛ أفطر، وقضى".
و الخلاصة: أن من يفقد تركيزه أثناء العمل بسبب الصيام عليه أن يصبر ويحتسب، إلا إذا بلغ به الأمر إلى حد المشقة الشديدة والإضرار بعمله الذي لا يمكنه الاستغناء عنه، فله أن يُفطر، مع وجوب قضاء اليوم لاحقًا.
اترك تعليق