في مِثْلِ هذا اليومِ –الحادي والعشرِينَ منْ ديسمبر عامَ 1956م، المُوافِقِ التَّاسعَ عَشَرَ مِنَ جُمادَى الأولى سنةَ 1376هـ- تُوُفِّيَ الشَّيخُ العلَّامةُ محمد عبد الفتاح العناني مصطفى، الفقيهُ، الأصوليُّ وُلِدَ فضيلتُه في الخامسِ مِنَ المُحرَّمِ سنةَ 1296هـ، المُوافِقِ الحاديَ والثَّلاثِينَ منْ ديسمبر عامَ 1878م، بقريةِ طحلةَ، التَّابعةِ لمركزِ طوخٍ -آنذاكَ- بمُحافَظةِ القليوبيَّةِ.
حفظَ القرآنَ الكريمَ في سنٍّ صغيرةٍ، ثمَّ التحقَ بالجامعِ الأزهرِ الشَّريفِ عامَ 1892م، وكانَ منْ مُجاورِي حارةَ البشابشةِ، وقدْ كانَ للأزهرِ وقتَها ثلاثَ عشْرةَ حارةً مُلحَقةً بالأزهرِ الشَّريفِ، وتقعُ حارةُ البشابشةِ في ظهرِ رُواقِ المغاربةِ، وتلقَّى علمَيِ النَّحوِ والفقهِ المالكيِّ على الشَّيخِ شعيب حسين المالكيِّ، وقدْ شهدَ له شيخُه وغيرُه بالمُواظبةِ على العلمِ، والاجتهادِ في طلبِه، كعادةِ الطَّلبةِ المُجاورِينَ بالجامعِ الأزهرِ.
عُيِّنَ مُدرِّسًا بمعهدِ الإسكندريَّةِ عامَ 1907م، وفي عامِ 1922م اختِيرَ في لجنةٍ لوضعِ كُتُبٍ لوزارةِ الأوقافِ؛ لنشرِ الدَّعوةِ، وطبعَتِ اللَّجنةُ كتابَ: «الفقهُ على المذاهبِ الأربعةِ»، وهو كتابٌ مشهورٌ مُتداوَلٌ.
وحينَما أُنشِئَتِ الجامعةُ الأزهريَّةُ عامَ 1930م، وَقَعَ الاختيارُ على فضيلتِه للتَّدريسِ بكُلِّيَّةِ الشَّريعةِ.
نالَ فضيلةُ الشَّيخِ محمد عبد الفتاح عناني عُضويَّةَ هيئةِ كبارِ العُلماءِ بالأمرِ الملكيِّ رَقْمِ (18)، الصَّادرِ باسمِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ فاروقٍ الأوَّلِ، مَلِكِ مِصرَ، صدرَ بسراي عابدين في الخامسِ والعشرِينَ منْ ذي الحِجَّةِ سنةَ 1355هـ، المُوافِقِ الثَّامنَ منْ مارس عامَ 1937م.
انتُخِبَ الشَّيخُ العناني شيخًا للمالكيَّةِ بالجامعِ الأزهرِ عامَ 1940م، كما عُيِّنَ فضيلتُه في العامِ نفسِه عُضوًا في المجلسِ الأعلى للأزهرِ الشَّريفِ، وفي العامِ التَّالي عُيِّنَ فضيلتُه شيخًا لكليَّةِ أصولِ الدِّينِ، ثمَّ أصبحَ رئيسًا عامًّا لتفتيشِ العُلومِ الدِّينيَّةِ والعربيَّةِ للمعاهدِ الدِّينيَّةِ، ثمَّ أصبحَ رئيسًا للجنةِ الفتوى بالأزهرِ الشَّريفِ، كما أنَّه كانَ عُضوًا بلجنةِ العُلومِ الدِّينيَّةِ بدارِ الكتبِ المِصريَّةِ.
من تلامذةِ الشَّيخِ العنانيِّ: الشَّيخُ أحمد فهمي أبو سنة، الَّذي ذَكَرَ فضيلةَ الشَّيخَ العنانيَّ ضمنَ اللَّجنةِ المُؤلَّفة لإجازةِ رسالةِ العالِمِيَّةِ (الدكتوراه) عامَ 1941م، وكانَتْ أوَّلَ رسالةِ دكتوراه أزهريَّةِ، كما تتلمذَ على يديه أيضًا العلَّامةُ الأصوليُّ الشيخُ طه عبد الله الدسوقي العربي المالكيُّ.
منْ مُؤلَّفاتِ الشَّيخِ العنانيِّ مخطوطٌ في أصولِ الفقهِ، عنوانُه: «رسالةٌ في القياسِ الأصوليِّ»، كما وَضَعَ فضيلتُه مسائلَ الفقهِ على مذهبِ الإمامِ مالكٍ في كتابِ: «الفقهُ على المذاهبِ الأربعةِ»، وكانَ ضمنَ اللَّجنةِ المُشكَّلةِ منْ قِبلِ مشيخةِ الأزهرِ؛ لوضعِ رسالةِ: «الحجُّ والعُمرةُ على المذاهبِ الأربعةِ».
ظلَّ الشَّيخُ عبد الفتاح العنانيُّ يُواصِلُ عطاءَه بالأزهرِ الشَّريفِ حتَّى وافَتْه المنيَّةُ في التَّاسعَ عَشَرَ منْ جُمادَى الأولى عامَ 1376هـ، المُوافِقِ الحاديَ والعشرِينَ منْ ديسمبر عامَ 1956م.
رَحِمَه اللهُ رحمةً واسعةً، وأنزلَه منازلَ الأبرارِ
اترك تعليق