أكدت دار الإفتاء المصرية استحباب البكاء عند قراءة القرآن الكريم؛ لحديث سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا» أخرجه ابن ماجه في "سننه".
أشارت الإفتاء إلى أن البكاء في حال القراءة من صفات العارفين وعباد الله الصالحين؛ يقول تعالى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: 109].
قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (10/ 341): [﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ﴾ هَذِهِ مُبَالَغَةٌ فِي صِفَتِهِمْ وَمَدْحٌ لَهُمْ، وَحُقَّ لِكُلِّ مَنْ تَوَسَّمَ بِالْعِلْمِ وَحَصَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَنْ يَجْرِيَ إِلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، فَيَخْشَعَ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَيَتَوَاضَعَ وَيَذِلَّ، وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنِ التَّيْمِيِّ قَالَ: مَنْ أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُبْكِهِ لَخَلِيقٌ أَلَّا يَكُونَ أُوتِيَ عِلْمًا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى نَعَتَ الْعُلَمَاءَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ] اهـ.
وقال الإمام الزمخشري في "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" (2/ 699): [﴿وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ أي يزيدهم القرآن لينَ قلبٍ ورطوبةَ عينٍ] اهـ.
وقال الإمام النووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 86): [فصل في البكاء عند قراءة القرآن... البكاء في حال القراءة، وهو صفة العارفين، وشعار عباد الله الصالحين؛ قال الله تعالى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾، وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف؛ فمن ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اقرءوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا».
اترك تعليق