هذا نص الحوار بين الرائد المصرى البطل والقائد الاسرائيلى لحصن لسان بورتوفيق عند استسلامه،. وهذه حكاية "اللبانة"
يشرح المؤرخ العسكرى اللواء محمد فيصل عبد المنعم الذى كان برتبة عقيد بهيئة البحوث العسكرية خلال حرب أكتوبر كيف سقط حصن "لسان بورتوفيق" أو "حصن الرصيف" ببورتوفيق الذى يظهر فى مقطع الفيديو المرفق ، وقد كان هذا الحصن هو آخر ما سقط من حصون خط بارليف لأنه كان خطيراً جداً وكان يوجه نيرانه لمدينة السويس والزيتيات وهو الذى اصاب مدينة السويس وبورتوفيق لأنه كان لديه ستة مدافع عيار 155 مللى وهو من أكبر المدافع متوسطة المدى، وقد تستغرب إذا علمت أن خط بارليف كله سقط خلال 48 ساعة ماعدا هذا الحصن الذى سقط يوم 13 أكتوبر وكان مشكلة المشاكل.
يضيف المؤرخ العسكرى محمد فيصل عبد المنعم فى الكتاب : قررت القيادة أن يظل هذا الحصن وحده للآخر وتم حصاره بواسطة الكتيبة 21 مشاة وظل تحت الحصار حتى يوم 11 أكتوبر حيث صدرت الاوامر بالهجوم عليه، ومن العجيب أن هذا الحصن كان فيه 48 مدفعا رشاشا وذخيرة وإمدادات وأطعمة تكفى جنوده للقتال لمدة شهر كامل ، لكنه لم يصمد أكثر من 48 ساعة منذ بداية الهجوم عليه.
وهذا الحصن كان موجودا وسط المياه أى فى شبه جزيرة وكان الاستيلاء عليه صعبا جدا لأنه كان محاطاً بقضبان حديدية تمنع عنه المياه ونظرا لظاهرة المد والجزر فى مياه القناة فقد كان جنودنا يعانون أثناء الهجوم، فعندما كان يحدث المد لم تكن هناك مشكلة حيث كان الجنود يمسكون بالقضبان الحديدية وترفعهم المياه ويتبادلون اطلاق النيران مع العدو وهم فى المياه، أما عندما يحدث الجزر وتنحسر المياه يصبح جنودنا معلقين فى الهواء ولك أن تتخيل صعوبة هذا الموقف ، فإذا قلنا إن الجندى وزنه مثلا سبعين كيلو جراما ويحمل سلاحا وذخيرة وزنها ثلاثين كيلو أخرى فإن الجندى يكون فى هذه الحالة يحمل مائة كيلو وهو معلق فى الهواء ورغم ذلك ظل الجنود يقاتلون، وكان ذلك خارج توقعات قائد الحصن الاسرائيلى واسمه شلومو أردنيست وهو بولندى الجنسية واستبعد اى هجوم مصرى عليه ولكنه كان خائفا من الحصار المصرى له.
(مذكرات شلومو اردنيست)
وفوجئ هذا القائد بان المواقع التابعة له عن يمينه وعن يساره قد سقطت وكتب هذا القائد فى مذكراته يقول عن هذه اللحظات : يا إلهى إننى أرى علماً مصرياً يرتفع فى الحصن المجاور"، وفى اليوم التالى للهجوم اتصل شلومو أردنيست بقادته وتم التقاط هذا الاتصال وهو يقول لهم: إننى فى ورطة، اين الطيران؟ أرسلوا لنا دبابات،فردوا عليه: لا تأمل فى هذا، فقال: هل أستسلم؟ ردوا عليه متفادين الامر له بالاستسلام قائلين: تصرف حسب الموقف، أطلب حضور منظمة الصليب الاحمر الدولى وقل لضباطك يبتسمون أمام أعضاء الصليب الاحمر".
كان استسلام هذا القائد مشهدا عظيما فقد خرج شلومو أردنيست يجر اذيال الهزيمة ومعه خمسة ضباط و33 جندياً يرفعون اياديهم فوق رؤوسهم وكان قائد الكتيبة المصرية برتبة رائد يقف وخلفه مندوبو الصليب الاحمر ووكالات الانباء الذين تم استدعاؤهم، وعندما شاهد شلومو مندوبى الصليب الاحمر ووكالات الانباء حاول تنفيذ أوامر قائديه بأن يبتسم وكأن الأمر هيناً، فخرج (يمضغ لباناَ) فما كان من القائد المصرى إلا ان قال له بحزم: "أتينشن" أى انتباه ، ثم امره بالقاء اللبانة من فمه وعندما وجد القائد الاسرائيلى ان الأمر ليس تهريجاً اخرج اللباتة من فمه ثم ألقى التحية للضابط المصرى وبعدها أخرج جثث القتلى والجرحى وتسلمهم مندوب الصليب الاحمر.
(من كتاب "ساقية النيران" لمؤلفه الكاتب الصحفى احمد سليمان رئيس التحرير)
اترك تعليق