تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السلمية. صحابية وشاعرة. أدركت الجاهلية والإسلام . ولقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها. واشتهرت بالوفاء وقوة الشخصية وصلابة الموقف. حيث أنها تربت علي ما تتربي عليه فضليات فتيات العرب من الأخلاق . مثل عزة النفس ورعاية البيت وخدمة رجالهن. وزادت علي ذلك كتابتها للشعر فكانت من نوادر شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام.
حين انتشر الإسلام . قدمت علي النبي - صلي الله عليه وسلم - في السنة الثامنة من الهجرة في المدينة المنورة مع قومها بني سليم ومعها بنوها وبني عمها. وأعلنت إسلامها وإيمانها.. وحسن إسلامها. وكان سنها فوق الخمسين.
* ولقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم يستنشدها ويعجب كثيرا بأشعارها: إذ كانت تنشد الأشعار. وهو يقول لها: "هيه يا خنساء" ويومئ بيده.. وقد أبي عليه قلبه الكبير أن يزجرها أو أن يلومها. قدمت الخنساء للإسلام أبناءها الأربعة شهداء في معركة القادسية. فعلي الرغم من بكائها ورثائها الشديد لأخويها صخر ومعاوية. إلا أنه كان لها موقف آخر مع الموت وفراق الأحبة بعد الإسلام. وذلك عندما شاركت في حرب القادسية سنة 15 هجرية مع بنوها الأربع.. حيث قامت بوعظهم وتحريضهم علي القتال وعدم الفرار. وحثهم علي الجهاد بكل قوة. ورافقتهم مع الجيش وكان ذلك
في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد أوصتهم قائلة: يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين. والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد. كما إنكم بنو امرأة واحدة . ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم. ولا هجنت حسبكم "أي لم أعيب حسب عائلتكم" ولا غيرت نسبكم . وقد تعلمون ما
أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية ثم تلت قوله تعالي: "ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" آل عمران.. فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين . فاغدوا إلي قتال عدوكم مستبصرين. وبالله علي أعدائه منتصرين. واذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظي علي سياقها. وجللت نارا علي أوراقها. فتيمموا وطيسها. وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها. تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد المقامة.. فلما أصبحوا باكروا مراكزهم في المعركة وتقدموا واحد بعد واحد ذاكرين وصية أمهم.. ومازالوا حتي استشهدوا جميعا في حرب القادسية. وبلغها الخبر رضي الله عنها من الجيش العائد محملا بالظفر. فلم تجزع ولم تبك ولم تحزن وقالت: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم. وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته" قالتها ولم تزد عليها.. فقد استقبلت ثكل الأبناء صابرة محتسبة مؤكده من صمتها بأنه لا نار في قلبها لمن استشهد في سبيل دينه. وقد يكمن سر جمودها في اطمئنانها إلي نهايتهم المشرفة . ومنزلتهم العظيمة. لأن استشهادهم عن نصر كبير وفتح مبين.
* عرفت الخنساء ببلاغتها وصدق عاطفتها ووضوح معانيها في الشعر والنثر كانت في أول أمرها تقول البيت والبيتين والثلاثة من الشعر. حتي قتل أخويها معاوية وصخر. والتي ظلت تبكيهما خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد رثتهم رثاء حزينا وبالغت فيه حتي أصبحت من أعظم شعراء الرثاء.
* وكان يغلب علي شعر الخنساء البكاء والحزن والأسي وذرف الدموع .. فتقول في رثاء أخوها صخر التي كانت تحبه كثيرا يذكرني طلوع الشمس صخرا - وأذكره لكل غروب شمس - ولولا كثرة الباكين حولي - علي اخوانهم لقتلت نفسي
* وكان لها موقف مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. يدل علي وفائها ونبلها. وذلك عندما أقبل بها بنو عمها إليه. وكانت الخنساء عجوزا كبيرة فقالوا: يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام علي أخويها صخر ومعاوية فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي. فقال لها عمر: اتقي الله وأيقني بالموت. فقالت: أنا أبكي أبي وأخوي صخر ومعاوية. وإني لموقنة بالموت. فقال عمر: ألم يطل بكاؤك علي أخويك ؟ فردت عليه بكيتهما في الجاهلية حبا لهما وحسرة علي فراقهما. فقال: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم . فكأن عمر.
رق لها فقال: "خلوا عجوزكم لا أبا لكم. فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي.. وقد كانت الخنساء من أقوي النساء شعرا أشاد بشعرها عدد كبير من أبرز الشعراء فمنهم من قال. شعر المرأة يبين ضعفها إلا الخنساء. لأنها أقوي من الرجال".
توفيت الخنساء في أوائل خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه عام 24 هجرية - رضي الله عنها
وأرضاها.
اترك تعليق