هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

من قصص التابعين

داود الطائي مثال الزهد والكرم

هو الفقيه الزاهد داود بن نصير الطائي. أبو سليمان الكوفي. ولد بعد المائة بسنوات.. وعده أصحاب الطبقات من الطبقة الوسطي من أتباع التابعين. وروي له النسائي. وقال عنه ابن حجر: ثقة فقيه زاهد.


كان داود الطائي ممن له علم وفقه. وكان يختلف إلي أبي حنيفة حتي نفذ في ذلك الكلام. قال: فأخذ حصاة فحذف بها إنسانًا فقال له: يا أبا سليمان. طال لسانك وطالت يدك. فاختلف بعد ذلك سنة لا يسأل ولا يجيب.

ومن ملامح عبادته أن تُحدِث جارته أم سعيد عن عبادته فتقول: كان بيننا وبين داود الطائي جدار قصير. فكنت أسمع حنينه عامة الليل لا يهدأ. وربما ترنم في السحر بالقرآن. فأري أن جميع النعيم قد جمع في ترنمه وكان لا يسرج عليه.

ويقول حفص الجعفي عن زهده في الدنيا واستغنائه عنها: ورث داود الطائي من أمه أربع مئة درهم فمكث يتقوت بها ثلاثين عاما. فلما نفذت جعل ينقض سقوف الدويرة فيبيعها. وقال عطاء بن مسلم: عاش داود عشرين سنة بثلاث مئة درهم.

وعن قبيصة قال: حدثني صاحب لنا أن امرأة من أهل داود الطائي صنعت ثريدة بسمن ثم بعثت بها إلي داود حين إفطاره مع جارية لها. وكان بينها وبينهم رضاع. قالت الجارية: فأتيته بالقصعة فوضعتها بين يديه في الحجرة. فسعي ليأكل منها فجاء سائل فوقف علي الباب.

فقام فدفعها إليه وجلس معه علي الباب حتي أكلها. ثم دخل فغسل القصعة ثم عمد إلي تمر كان بين يديه. قالت الجارية: ظننت أنه كان أعده لعشائه فوضعه في القصعة ودفعها إلي وقال: أقرئيها السلام: قالت الجارية: ودفع إلي السائل ما جئناه به. ودفع إلينا ما أراد أن يفطر عليه. قالت: وأظنه ما بات إلا طاويا.

ويقول محمد بن بشر: دخلت علي داود الطائي المسجد فصليت معه المغرب. ثم أخذ بيدي فدخلت معه البيت. فقام إلي دن له كبير فأخذ رغيفا منه يابسا فغمسه في الماء ثم قال: ادن فكل قلت: بارك الله لك فأفطر فقلت: يا أبا سليمان. لو أخذت شيئا من ملح. فسكت ساعة ثم قال: إن نفسي تنازعني ملحًا ولا ذاق داود ملحًا ما دام في الدنيا. قال: فما ذاقه حتي مات رحمة الله.

وعن حماد بن أبي حنيفة قال: جئت داود الطائي والباب عليه مصفق فسمعته يقول: اشتهيت جزرًا فأطعمتك. ثم اشتهيت جزرًا وتمرًا. ليت ألا تأكليه أبدًا. فاستأذنت وسلمت ودخلت فإذا هو يعاتب نفسه.

إن نفسًا تحمل بين جوانبها هذا الزهد. وتلك العبادة لخليق بها أن تعمل لنصح الآخرين. قال له رجل: أوصني فقال: اجعل الدنيا كيوم صمته. واجعل فطرك الموت فكأن قد والسلام. قال: زدني قال: لا يراك الله عند ما نهاك عنه. ولا يفقدك عند ما أمرك به. قال: زدني قال: ارض باليسير مع سلامة دينك. كما رضي قوم بالكثير مع هلاك دينهم.

يقول حفص بن عمر الجعفي: اشتكي داود الطائي أيامًا. وكان سبب علته أنه مر بآية فيها ذكر النار فكررها مرارًا في ليلته فأصبح مريضًا.

فوجدوه قد مات ورأسه علي لبنة ففتحوا باب الدار ودخل ناس من إخوانه وجيرانه ومعهم ابن السماك. فلما نظر إلي رأسه قال: يا داود فضحت القراء فلما حملوه إلي قبره خرج في جنازته خلق كثير. حتي خرج ذوات الخدور فقال ابن السماك يا داود: سجنت نفسك قبل أن تسجن وحاسبت نفسك قبل أن تحاسب. فاليوم تري ثواب ما كنت ترجو. وله كنت تنصب وتعمل. فقال أبو بكر بن عياش وهو علي شفير: القبر اللهم لا تكل داود إلي عمله. فأعجب الناس ما قال أبو بكر.

ومات سنة اثنتين وستين ومائة. وقيل: سنة خمس وستين ولم يخلف بالكوفة أحدًا مثله.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق