عوضها الله بعدما صارت حزينة علي وفاة زوجها المهاجر "خُنيس بن حذافة السهمي". الذي كان من أوائل المسلمين الذين فروا بدينهم إلي الحبشة. وعادوا ليؤيدوا رسول الله في دعوته. وتزوجت النبي صلي الله عليه وسلم وأصبحت من أمهات المؤمنين. نزل الوحي فيها مرتين. معاتبا. ثم مزكيا لها. إنها السيدة حفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب. رابع زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم.
مضي سيدنا عمر بن الخطاب محزونا مكروبا علي وفاة زوج ابنته "حفصة" التي لازمها الحزن بعد وفاة زوجها. وأخذ بن الخطاب ينتظر كي يطرق أحد بابه ويطلب ابنته. وخاصة أن عدتها أوشكت علي الانتهاء.
طال انتظار سيدنا عمر بن الخطاب. ولم يأت أحد. فبدأ يطلب من أبي بكر الصديق أن يتزوج منها فيصمت أبوبكر دون أن يظهر علامات القبول. ثم يطلب من عثمان بن عفان الأمر ذاته فيأبي عثمان تلبية طلب صديقه. وتمر الأيام ويزداد حزن عمر بن الخطاب علي ابنته. ويزداد خوفه من أن تأكلها آلام الترمل. حتي جاءت البشري بقدوم من سيجبر كسرها ويعطي ابن الخطاب شرف مصاهرته. وتفاجأ عمر بن الخطاب بطلب النبي صلي الله عليه وسلم بالزواج من ابنته حفصة. وصارت حفصة من زوجات النبي وأمهات المؤمنين.
دخلت السيدة حفصة رضي الله عنها بيت النبوة. وعرف عنها غيرتها علي النبي صلي الله عليه وسلم. فحدث ذات يوم أن الرسول قد خلا بزوجته السيدة ماريا القبطية في بيتها وفي يومها. فغضبت بشدة من ذلك. فحرمها النبي علي نفسه بيمين أنه لا يقربها. طلبا بذلك رضا حفصة بنت عمر. لكنه طلب منها ألا تخبر بذلك أحدا. ولما خرج الرسول أخبرت حفصة عائشة رضي الله عنها أن الرسول حرم علي نفسه ماريا. فعند ذلك طلق النبي السيدة حفصة. وجاء جبريل للنبي وأمره بمراجعتها وقيل إن جبريل نزل علي رسول الله وقال له: "راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة". ونزل فيها القرآن 3 مرات.
كانت السيدة حفصة رضي الله عنها أحد أهم مصادر جمع القرآن الكريم في عهد أبيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. الذي أوصي بحفظ المصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق عند ابنته حفصة. وتعود قصة جمع القرآن الكريم الذي تم في عهد أبي بكر رضي الله عنه. وعندما توفي أبوبكر الصديق أخذ النسخة عمر بن الخطاب. ولما استشهد الفاروق وهو يصلي. أوصي عمر بن الخطاب أن تكون النسخة محفوظة لدي السيدة حفصة. وبعد تولي الخليفة عثمان بن عفان الخلافة. توالت الفتوحات الإسلامية في عهده. ودخل الكثير من غير العرب الإسلام. فأثروا في اللغة العربية ومقاماتها. كما تأثروا بها أيضاً. وكانت نتيجة هذا التأثر اختلاف القراءة القرآنية لاختلاف الألسنة واللهجات. فعمد عثمان بن عفان أن تحرق كافة النسخ الموجودة للقرآن. ذلك أن يوجد به أخطاء تحرف المبني والمعني. وخوفاً من اللحن في اللفظ القرآني الشريف الذي تعهد الله بحفظه. وسعي إلي الاعتماد علي نسخة واحدة أصيلة. وكانت هذه النسخة الأصيلة والسليمة هي الموجودة عند السيدة حفصة بنت عمر.
كانت السيدة حفصة من النساء القلائل اللاتي تعلمن الكتابة وقتئذ. وعُرف عنها البلاغة والفصاحة. ولها خطبة قالتها بعد مقتل أبيها. وروت عدة أحاديث عن النبي صلي الله عليه وسلم وعن أبيها. وتوفيت السيدة حفصة رضي الله عنها في شهر شعبان 41 هـ بالمدينة المنورة في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان. وصلي عليها مروان بن الحكم أمير المدينة آنذاك. ودفنت في البقيع.
اترك تعليق