أفتى البعض بأنّ التدخين ليس من المفطرات وأنه يجوز للصائم شرب السجائر أثناء صيامه..فما صحة ذلك؟.
أكد الدكتور عطية لاشين_أستاذ الفقه بجامعة الأزهر_ إنّ التدخين من المفطرات بيقين للأدلة الآتية:
*ركن الصّيام الأعظم وأساس وجوده هو الامتناع عن الطعام والشراب وغيرهما مما يدخل الجوف بطريق معتاد، والتدخين إدخال شيء يمكن التحرز منه إلى الجوف، فيكون منافيًا لحقيقة الصوم.
ومما يؤكد أنّ التدخين إدخال مادة حسّية إلي الجوف أنّنا لو فَحصنَا رِئَة المدخن لوجدنا عليها طبقةً من المادة المعروفة بالنيكوتين، وهي طبقة سوداء كالقَار، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة ممن يستعملون ما يُسمّى بالفلتر في التدخين.
*إنّ امتصاص الدخان في معنى شرب الماء ونحوه؛ لأن الأجسام الدخانية «الغازية» تشبه الأجسام السائلة، ومن ثمّ أُطلِق على امتصاصها بالفم شربًا في العرف العام، كما أنّها تؤثر في الأعصاب كتأثير السائلات كالشاي والقهوة، والمخدرة كالخمر.
*المقصود الأعظم من الصّيام هو حرمان الصّائم من شهوتي البطن والفرج، والمدخن يقبل علي الدخان بكل شهوة، ورغبة، بل ربّما صبر عن الطعام والشراب ولم يصبر عن الدخان، فانتفى بالتّدخين معنى الصّوم الذي ذكره الحديث القدسي: «يدعُ طعامَه، وشرابَه، وشهوتَه من أجلِي» [البخاري حديث رقم: 1903]
- ولا أدلّ على ذلك من أنّ كثيرًا من المدخنين ينتظرون ساعة الإفطار ليكون إفطارهم على الدخان أولًا قبل تناولهم لأيّ شيءٍ، مما يدلّ على أنّ الدخان عند المدخنين يأتي علي قمة الشهوات، وترتيبه مقدّم على الأكل والشرب وغيرهما من سائر المفطرات.
*إذا كان الأكل والشرب من المفطرات بإجماع أهل العلم وهما - علي رأس قائمة المباحات في غير رمضان - فلأن يكون شرب الدخان من المفطرات من باب أولى؛ لأنّه من المحرمات في رمضان وغير رمضان؛ فهو مضيعة للمال وقد نُهينَا على لسان المعصوم ﷺ عن إضاعة المال، كما أنّه سبب في كثير من العلل والأمراض الخطيرة والفتاكة وعلى رأسها السرطان، فضلًا عن أنّه استجابةٌ لوسوسة الشيطان، وتزيينه، واستجابةٌ لشهوة خبيثة تسيطر على النفس الضعيفة ممن لا يَرعَون للصّوم حرمتَه، ولا يرجون لله وقارًا، ولا يعظمون شعائر الله التي يعظمها أهل التقوى «ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ» [سورة الحج: 32]
أشار د.لاشين إلى أن فقهاء الحنفية ذهبوا إلى وجوب القضاء والكفارة على المفطر بشرب الدخان؛ بناءً على الأصح عندهم من وجوب الكفارة بتناول ما يَميل إليه الطّبع وتنقضي به شهوة البطن.
اترك تعليق