أكتسبت زيارة الرئيس الصينى شى جين بينج إلى روسيا، أهمية كبيرة، لارتباطها بالحديث عن المبادرة الصينية لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وتسعي الصين للانتقال فى مواقفها من أزمة أوكرانيا من اتباع سياسة الحياد إلى القيام بدور ايجابى عبر طرح مبادرة سياسية لحل أزمة واجراء اتصالات مع الجانبين الروسى والأوكرانى.
وكانت وزارة الخارجية الصينية قد طرحت في فبراير الماضى مبادرة من 12 بندا تضمنت موقفها بشأن تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية.
وتركزت المحادثات التي أجراها الرئيس الصيني مع نظيره الروسي، حول المبادرة الصينية، والدعوة لمفاوضات سلام بين موسكو وكييف، ودعا شي جين بينج لـ"ضرورة احترام مخاوف الدول"، وهو مصطلح استخدمته كذلك فرنسا خلال دعوتها الاستماع إلى مخاوف روسيا.
وأبدت موسكو استعدادها للنظر فى مبادرة الصين لإنهاء حرب أوكرانيا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الصيني: "اطلعنا علي مقترحاتكم لحل الصراع في أوكرانيا، وسنناقش مبادرتكم التي ننظر لها بعين الاحترام".
وتشكل علاقات الصين الوثيقة مع روسيا- والتي تعززت مع تنامي الصراع فى أوكرانيا- خطرا في الوقت ذاته على علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا.
ولعل هذا هو أحد الأسباب التى دفعت الصين لطرح مبادرة سلام بين موسكو وكييف، حسب الخبير فى العلاقات الدولية ألكسندر كونكوف، الذي أكد أنه إذا كان فى الماضى يمكن التهكم على أى خطة سلام تقترحها بكين، فإنه نظرا للثقل الضخم الذي تتمتع به الآن فإن أي مبادرة قد تطرحها في هذا السياق -ولا سيما بعد دورها في حلحلة الأزمة بين السعودية وإيران- ستكون لها جاذبية من قبل كثير من الأطراف المعنية، باستثناء الغرب غير المرتاح لتنامي الدور الصيني.
وبالفعل، حذرت واشنطن كييف وحلفائها من "الانخداع" بالمبادرة الصينية وقبولها، دون إجبار موسكو على الانسحاب من "الأراضى الأوكرانية"، وقلل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. من شأن المبادرة. قائلا للصحفيين. إنه علي العالم ألا ينخدع بأي قرار تكتيكي من روسيا، بدعم من الصين أو أى دولة، لتجميد الحرب بشروطها"، واعتبر أن الدعوة لوقف إطلاق النار دون انسحاب القوات الروسية سيدعم ويقوي الجانب الروسى.
ومع ذلك، يرى الأكاديمى الروسى فى السياسة الدولية ديميترى فيكتوروفيتش، أن تلك المبادرة هى الأخيرة أمام أوكرانيا وحلفائها الغربيين، قبل أن تتسع دائرة الصراع وتخرج عن السيطرة.
فى نفس الوقت، يعرض فيكتوروفيتش مطالب موسكو "الأساسية" التى لو قبلها خصومها، يمكن أن تنجح المبادرة الصينية، وهى:
- الاعتراف بسيادة واستقلال المناطق الخمس التى انضمت إلى روسيا عامى 2014 و2022 "شبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيا".
- تخلى أوكرانيا عن حيازة ونشر الأسلحة النووية، ووسائل إيصالها من الدول الأجنبية، وعدم الانضمام لأي تكتل عسكرى "فى إشارة لحلف الناتو".
- حل التشكيلات "النازية الجديدة" في أوكرانيا.
- الحد من عدد القوات المسلحة الأوكرانية.
- ضمان عدم شن أوكرانيا عدوانا على البلدان المجاورة مثل بيلاروسيا.
- عدم عسكرة الحدود "فى إشارة لرفض روسيا اقتراب قوات الناتو من حدودها".
فى المقابل، تشترط أوكرانيا الانسحاب الروسى من جميع أراضيها لوقف القتال، وتراهن كييف على عدة أمور لتنفيذ هدفها. وإجبار موسكو علي التفاوض، بدون شروطها التعجيزية.
ومن الأمور التى تراهن عليها كييف. مواصلة الضغط فى محور الجنوب "فى إشارة للمعارك حول خيرسون"، واستنزاف روسيا فى محور الشرق، "فى إشارة للمعارك حول باخموت".
وأمام تلك الشروط المطروحة من طرفى القتال لإنهاء الحرب، يقول بلمايكولا بيليسكوف، الزميل الباحث فى المعهد الوطنى الأوكرانى للدراسات الإستراتيجية، إن مبادرة الصين "محكوم عليها بالإعدام"، كما اعتبر أن الصين "متورطة فى الصراع بشكل مباشر عبر تزويد موسكو بالأسلحة، فكيف ستكون وسيطا؟".
كما يستبعد الأكاديمى الروسى فيكتوروفيتش، استجابة أمريكية قريبة لمسألة التفاوض، رابطا ذلك بما وصفها بـ"حسابات لدى الإدارة الأمريكية تجاه الصين وروسيا" والحرب، منها:
يقول فيكتوروفيتش حتى لو قبلت كييف وساطة الصين، ستعمل واشنطن على إفشالها، حتى لا تأخذ الصين دورا مؤثرا على الساحة الدولية، ولا يوضع الرئيس الأمريكى جو بايدن فى مأزق، خاصة بعد نجاح بكين فى الوساطة بين السعودية وإيران.
ويشير الأكاديمى الروسى إلى استفادة واشنطن من عامل الوقت وإطالة الأزمة حتى تحقق شركات الأسلحة أرباحًا طائلة.
اترك تعليق