اهتمامي بدراسة الحركات الاسلامية بدأ منذ اغتيال الرئيس السادات..
لا يمكن الحديث عن الحريات في بلد ما دون الوعي بما يواجهه من معارك مصيرية..
مصر واجهت محنة السقوط والتفتت بعد يناير ٢٠١٢
التوازن بين ثقافة المجتمعات وقضايا حقوق الانسان ضرورة ملحة
ولا يمكن ان يتحول العالم الى نسخ طبق الاصل من بعضنا البعض..
لا تتاح للقارئ الفرصة كل يوم لمقابلة رجل متعدد الملكات؛ دعنا نقول بإيجاز إنه كاتب وصحفي انتخب عضواً بمجلس النواب السابق، وهو باحث متخصص في الحركات الإسلامية، وله العديد من الكتب في هذا الميدان.
الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي.. هو أيضًا المدير المؤسس لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس ، وكذلك المركز العربي للصحافة، ناهيك عن كونه رئيس تحرير صحيفة "البوابة" المصرية اليومية. والموقع الإعلامي "البوابة نيوز".
لقد أتيحت لنا الفرصة اللقاء معه في باريس. حيث ـ على الرغم من جدول أعماله المزدحم ـ أعطاناً الوقت الكافي للإجابة على أسئلتنا العديدة.
هل يمكن أن تخبرنا عن مسيرتك الفكرية ؟
انا بدأت العمل الصحفي في عام ١٩٨٧ في جريدة الاهالي كان الارهابيون وقتها قد نفذوا حادث اغتيال السادات عام ١٩٨١ وكنت مهتما منذ ذلك التاريخ بدراسة افكارهم وتاريخهم وجذور الجماعات المماثلة لهم في التاريخ الاسلامي الامر الذي جعلني اتخصص في هذا المجال وهو مجال دراسة الارهاب وحركات الاسلام السياسي انشأت المركز العربي للبحوث والدراسات في مصر وهو مركز متخصص في دراسة الارهاب ثم انشأت جريدة وموقع البوابة نيوز انتجت خلال مسيرتي البحثية عشرون كتابا حول تاريخ وافكار تلك الجماعات منهم : الملفات السرية لتنظيم الاخوان وتنظيم القاعدة عشرون عاما والغزو مستمر واسامة بن لادن الشبح الدي صنعته امريكا والاسلام وحرية الرأي والتعبير.. ترجم منهم ثلاث كتب الى اللغة الفرنسية وهم: دولة الاخوان وداعش في منطقة مضطربة والافكار الشيطانية للاخوان ونشرتهم دار لارماتان. انتخبت نائبا في البرلمان المصري في برلمان ٢٠١٥ . وبعدها انشأت مركز دراسات الشرق الاوسط في باريس وموقع ديالوج للحوار بين الشرق والغرب.
- أنت رجل متعدد المواهب وتدير مجموعة إعلامية كبيرة في بلدك. ونحن عندما نتحدث عن الصحافة فإننا نفكر بشكل أساسي في حرية الصحافة. فماذا عن الصحافة والإعلام وحرية التعبير في بلدك ؟
لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة والاعلام في اي بلد بمعزل عما دار ويدور به من احداث فنحن بلد واجه محنة السقوط والتفتت بعد احداث يناير ٢٠١١ ثم واجه الارهاب المدعوم اقليميا ودوليا بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ حيث سقط اكثر من 3500 شهيد من رجال الجيش والشرطة بخلاف عشرات المدنيين من المسلمين والمسيحيين على السواء في اكثر من 1200 عملية ارهابية مدعومة ماديا ومعنويا من دول اقليمية ودولية ويقف ورائها تنظيمي الاخوان المسلمين وتنظيم داعش.. لا يمكن الحديث عن حرية التعبير الا بدراسة هذه الفترة ففي بعض الدول الاوربية فرنسا على سبيل المثال مجرد عمليات محدودة دفعتهم الى اصدار قانون للطوارئ والارهاب .. مصر واجهت الارهاب نيابة عن العالم ولا تلك المعركة التي خضناها بشرف ودفعنا فيها من دمنا وارواح اولادنا لكان الارهاب قد طرق ابواب اوروبا بمطارق من حديد ونار .. بالطبع تم تنظيم العمل في محال الصحافة والاعلام في هذه المرحلة بما يتوافق مع المعركة الكبرى التي يخوضها مجتمع عاني من ثورتين متتاليتين ومن صراع مدمر مع قوى الارهاب والتطرف فسن البرلمان قوانين تحافظ على الامن القومي ووحده المجتمع من انتشار الشائعات والتحريض ضد الجيش والشرطة والاقباط .. واعتبر البعض ان ذلك تضييقا على حرية الاعلام والصحافة .. ولكن ماذا عن الآن فبعد ان زال كابوس الارهاب الذي جثم على صدور المصريين لاعوام عشرية من السنوات بدأنا الحوار الوطني وفي القلب منه فتح المحال لحرية الصحافة والاعلام وبدأ الجميع ( جميع التيارات السياسية ) في الحديث بحرية ووضع التصورات المستقبلية لاعلام حر وصحافة حرة وهو ما نأمله خلال الحقبة القادمة.
- لقد انتُقِدَت مصر مؤخرًا من قبل المجتمع الدولي وخاصة من قبل البرلمان الأوروبي لأنها لم ترفع حالة الطوارئ السارية في مصر منذ عام 2017 .. لماذا برأيك لم تفعل السلطات المصرية ذلك حتى الآن ؟
لقد اخطأ البرلمان الاوروبي في اطلاق هذا الاتهام لان حالة الطوارئ تم رفعها بالفعل في مصر في الخامس والعشرين من اكتوبر عام ٢٠٢٠ ولكن لان البرلمان الاوروبي يستقي معلوماته من تنظيم الاخوان الذي يخوض حرب ضروس مع مصر والمصريين وليس مع النظام في محاولة للعودة الى سده الحكم في مصر فقد خانته الدقة .. ايضا جاء هجوم البرلمان الاوروبي في توقيت غريب بعد ان نجحت مصر في تنظيم مؤتمر المناخ واصبحت حديث العالم .. على الرغم من محاولات تنظيم الاخوان وحلفائه افشال المؤتمر بالدعوة الى ما اسموه ثورة 11 -11 الامر الذي لم يستجب اليه اي مصري على الاطلاق فلجأوا الى محاولة حرف المؤتمر عن مقرراته الاساسية في مساعدة الدول النامية وتعويضها عن الانبعاثات السامة والضارة التي تسببت فيها الدول الغنية فراحوا يتحدثون عن ما سموهم سجناء الرأي وطرحوا اسماء وعقدوا مؤتمرات صحفية بداخل المؤتمر ولكن كل ذلك لم يأت بنتيجة حتى رؤساء الدول كالرئيس الامريكي ورئيس الوزاراء البريطاني والمستشار الالماني الذين رددوا كلامهم تفهموا الموقف المصري عندما تم مناقشتهم في المؤتمر عندما فشلت كل تلك التحركات في افشال المؤتمر وحرفه عن مساره راحوا يلعبون لعبتهم مع البرلمان الاوروبي الذي ردد مزاعمهم دون تدقيق في اي منها فجاءت كافة مزاعمه غير دقيقة او مخالفة على الاقل لما يحدث الآن في الحوار الوطني في مصر.
- أنت مسكون بقضيتين رئيستين : قضية الإرهاب وقضية حقوق الانسان. هل يمكن أن تشرح لنا أسباب ذلك ؟
انا مسكون بقضية الارهاب اولا وثانيا وثالثا لانها قضية العصر ؛ محاولة مجموعة من التنظيمات سلب العالم كل ما توصل اليه من قيم وحضارات في محاولة يائسة للعودة الى الوراء آلاف السنين .. ان هذا الخطر هو الذي يهدد المجتمعات الاوروبية اكثر مما يهددنا نحن .. فبعض تلك المجتمعات تتعامل مع الارهابيين ومنظماتهم باعتبارهم مناضلين من احل الحرية خاص اولئك الذين يعتمدون اسلوب التقية فيخفون الجزء الارهابي منهم تحت عباءة افكار ليست اقل من فعل الارهاب في شئ فجماعة الاخوان التي ينتشر تنظيمها الدولى في اوروبا بشكل مكثف لا تقل خطورة عن تنظيم داعش ان لم تكن اخطر منه اذا انها تخطط للاستيلاء على اوروبا خلال ربع قرن من الآن عبر اسقاط اعمدة المجتمع المدني وصنع جيتوهات منغلقة تطبق قانونها الخاص وسط تلك المجتمعات وكذا الانتشار المكثف لافكارها وسط الشباب الاوروبي ولهذا انا مسكون بهذه القضية..
اما قضية حقوق الانسان فانا انظر لها من خلال كيفية التوازن بينها وبين مواجهة الارهاب في بعض الدول من ناحية وايضا ثقافات تلك الشعوب من ناحية اخرى فلا يعقل ان تطبق عليا ما انتجته حضارتكم من قيم باعتبارة شئ مسلم به بينما ثقافتي ترفض بعض من تلك القيم كقضية المثلية الجنسية وحرية ممارسة الجنس والدعاية له على سبيل المثال فهناك بعض القضايا التي لا تتوافق مع ثقافات بعض الشعوب يجب ان نحترم تلك الثقافة ونحن نخاطبهم .. اما قيم الخير والحب والاخاء والحرية والديمقراطية فهي قيم انسانية لا خلاف عليها.. الخلاف فقط في سبل وادوات تطبيقها وهو ما يستدعي نقاشا حرا بين الشرق والغرب آن اوانه ومن هنا كانت فكرة موقع ديالوج للحوار بين الشرق والغرب..
- عندما نتابع أوضاع حقوق الإنسان في مصر نسمع عن اعتقالات كثيرة وعن حالات أشخاص مثل حالة علاء عبد الفتاح. لماذا لا يتم الافراج عن تلك الحالات و تصفية اوضاع المحبوسين؟
لماذ تنظرون الى تلك الحالات الفردية ولا تنظرون الى الآلاف من الشباب الذين يتم الافراج عنهم تباعا وفقا للجنة التي تم تشكيلها لهذا الغرض .. للاسف هناك تغييرات مهمة على الارض في هذا الملف لا يتم الالتفات اليها ويتم التركيز على اسماء.. وهناك لجنة العفو الرئاسي التي تم اعادة تفعيلها بقرار جمهوري في ٢٦ إبريل هذا العام ٢٠٢٢ .. ومنذ ذلك التاريخ تم الافراج عن 1148 من المحبوسين احتياطيا في قضايا الرأي والغير متورطين في قضايا جنائية أو المنضمين لجماعات مسلحة بينهم اسماء اهم من علاء عبد الفتاح منهم:
- المحامي والبرلماني السابق زياد العليمي
- والمهندس يحيى حسين عبد الهادي مؤسس الحركة المدنية
- وحسام مؤنس الناشط السياسي
وشادي محمد-
اما علاء عبد الفتاح فقصته مختلفة هذا شاب حرص على قتل ضباط الجيش والشرطة وطالب باقتحام وزارة الداخلية المصرية كما طللب بخطف اطفال وامهات الضباط .. وهذه امثلة من التويتات الخاصة به على حسابه على تويتر:
ماذا تفعلون هنا في اوروبا عندما يقوم شخص سويسري او فرنسي بنشر مثل هذا الكلام ..
- استضافت مصر مؤخراً مؤتمر COP27 وكان نجاحًا كبيرًا للبلد المُضيف المُنَظِم. لكن هذا النجاح لم يمنع المنظمات غير الحكومية من التظاهر والشكوى. ما رأيك في ذلك ؟
وهذا النجاح ايضا يحسب لمصر فلم تسمح دولة من قبل من الذين نظموا هذا المؤتمر لمنظمات حقوقية بالتظاهر داخل المؤتمر ولكن مصر سمحت لهم كما سمحت لبعضهم بعقد مؤتمرات صحفية عالمية على هامش المؤتمر ينتقدون فيه حالة حقوق الانسان وكل ذلك تم بموافقة الدولة المصرية ولولا احساس القائمين على تنظيم الحدث والقائمين على تنظيمه بقوة موقف الدولة المصرية واستعدادها للاجابة على اية اسئلة تثار ما كانت سمحت لهم بذلك فالسماح لهم وتواجد تلك التظاهرات من وجهة نظري دلالة قوة من ناحية ودلالة ودلالة على الديمقراطية والحرية من ناحية اخرى
- قريبًا في نادي الصحافة السويسري ستشارك في مؤتمر في مدينة جنيف بنادي صحفيي الأمم المتحدة حول موضوع الإرهاب وحقوق الإنسان في مصر وفي العالم. ما هي الأسباب وما هي الغاية المنشودة من هذه الفعالية السياسية الهامة في قلب أوروبا والأمم المتحدة بالعاصمة السويسرية) ؟
الغاية المنشودة من هذا المؤتمر هو ان يسمع الغرب صوت من للشرق وان نتناقش مع صحفيين الغرب حول قضايانا وان يسمعوا منا لا ان يسمعموا من منظمات لديها ثأر تاريخي مع بلدان الشرق وفي مقدمتها مصر .. نحن نريد ان نفرق بين حريات يتمتع بعا بلد مستقر نسبيا وحريات في بلد عانى من ويلات الارهاب .. ففي فترة المواجهة مع الارهاب كان لا بد من سن قوانين ووضع اطر للتعامل مختلفة اما الآن فنحن نرى بعد انقشاع غيمة الارهاب الحوار الوطني وآليات لجنة العفو التي تسعى للافراج عن كافة المعتقلين ومناقشة قانون الحبس الاحتياطي وحماية المبلغ والشهود واشياء اخرى ستنقل مصر بعد هذا الحوار الذي يشارك فيه كافة اطياف المجتمع المصري الى مكان آخر تماما نرضى عنه ويصبو اليه المصريون..
- باعتبارك صحفياً مصرياً. هل تعتقد أن الصحفيين الغربيين يفتقرون إلى المعرفة بالعالم العربي ( ممكن نضيف : وما هو الدور الذي تضطلع به في أوروبا لعلاج ذلك) ؟
بالطبع هناك فقر كبير وراضح في المعلومات خاصة حول ثقافات وحضارات تلك الدول في الشرق عاداتهم وتقاليدهم دياناتهم .. يجب ان نخلق متخصصين عديدين من خلال الدراسة والخبرة والدورات التدريبية .. يجب اتاحة المعلومات ايضا من قبل المسئولين في تلك الدول للمراسلين الغربيين وترتيب الرحلات لهم والسماح لهم باجراء كافة المقابلات فليس لدى مصر او هذه الدول شيئا يخفونه في عالم الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
كلمتي الاخيرة الى القراء .. تدور حول ضرورة الحوار البناء بين الشرق والغرب على ارضية الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الغير خاصة العادات والتقاليد والثقافة والحضارة فالختلاق في هذه المناطق ميزة وليس عيبا واثراء وليس اخفاق للتراث الانساني العالمي .. اذ من المستحيل ان نكون جميعا متشابهين او قيمنا واخدة والا سنصبح نسخ مشوهة لبعضنا البعض..
اترك تعليق