تضم سور القرآن الكريم الكثير من صيغ الدعاء سواء التي وردت على لسان الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام أم التي وردت على لسان الصالحين رضي الله عنهم ألحقنا بهم على خير.

((الجمهورية اونلاين)) تستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم ونقدم لك عزيزي القارئ في الحلقة السادسة الدعاء الوارد في سورة آل عمران

((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)) آية 8 آل عمران

هذا الدعاء الجميل يسبقه آية ((وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)) آية 7 آل عمران

فبعد الثناء على العلماء الراسخون في العلم ورثة الأنبياء بخلوص الإيمان واليقين في قلوبهم، فأثمر لهم من عظيم المعارف والهمم، آمنوا بالكتاب كله: محكمه، ومتشابهه؛ لأنه جاء من ربهم الحكيم الخبير، ذكر لنا فواح هذا العطر النافع والناصح؛ لنتأمل من هذا الروض الجميل في أهم مقاصد الدين، حتى نستن بهم عملاً وقولاً.

فقالوا: ((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)) صدروا دعاءهم بربوبيته تعالى التي هي أفضل وأعلى الغايات، وهو استقامة القلوب على ما يحبه اللَّه تعالى ويرضاه، والثبات على ذلك : فقالوا : يا ربنا، ويا مدبر أمورنا، لا تُمِل قلوبنا بعد الهدى الذي أنعمت به علينا، توسلوا بسابق إحسانه وإنعامه بعد التوسل بربوبيته دلالة على أهمية مطلبهم لربهم، وأنهم في تضرع كبير لهذا المطلب المهم، لا كالذين أزاغ اللَّه قلوبهم من إتباع المتشابه في القرآن ابتغاء الفتنة، فهم ضلوا وأضلوا، والعياذ باللَّه، أما العلماء فقد اهتدوا وهدوا .

‏فتضمّن هذا المطلب الجليل سؤال اللَّه تعالى الثبات على الدين القويم، والصراط المستقيم الذي عليه النجاة في يوم الدين، ولا يكون ذلك إلا بالتوفيق من اللَّه تعالى رب العالمين

وجاء في العديد من المصادر منها تفسير ابن سعدي وتفسير آل عمران، لابن عثيمين

أن هذا الدعاء المبارك تضمن الكثير من المنافع والفوائد هي:

أن العلم باللَّه تعالى هو أشرف العلوم على الإطلاق.

أن الرسوخ في العلم هو قدر زائد على مجرد العلم، فإن الراسخ في العلم يقتضي أن يكون عالماً محققاً

أن سؤال اللَّه تعالى الثبات على الإيمان هو أعظم مقاصد الشارع المطلوبة.

ينبغي للعبد أن يستحضر دوماً نعم اللَّه تعالى عليه، وخاصة نعمة الدين.

أن التوسل إلى اللَّه تعالى بأسمائه وصفاته، كذلك يتوسل إليه بصفاته المنفية عنه تعالى وهو النفي الذي يتضمّن صفات الكمال

أهمية التوسل إلى اللَّه تعالى بنعمه

أن الإنسان لا يملك قلبه؛ لأنه بين إصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبه كيف يشاء، ‏فيسأل اللَّه ألاَّ يزغه

أن التخلية تكون قبل التحلية، يعني يُفرغ المكان من الشوائب والأذى، ثم يطهر.

أن العطاء يكون على قدر المعطي

أن كل الخلق لا غنى لهم عن دعاء ربهم في جلب المنافع، ودفع المضار.

‏فبعد هذا الوصف الجميل لهم، فيجب على العبد السالك إلى طريق اللَّه المستقيم أن يحرص على هذه الكلمات اليافعات، والدعوات المباركات، ويستحضر هذه المعاني، والمطالب العالية.

الكلمات المفتاحية

الدعاء في القرآن الكريم