في أكثر من مداخلة لي الأسبوع الماضي مع عدد من القنوات الفضائية. كان السؤال المشترك: هل يمكن لمصر أن تقوم بدور مؤثر لانهاء الإنقسام الفلسطيني من ناحية والتوصل إلي تسوية شاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من ناحية أخري تنتهي بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة؟
وجاءت إجابتي علي هذا السؤال الكبير والمحوري. بالتأكيد علي أن الأمر يرتبط في المقام الأول بالإرادة السياسية لكل الأطراف. سواء من الفصائل الفلسطينية التي يجب عليها إعلاء الأهداف الوطنية علي المصالح الشخصية الضيقة. ونفس الأمر ينطبق علي الإسرائيليين فمن الضروري أن يعيدوا النظر في طريقة تفاوضهم ونظرتهم لعملية السلام بشكل عام.
مشكلة قادة تل أبيب أمس واليوم وغداً أن لديهم مفهوماً مختلفاً للسلام. فهم يريدون الأمن ومعه الأرض وفي المقابل لا يحصل الفلسطينيون علي شيء. لذلك لن يجدوا الأمن الذي ينشدونه مهما حشدوا من آليات عسكرية فلا أمن دون سلام حقيقي يقوم علي الحقوق والواجبات. وهذا ما ظهر جلياً في الإنتفاضة الفلسطينية الأخيرة حيث وصلت صواريخ المقاومة إلي تل أبيب وغيرها من المدن المحتلة التي كانت في السابق بعيدة عن مرمي الصواريخ وهو تطور مهم من المتوقع أن يضعوه في اعتبارهم.پپ
وإذا كان العدوان الغاشم علي غزة وما ترتب عليه من رد فعل فلسطيني قد كشف منظومة الأمن الإسرائيلية. فإنه في ذات الوقت أسقط القناع الذي تستتر خلفه الدولة الصهيونية وكشف اللثام أمام العالم عن الممارسات الوحشية وأن هناك شعباً يتعرض للتصفية والإبادة الجماعية. فالصور التي نقلتها الميديا ومواقع التواصل لأطفال ينتحبون ويصرخون بجوار نعوش آبائهم وأمهاتهم ولأسر تختفي وتذهب في غمضة عين.. هذه المشاهد كانت كفيلة بكشف الحقائق وإحداث حالة من الغضب الشعبي علي مستوي العالم.
هناك حالة فجة من تزييف الحقائق. فالعالم ــ والغرب علي وجه التحديد ــ يستقي معلوماته عن القضية الفلسطينيةپبصورة مغلوطة.. مناهج الجغرافيا لا تقدم غير خريطة إسرائيل وفي التاريخ يدرسون قصة الدولة التي قامت بوعد من الرب وتتعرض باستمرار للإرهاب الفلسطيني. والعدد القليل جداً يعلمون الحقائق ويقرأون عن القضية من كتب محايدة.
لذلك فإن علي أشقائنا الفلسطينيين استغلال هذه الفرصة المتمثلةپفي إلقاء الضوء علي قضيتهم وفضح الممارسات الإسرائيلية الوحشية أمام العالم. ناهيك عن حالة الإرتباك التي أصابتهم نتيجة وصول صواريخ المقاومة إليهم بصرف النظر عن تأثيرها عسكرياً. مع الوضع في الإعتبار أن الحروب هدفها الأساسي تحريك الوضع السياسي.
لا أعتقد أن أحداً من الأشقاء الفلسطينيين لدية ثمة شك في النوايا المصرية الداعمة علي طول الخط لانتزاع الحق التاريخي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة غير المنقوصة السيادة. وهو ما عبر عنه السفير الفلسطيني بالقاهرة "دياب اللوح" بقوله انه لا يمكن لأي دولة أن تتدخل في شئوننا إلا مصر لأنها صاحبة تاريخ في الوقوف بجانبنا. وهو تدخل لا ينتقص من السيادة بل يدعم ويساند بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
لا توجد دولة غير مصر تستطيع أن تقوم بهذا الدور فقد أثبتت التجارب الكثيرة أنها الدولة الوحيدة التي تحرص وتؤكد في جميع اللقاءات وبكافة المنابر الدولية والإقليمية علي الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وهو موقف ثابت علي مدار سنوات الصراع العربي ــ الإسرائيلي.
[email protected]