هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

أبيض وأسود

"رابسودي" القاهرة


عاشت المخرجة اللبنانية فرح الهاشم طفولة سعيدة مع أسرتها في القاهرة وسافرت بعد ذلك ترافق والدها الذي عمل بالخارج لكنها ظلت عاشقة للقاهرة ، وبعد أن بدأت الخطوات الاولى في عالم الاخراج السينمائي أرادت أن تظل القاهرة خالدة في الذاكرة وقررت أن تضم رحلتها مع السينما الوثائقية فيلما طويلا "72 دقيقة" عن مصر وأصدقاء الطفولة سواء من المصريين أو اللبنانيين الذين كانوا يعيشون في القاهرة مع فرح وأسرتها. 
أختارت المخرجة لفيلمها عنوانا بالعامية المصرية "هرتلة في القاهرة" والهرتلة كلمة تعني الحديث غير المرتب مثل الذي يقول كلمة من الشرق وكلمة من الغرب .. أما عنوان الفيلم باللغة الانجليزية فهو "رابسودي القاهرة" وتعني قطعة فنية عن القاهرة والفيلم أصبح متاحا مشاهدته على "اليوتيوب". وفيه تسير كاميرا المخرجة في شوارع وأحياء القاهرة يقودها الحنين لذكريات الماضي ، لذلك قابلت عددا من الشخصيات اللبنانية التي تعيش هنا مثل منتصر بيوض وأصدقائه من المصريين مثل : محمود سامي وطاهر عواد ، كما أجرت فرح لقاءات مع الأديب الكبير محمد السيد عيد ود. زينب فرغلي وشباب صادفتهم في وسط البلد مثل رنا الحسيني وسامر عفيفي وسارة التيجاني وغيرهم . 
تقول المخرجة في المقدمة أن الفيلم كتابة وأخراج فرح الهاشم والحقيقة بما أنه "هرتلة" فهو يفتقد تماما للكتابة والاخراج لأنها قامت بتجميع عددا هائلا من اللقطات للشوارع والمحلات مثل شارع عماد الدين وقصر النيل ومحل جروبي بوسط البلد .. ثم أنتقلت بالكاميرا فجأة الى الاسكندرية حيث حي كوم الدكة الذي عاش فيه الموسيقار الخالد سيد درويش ثم ذهبت الى بور سعيد ثم عادت مرة أخرى للقاهرة بدون سبب فني  واضح . 
ومن المشاهد الجميلة في الفيلم تعلق المخرجة بصوت الفنان الراحل فريد الاطرش وهي تتخيل انها تنتظره في جروبي عام 1957 وهو يغني لها " يابو ضحكة جنان" .. كما تتجول في أماكن بيع الكتب بوسط البلد ولا تنس دور السينما والعودة بالذاكرة للأفلام المصرية القديمة مثل "ميرامار" و"الباب المفتوح" ولقطات للجميلة فاتن حمامة التي يظل وجهها جذابا ومعبرا عن أحساسها مهما غابت عن الشاشة ، وكل ذلك وشريط الصوت يقدم أجمل ألحان وأغاني التراث المصري. 
ينضم فيلم المخرجة فرح الهاشم الى عدد كبير من الأفلام الوثائقية التي تقدم القاهرة من وجهة نظر المبدعين مثل "القاهرة منورة بأهلها" للمخرج الكبير يوسف شاهين خاصة وهي تدعي الموضوعية في بعض المشاهد .. كذلك يوجد عدد كبير من الكتب عن عشق القاهرة مثل "مقتنيات وسط البلد" للأديب مكاوي سعيد وكتاب الأديبة الخليجية ميسون صقر عن مقاهي القاهرة.
ومن المعروف أن مصر تقدر أبنائها وتطلق أسمائهم على الشوارع والميادين مثل مصطفى كامل وسعد زغلول وطلعت حرب وهدى شعراوي وقد أشارت المخرجة الى ذلك لكنها عندما وقفت أمام "بائع الانتيكات" بجوار سينما ديانا لاحظت صورة للزعيم جمال عبد الناصر تباع على الرصيف في أطار زخرفي قديم وكأن ذلك يحمل دلالة ما رغم عرض صور أخرى لمشاهير للبيع .. فيلم المخرجة فرح الهاشم يقدم "هرتلة" عاطفية أن جاز التعبير ولم يقدم رؤية فنية أو ثقافية لعلاقة فنانة عربية بالقاهرة . ورغم كل شئ تستحق المخرجة التحية لان فيلمها جاء مثل البورتريه السياحي عن أم الدنيا وفي توقيت جميل قبل أيام من افتتاح المتحف المصري الكبير .