الحرية الشخصية بين الحماية القانونية والتشريعية والدينية وبين التعدى على حرمة الحياة الخاصة للإنسان .
أن الحرية حق طبيعى للإنسان تؤيده الشرائع السماوية والقوانين الوضعية فهى حق للإنسان فى تمتعه بحريته وحرمة الحياة الخاصة و الحماية القانونية للأفراد..
فلقد أقرت الشرائع السماوية حق الإنسان فى الحرية وممارسة حياته فى ظل الإلتزام بالقانون والعرف والأخلاق والدين .
ولقد أقر الدين الإسلامى ونص على حرية الإنسان وحقه فى حماية حياته الخاصة وكيانه وماله وعرضه،
وذلك فى القرأن والسنة النبوية
فلقد ذكر رسول الله فى خطبة الوداع
"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا"
صدق رسول الله
ولقد أمر الله فى سورة الحجرات بعدم تتبع عورات الإنسان ومحاولة النيل من شخصيته وكيانه الأدبي ونهى عن ذلك الفعل .
قال تعالى
"ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا" صدق الله العظيم
(الحجرات: 12)
فهذه دعوة للحفاظ على حرية الفرد وحماية حياته الخاصة وعدم التعدى عليها .
أن القوانين الدولية قد أقرت هذه الحقوق فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وكذلك التشريعات الأقليمية التى نصت على الحرية الخاصة لأفراد المجتمع وأفردت لها العديد من القوانين التى تحدد الإفعال التى ينطبق عليها القانون والعقوبة المقررة لمخالفتها والإستثناء من ذلك .
فى الفترة الأخيرة ظهرت العديد من الجرائم الغريبة والشاذة عن مجتمعنا وبخاصة مع تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة واستخدام وسائل التواصل الإجتماعى والميديا فى بعض الجرائم الجنائية والمنافية للأداب والخلقية مما أستوجب إلقاء الضوء على بعض المسائل الشائكة والقوانين المنظمة لحرية الأشخاص .
ومن هنا دعونا نبحث فى هذه المسألة ونضع بعض النقاط لمعرفة حدود هذه الحرية بين الحماية والتعدى و حدود هذه الحرية وضوابطها ومتى يصبح الفعل تعديا ومتى يصبح مباحا ؟
هناك العديد من النقاط ومنها:
(النقطة الأولى )
حق الإنسان فى ممارسة حريته وعدم التعدى عليها وصيانتها وحمايتها..
فهى حق أصيل كفله الله للإنسان وأقرته الدساتير و القوانين الوضعية .
فإذا تم الإعتداء على حريته الخاصة كان فعلا مجرما يلزم العقاب لإنتهاك الخصوصية مثل التصوير وتسجيل المكالمات وحفظ الرسائل وغيرها من الأفعال التى تنتهك حرمة الحياة الخاصة . .
(النقطة الثانية)
اذا تم اختراق هذه الحرية مثلا فى كشف جرائم الجنائية والفساد المالى والإدارى فقد اصبح اختراقها ليس تعديا أنما أصبح واجبا وحفا ولابد فى الكشف عنه وإلا أعتبر تسترا على الجرائم ولقد أعطى له القانون الحماية القانونية .
فلقد أعتبر القانون تصوير الجريمة التي تقع في الشارع فهو من الناحية القانونية مباح، ويسمى "توثيق الجريمة"،
ولقد اعترف القانون بمشروعية الدليل المستحسن من المواقع الإلكترونية وهذا يبيح التصوير لتوثيق الجريمة.
من وجهة نظرى
أن هذا الفعل ليس تعديا إنما عمل محمود يساهم فى مساعدة السلطات فى الكشف عن الجرائم وهذا دور مهم للمواطن الأيجابى .
(النقطة الثالثة)
الشخصيات العامة سواء كانوا حكاما او مسؤولين او شخصيات إعلامية بسبب حكم عملهم
،فهنا يثور التساؤل عن مدى حريتهم الشخصية فى ظل مكانتهم الإجتماعية.
ولذا فقد نظم قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المعدل، علي مواد جرمت ذلك.
فقد نص فى الماده( 20)
على أنه
"يحظر فى أية وسيلة من وسائل النشر أو البث، التعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام، أو ذوى الصفة النيابية العامة، أو المكلفين بخدمة عامة، إلا فيما هو وثيق الصلة بأعمالهم وأن يكون التعرض مستهدفا المصلحة العامة. .
من وجهة نظرى
أنه يجب على الفرد معرفة القوانين ومحتواها والعقوبة المقررة،
ومعرفة متى يكون الفعل مباحا ومتى يكون الفعل مجرما ومتى يصبح تعديا على حرمة الحياة الخاصة..
حتى لا يقع تحت طائلة القانون ولقد تناولت موضوع الحرية الخاصة وحرمة الإعتداء على حرمة الحياة الخاصة مجموعة من القوانين ومنها:
قانون العقوبات وقانون الإتصالات وقانون تقنية المعلومات وقانون الصحافة والإعلام فجميع هذه القوانين توضح جريمة التعدى على حرمة الحياة الخاصة والعقوبة المقررة لها وفيما يلى بعض نصوص هذه القوانين والتشريعات والدستور :
( الدستور)
أبو القوانين والذى يحدد الحقوق والواجبات لأفراد المجتمع
ولقد نص الدستور المصرى فى المادة57، على ان للحياة الخاصة حرمة وهى مصونة لا تمس وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الإتصال حرمةوسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمرقضائى مسبب ولمدة محددة ،وفى الأحوال التى بينها القانون وتلتزم الدولة بحماية المواطنين فى استخدام وسائل الإتصال العامة بكافة اشكالها ولا بجوز تعطيلهاأو وقفها أو حرمان المواطنين منهابشكل تعسفى وينظم القانون ذلك .
معنى ذلك ان الدستور يحمى الحرية الشخصية للفرد ويلزم الدولة بحماية حق المواطنين من التعدى على حياتهم الخاصة .
( القانون)
تناولت التشريعات المصرية العديد من المواد القانونية الخاصة بحماية الحرية الشخصية فى العديد من القوانين ومنها :
(قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات)
رقم 175 لسنة 2018
حيث نص فى المادة( 25 )
فى الجرائم المتعلقة بالإعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع:
انه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 الف جنيه ،
ولا تجاوز 100 الف جنيه أو أحدى هاتين العقوبتين:
كل من أعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى.
انتهك حرمة الحياة الخاصة .
أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإليكترونية لشخص معين دون موافقته.
منح بيانات إلى نظام أو موقع إليكترونى لترويج السلع أوالخدمات دون موافقته .
القيام بالنشر عن طريق شبكة المعلوماتيةأو بإحدى وسائل تقنية المعلومات أو أخبارأو صور ومافى حكمها تنتهك خصوصية اى شخص دون رضاه سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.
ومن هنا توضح المادة الجريمة والعقوبة المنصوص عليها لحماية الحرية الشخصية للأفراد وحرمة الحياة الخاصة .
تنص المادة( 26) على أنه
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه لا تجاوز (300 ألف جنيه) أو بإحدى العقوبتين:
كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معلوماتية شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للأداب العامة أو لاظهارها بطريقة من شانها المساس باعتباره أو شرفه.
هذه بعض نصوص مواد تقنية المعلومات والتى جرمت هذه الأفعال وعقوبة فاعلها.
( قانون العقوبات)
نص فى المادة( 309 مكرر)
على انه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من أعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن..
وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه كلا من:
استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.
التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.
فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً.
ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته.
هذه بعض النصوص القانونية التى تعاقب مرتكب جربمة التعدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين
لذا فلابد من معرفة كل فرد معنى حرمة الحياة الخاصة وعقوبة التعدى عليها وعلى السلطات المنوطة الحفاظ على الحرية الخاصةوتوقيع العقوبة على مرتكبها..
إلا فى حالات كشف الجرائم والفساد بكافة صوره فهذا واجب وفرض على كل من يكتشف الجريمة وهذا الفعل مباحا، أما التعدى على حرمة الحياة الخاصة فهو فعل أثم ترفضه الأديان والشرائع والقوانين ..
الخلاصة أن حق الإنسان فى الحرية وحماية حقه فى الحياة حق أصيل أقرته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية وعلى الإنسان الإلتزام القانونى والدينى والأخلاقى والإنسانى.