هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الأخطار التي تهدد الدلتا الأم

دلتا النيل القديمة قدم الحضارة المصرية والتي تقع بين فرعي دمياط ورشيد وحولهما هي كنز مصر منذ فجر التاريخ بأرضها أخصب الأراضي الزراعية في العالم التي تكونت من تراكم طمي النيل على مدى آلاف السنين وهي كنز مصر بأهلها الذين حفظوا حضارات هذا البلد مع أهل الصعيد والذين صدوا ودحروا الغزوات الآتية من الشمال والغرب وهي التي تحمي قناة السويس من الغرب.

هذه الدلتا مهددة من ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط والعدوان على مدن ساحل المتوسط وعاء حضارة وتاريخ مصر ومن ارتفاع منسوب المياه الجوفية المالحة تحت الأرض الزراعية التي قد تفسد الأرض الزراعية.

وكثيراً ما حذر السيد الرئيس السيسي من البناء على الأراضي الزراعية في الدلتا والوادي ولكن يبدو أن القوانين غير رادعة لمن يبنون في جنح الظلام وغير رادعة للمسئولين عن حماية الأراضي الزراعية سواء في وزارة الزراعة وممثليها في الريف أو مسئولي الإدارة المحلية ولا نريد أن نتهم أبداً بالتهاون أو التواطؤ مع المعتدين على الأراضي الزراعية.

وإذا كانت الدولة الآن تقوم بجهود غير مسبوقة لرفع كفاءة البنية الأساسية بإنشاء الكثير من المباني بأنواعها المختلفة سواء تعليمية أو صحية أو أمنية أو لوجستية أو صناعية على أخصب الأراضي الزراعية والمفروض أن تستفيد الدولة من شبكة الطرق الهائلة للبناء في الأراضي الصحراوية ولكن الاستسهال والرغبة في سرعة الإنجاز تؤدي إلى إهدار الأراضي الزراعية.

ومثال واحد وهو إنشاء منطقة لوجستية ضخمة في الزقازيق، ألم يكن من الأفضل إنشاؤها في العاشر من رمضان وهي تتبع الشرقية أيضاً.

وكما يقول الواعظ الديني أوصيكم ونفسي بتقوى الله فعلى الحكومة أن تقول هذا أيضاً: أمنع المواطنين ونفسي من البناء على الأراضي الزراعية مهما كان السبب.

وحسناً فعلت الدولة عندما أطلقت إرتفاع المباني في الريف لمنع التبوير للأرض الغالية وليلاحظ القائمون على مشروع حياة كريمة أن معظم القرى بها متخللات كثيرة بين مباني القرية عبارة عن دواير مهملة أو بيوت تركها أصحابها أكواماً من التراب وأنا أعرف عشرات الأماكن الخالية في بعض القرى التي يمكن الاستفادة بها.

المباني تمتد يوماً بعد يوم حول طرق الدلتا ولم يتمكن أحد من إيقافها حتى الآن لدرجة أن بعض المصارف قد إختفت وتم البناء عليها وتم البناء على جسور الترع والرياحات.

الدولة قادرة على إعداد وترفيق أراضي صحراوية وبيعها للمواطنين بالتكلفة في الظهير الصحراوي لكل محافظة وكلها لها ظهير صحراوي عدا محافظة الغربية.

الدلتا الجديدة بين الدلتا الأم ومنخفض القطارة قد تكون متنفساً للزيادة السكانية التي تتدفق كالسيل وإن لم نقطع هذا السيل جرفنا إلى خسائر نحن في غنى عنها وبالمناسبة فإن اسم الدلتا يأتي من الحرف اليوناني Ϫ.

والآن وقد بلغت أجيال المدن الجديدة الخمسة ليس لها ظهير زراعي إلا في مدينتي الصالحية الجديدة والنوبارية وهما ليستا بدرجة النمو المطلوبة لذلك ينبغي بدء مرحلة إنشاء قرى زراعية جديدة قريبة من مصادر المياه مثل توشكى وشرق العوينات وواحة سيوة التي لم تستغل مياهها حتى الآن.