الذوق العام يعاني والمجتمع في حالة انقسام حول قضية مطربي المهرجانات.
هناك من يرى أن الفن حرية مطلقة وهناك من يرى أن هناك ضوابط لابد من تواجدها.
الفريق الأول يبرهن على وجهة نظره بمثال ظهور أحمد عدوية في عصر القامات في الغناء بجانب نظرتهم إلى الحريات نظرة مطلقة بمعنى أنهم يرون أنه لابد من ترك مطربي المهرجانات يفعلون ما يفعلون دون رقابة أو حتى توجيه،ومن لايريد الإستماع إليهم فهو حر في قراره.
الفريق الثانى يدافع عن القيم والأخلاق والذوق الرفيع ويرى أن الأغنية التي تدخل المنازل يجب أن تراعي أن هناك أطفالا صغارا سوف يستمعون إلى هذا النمط الغنائي المنحدر.
المشكلة أن هناك بعضا ممن كنا نظنهم من المثقفين وننظر إليهم نظرة إجلال وتقدير ولكننا إكتشفنا مؤخرا أنهم ممن يدافعون عن النمط الغنائي الجديد.
والكل مسؤول عن تلك المهزلة.
الإعلام الذي فتح أبوابه على مصراعيها لهؤلاء أشباه المطربين هو أول المسؤولين ووزارة الثقافة مسؤولة أيضا بشكل أو بآخر.
الإعلام مسؤول لأنه نسي دورا من أهم أدواره وهو تشكيل الوعي وتنمية الولاء.
تابع برامج القنوات الفضائية من الحادية عشر صباحا إلى الثالثة عصرا ستجد تتابع برامج الطهي التي أصبحت ذات شهرة كبيرة.
ثم تأتي برامج تجارة الأعشاب والكريمات وأدوية التخسيس واختفت برامج الفكر والتنوير اللهم الا برنامج المبدعة قصواء الخلالي ولكنه وحيد وسط موجة من برامج تهميش العقل.
وفي فترة المساء مجموعة من برامج التوك شو وهي مفيدة ولكنها لا تشكل وعي المواطن فهي في النهاية تعلق على ما يدور فى الدولة من إحداث.
وفي فترة السهرة يأتي الدور على البرامج الرياضية والتي تحولت إلى ساحة للترويج لهذا النادي أو ذاك ولا تتعرض من قريب أو بعيد إلى مشاكل الرياضية المصرية.
كل هذا والمواطن مسكين مطحون في البحث عن لقمة العيش.
المدارس وخاصة في الريف بعيدة كل البعد عن رقابة المسؤولين وخلايا الإرهاب المستترة مازالت تعبث بحذر في عقول ابنائنا.
المجمل العام أن ظهور مطربي المهرجانات ليس وليد الصدفة بل نتيجة لتدني الأوضاع واحسب أنه لولا جهود الدولة في البناء والتعمير والتحديث لكان الوضع أكثر سوءا مما هو عليه الآن.
يحزن المرء لهذا الإسفاف الذي أصاب الفن في مقتل ولكن لا يجب أن نقف موقف المتفرج فلابد لنا من وقفة صارمة ضد كل ماهو هابط وألا ندع هذه النوعية المتدنية من الفن أن تصل لبيوتنا مهما كلفنا الأمر من مجهود.
الحفاظ على الذوق العام ليس رفاهية ينادي بها البعض ولكنه قدر مكتوب على كل صاحب مبدأ لان تدني الذوق العام يصاحبه تدني وهبوط في كل شيء حولنا.
لا تتركوا هذه الفئة تصل إلى أسماع أبناءكم وحاولوا نشر الفن الحقيقي الذي يحرك مشاعر الخير والحق والجمال داخل ارواحنا.
ليس هناك عاقل ضد حرية الإبداع ولكن ما هو تعريف حرية الإبداع حتى نستطيع تقييم الموقف بشكل صحيح؟
لا يوجد تعريف واضح ومحدد لحرية الإبداع وليس هناك حد للإبداع ولكن بشرط أن يحافظ هذا الإبداع على الهوية الوطنية وان يعين الدولة في مكافحة كافة القضايا التي تواجهها.
الإبداع ليس تدنيا في الألفاظ ومن يرى ذلك فهو حر في رأيه ولكن فليكن ذلك بعيدا عن شبابنا.
ليست هذه مصر التي أنجبت واحتضنت قامات الفكر والفن والإبداع على مدار سنوات طويلة.
الدولة تسعى بسرعة الصاروخ لبناء الدولة الجديدة ولابد لنا من الوقوف خلف هذه الانجازات الضخمة ولا يعقل أنه في ظل هذا التطور الذي تشهده البلاد أن يتدني الوضع الغنائي إلى الحد الذي يجعلنا نخجل من سماع مثل هذه النوعية من المطربين.
مصر ستظل قبلة العالم العربي وستواصل الإبداع والابتكار والتألق بشرط المحافظة على الأخلاق والقيم.
حفظ الله مصر جيشا وشعبا