هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

.. والسلام ختام

يا أيها العام الجديد.. رفقاً بنا!!

لا ندري ماذا تخبئ لنا أيها العام الجديد.. أعلم أن الغيب كله بيد الله.. وأنه لو اجتمعت الجن والإنس كبيرهم وصغيرهم.. حاضرهم وغائبهم علي أن ينفعونا أو يضرونا بشيء فما هم بضارين ولا نافعين أحداً إلا بإذن الله.. رفعت الأقلام وجفت الصحف.. لكن هذا الإيمان بالقدر لا ينفي أن نعمل ونفكر ونحلل ونبحث عن الحقائق الضائعة.. فما يحدث في مجتمعنا أمر لا يتفق مع مصريتنا ومع طبائع البشر علي أرض المحروسة. 
هناك خلل نفسي واجتماعي وتربوي يحتاج إلي رؤية وتفسير وتحليل.. والأهم البحث عن علاج ومخرج. 
تابعنا علي جميع مواقع التواصل الاجتماعي هذا الاحتفاء بالعام الجديد الذي بدأ فعلاً منذ حوالي 72 ساعة.. وكلنا أمل في أن يكون الأفضل.. وكلنا وعدنا الله أن يكون بداية لسنوات الأمل والعطاء والتحسن.. ورجاء في أن تتحسن كل الظروف محلياً وإقليمياً وعالمياً. 
الكل يتحدث عن الظروف المعيشية أو السياسية.. ولكننا نتجاهل الظروف والحياة الإنسانية. 
مع آخر ساعات العام المنصرم 2018 تابعنا حادثاً مأساوياً وهو مقتل طبيبة وأبنائها الثلاثة بطريقة بشعة.. وصدرت بيانات أمنية بعد ساعات تؤكد أن القاتل هو الأب.. برغم بشاعة الحادث إلا أننا أمام قضية اجتماعية وإنسانية مهمة.. ولابد أن ندرسها بوضوح. 
أولاً: هناك من لا يصدق أبداً أن القاتل هو الأب.. رغم اعترافه وتمثيله للجريمة. 
ثانياً: الأب طبيب. والأم طبيبة.. أي أنهما ببساطة في أعلي السلم التعليمي في مصر بعد الثانوية العامة.
ثالثاً: الأب والأم كانا يعملان في السعودية وعادا منذ فترة قصيرة.. أي أن الظروف الاقتصادية والحاجة إلي المال ليست أبداً من أسباب الجريمة. 
رابعاً: الزوجة المقتولة -كما ذكرت والدتها- لم تكن علي خلاف أو تعيش مشاكل.. حتي لو كان هناك خلاف بينها وبين زوجها فمن الواضح أنه ليس خلافاً يؤدي إلي القتل بهذه البشاعة وإلا لكانت الابنة أخبرت أمها بأي طرف من أطراف المشكلة. 
خامساً: القتل لم يكن فقط إزهاق روح.. بل تعدي ذلك إلي أبشع من القتل وهو قطع الرأس.. وهو ما يشير إلي انتقام القاتل ليس فقط من الأم.. بل من الأطفال أيضا وأعمارهم 8 و6 و4 سنوات. 
سادساً: هذه الجريمة تجرنا إلي قضية مماثلة تابعناها في نفس العام 2018 في ميت سلسيل- دقهلية والمتهم فيها الأب بقتل ابنيه ومازالت لم يصدر فيها حكم نهائي. 
سابعاً: الجريمة تمت في مجتمع ريفي حتي وإن كانت الأسرة تعيش في برج سكني مميز.. إلا أنها وقعت في حي سخا بكفر الشيخ.. والجريمة السابقة في مدينة ميت سلسيل وهي عاصمة مركز صغير من مراكز الدقهلية. 
ثامناً: صورة الأب مع أبنائه الثلاثة المنشورة علي مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلي علاقة حميمية وأبوية صادقة.. فماذا حدث؟! 
تاسعاً: نفس الصورة تشبه صورة الأب مع ابنيه في ميت سلسيل.. فماذا يعني ذلك؟! 
عاشراً: لم تكشف التحقيقات الأولية حتي الآن عن أسباب الخلاف الأسري إن كان هناك خلاف أسري بين الأب والأم وكلاهما طبيب. 
ما حدث في هذه الجريمة وما سبقها من جرائم عام 2018 بما فيها حادث المريوطية الإرهابي يجعلنا نأمل وندعو الله أن يكون عام 2019 أفضل.. وبرغم قناعتي وإيماني الكبير بأنه قد كذب المنجمون حتي لو صدقوا.. فإن بعض المنجمين يقولون إن عام 2019 سيكون أفضل من سابقه.. ويري قليل منهم أن العكس هو الصحيح.. لكن برغم تكذبينا للمنجمين أياً كانت رؤيتهم.. إلا أننا مازلنا نحلم وندعو الله أن يجعل عامنا الجديد أفضل وأكثر إنسانية ومازلنا نعيش حالة من الرجاء والأمل والتمني بأن يكون هؤلاء الذين توقعوا أن يكون عام 2019 هو عام الخير والرجاء أن يكونوا صادقين في توقعهم حتي لو كنا مؤمنين بكذبهم.. آملين أن تنصفهم الصدفة. 
قد يقول قائل: وما علاقة المنجمين بما حدث ويحدث؟!.. وأقول إنها حالة أمل ورجاء. خاصة أن العام المنصرم 2018 أبي إلا أن يغادرنا وهو يقذف في وجوهنا بآلام وأحداث سيئة.. خاصة حادث المريوطية الإرهابي الذي جعلنا نحن منه حادثاً كبيراً رغم أنه حادث إرهابي قد يحدث في أي مكان بالعالم.. وقد شاهدنا ما حدث في اليابان وغيرها من الدول ليلة رأس السنة.. وكيف قام شاب ياباني بدهس عدد من المحتفلين برأس السنة لمجرد أنه لا يوافق علي تنفيذ أحكام الإعدام وهو حادث بشع لكنه لم يحظ عالمياً بمثل ما كان مع حادث المريوطية الذي كان ضحيته ثلاثة.. بينما حادث سخا بكفر الشيخ أشد وأبشع وضحيته أربعة منهم أم ومعها أطفالها الثلاثة! 
كل هذه الحوادث وغيرها يربطهم رباط واحد وهو غياب الرحمة والإنسانية وضياع الضمير والقلب. 
لا أريد أن أبحث عن أسباب لهذه الجرائم.. فهي كلها ضد الإنسانية وضد الضمير وضد الدين والأديان كلها هي مكارم الأخلاق. 
أياً كانت الجريمة فإن أهم أسبابها هو غياب الروح الإنسانية والضمير وضعف الإيمان وغياب القلوب المؤمنة الطيبة التي تربت تربية صحيحة هناك حالة من التشوييش الفكري والإنساني في عقول الكثيرين وحالة من الغياب الإنساني عن الضمير والروح والعقل.. أياً كانت أسباب ذلك إلا أنها حالة تحتاج إلي علاج.. وقد يكون غياب الفهم الصحيح للدين هو أحد الأسباب. هناك حالة تشويس دينية.. مثلاً ليلة رأس السنة وهي احتفال وثني يوناني ترفضه المسيحية الحقيقية نجده الآن احتفالاً مسيحياً وإسلامياً بلا منطق.. وإذا لم يكن محرماً أو هناك فتوي بتحريم الاحتفال فإنك تجد مجموعتين أحداهما تحتفل بالسُكر والعري وكل ما يغضب الله.. والأخري تحتفل بالدعاء والتواصل وكأنه مناسبة دينية. 
إنه مجرد مثال لحالة التشويش وأذكره لأنه قريب منا زمنياً.. لكن الأمثلة كثيرة ومتعددة وهي أحد أسباب غياب الإنسانية عن مجتمعنا. 
وإذا كانت الظروف الاقتصادية سبباً لبعض المشاكل.. لكنها ليست سبباً للجرائم البشعة.. لقد حاول البعض مراراً أن يربط الإرهاب بالفقر ويربط بعض الحوادث الإجرامية بالفقر.. وهذا ليس صحيحاً.. ولكنه الجهل أيها السادة.. والجهل ليس صفة لغير المتعلمين.. بل كثير من المتعلمين والحاصلين علي الشهادات جهلة.. وكثير من البسطاء يمتلكون الخبرة والمعرفة والثقافة!! 
حادث كفر الشيخ الذي ودعنا به عام 2018 يجعلنا نصرخ في وجه العام الجديد 2019: أيها العام الجديد رفقاً بنا.. لا تقرب حياتنا بسوء أو بشر.. كن معنا ولا تكن علينا.. أعلم أن كل شيء بأمر الله.. لكنك أيها العام تمثل الزمن الذي يحدث فيه القدر. فرفقاً.. رفقاً بنا. فلم تعد قلوبنا تحتمل مثل هذه الأحداث والحوادث. 
هل أحلم بأن تقوم الجامعات ومراكز الدراسات الاجتماعية والإنسانية بدورها في تحليل ما يحدث والبحث عن حل ومخرج وعلاج.. وطريقة وصول هذا العلاج للمجتمع وبشكل فعال ومؤثر دون أن يكون عكسياً كما حدث ويحدث لكثير من الأطروحات الاجتماعية؟! 
إنه مجرد أمل ورجاء في هذا العام الجديد.. وكل عام وأنتم بخير. 
همس الروح 
** كثيرون يعيشون ويرحلون بلا ذكري.. وبلا حلم ودونما أمل.. لكن الله وحده يعرف نواياهم وإخلاصهم. 
** من رزقه الله الرضا.. فقد رزقه الخير كله. 
** لا يوجد إنسان بلا خطيئة.. لكن الله إذا رضي عن عبد تائب جعل سيئاته حسنات. 
** الحب ليس علاقة بين ذكر وأنثي فقط.. الحب علاقة بينك وبين ربك.. وبينك وبين نفسك.. وبينك وبين أهلك وأصحابك.. فتعلموا الحب. 
** لا إله إلا أنت سبحانك.. إني كنت من الظالمين.