في حب مصر

 أخطر "بوست" في "الجروب"

دعاني صديقي القديم للدخول في "جروب" علي الفيس بوك يضم مجموعة من الشخصيات ذات الشأن والحيثية في المجتمع وتتميز بالاحترام والجدية في مناقشة القضايا التي تهم الوطن والمواطنين وتواجه ما يحاك بمصر من مؤامرات بفكر راق ورؤي مستنيرة. ونظراً لثقتي المطلقة فيمن دعاني للانضمام لهذا الجروب ـ علي الرغم من أنني لست من محبي الانضمام للجروبات ـ وافقت وسميت الله ودخلت بقدمي اليمني!!
في البداية كنت أتابع البوستات والتعليقات والردود عليها "من بعيد لبعيد" بهدف استكشاف ما يحدث ومستوي النقاشات وأدب الحوار ومدي الاستفادة التي من الممكن أن تعود علي كل أعضاء الجروب بعد مناقشة كل قضية.
وللأمانة وجدت جدية وعمقاً في الفكر ورؤي جديرة بالعرض خلال المناقشات والتعليقات والردود عليها وظللت في وضع المراقب لما يحدث ولما تتناوله المناقشات لفترة ليست بالقليلة إلي أن تحدث أحد اعضاء الجروب مهاجما الصحافة والصحفيين فشمرت عن ساعدي وكان أول ظهور لي علي العلن .وألقيت بثقلي في المناقشات التي انتهت باعتذار من هاجم الصحافة والصحفيين واعلان كل من شارك في المناقشات تقديرهم لمهنة الصحافة والعاملين فيها في هذا التوقيت. واختفيت بعدها لفترة عن المشاركة في أي نقاشات واكتفيت بالقراءة عن بعد إلي أن وقعت الواقعة وحدث ما لم أكن أتوقعه ولا انتظره.
إحدي عضوات الجروب كانت تحظي بتفاعلات كثيرة مع أي مادة تنشرها من اعجابات وتعليقات وثناء وأحياناً إطراء وأحيان أخري غزل غير مباشر من أعضاء وعضوات الجروب وذلك نظراً لوضعها صورة للبروفايل الخاص بها لامرأة فائقة الجمال مع حرصها الدائم علي استخدام كلمات جاذبة وعبارات تنم عن ثقافة واسعة . هذه السيدة وجدتها تضع "بوست" عبارة عن سطر واحد من ثماني كلمات قالت فيه: ممكن نتعرف أكتر وكل واحد يقول بيشتغل إيه؟ وبمجرد أن نشرت السيدة هذا البوست "عينك ما تشوف إلا النور" كما نقول في المثل العامي.
انهالت التعليقات من الجميع رجالا وسيدات وفتيات وشباباً وكانت الصاعقة أن وجدت شخصيات مهمة تكتب أنها تعمل في أماكن حساسة في الدولة في فترات سابقة ووظائف مرموقة ومواقع لا يجب أن يذكر العاملون فيها شيئاً عن وظيفتهم. بينما السيدة تبدو سعيدة بما يتم كتابته من أعضاء وعضوات الجروب وترد عليهم بعبارتين فقط "تشرفنا" و"أهلا وسهلا".
لم استطع التحمل خاصة أنه بعد مرور أقل من نصف ساعة كان عدد التعليقات قد تجاوز المائة تعليق بمعني أنه تم الكشف عن هوية ووظيفة ومكان عمل مائة شخص منهم ما لا يقل عن عشرين شخصاً يعملون في أماكن مهمة وكان واضحاً ان هؤلاء الفرحين بالكشف عن وظيفتهم ومكانها كانوا يتباهون ويتفاخرون بأنهم من الشخصيات المهمة . وفي كثير من ردود هذه السيدة كانت تضع شكل الاستغراب والدهشة والتعجب والإعجاب.
قررت قطع هذا السيل من التعليقات قبل ان تتفاقم الامور ويظهر اصحاب وظائف اخطر فدخلت وكتبت تعليقاً واحداً قلت فيه:" بوست لامراة من 8 كلمات نجح فيما فشل فيه الموساد". هنا بدا وكأني قلبت الطاولة علي كل الجالسين أو ألقيت حجراً في الماء الراكد أو اشعلت ناراً في كل المشاركين في هذا البوست.
فجأة وجدت كل الشخصيات المهمة ذات الوظائف المرموقة تحذف تعليقاتها .والكثيرين يعلقون علي ما كتبت بالاشادة والتمتع بالوعي وغير ذلك من تعليقات تشيد بما كتبته بينما صاحبة البوست تتعامل بمنتهي البرود وتقول: "انت مزودها ليه كده؟ ده مجرد تعارف" قلت لها "العيب مش فيكي". العيب في أزمة الوعي الذي يفتقده أناس من المفترض أن يكونوا في مقدمة الداعين إليه في هذا التوقيت الحرج من تاريخ الوطن ووجهت رسالة لجميع أعضاء الجروب وقلت "اتقوا الله في مصر. كونوا أكثر وعيا. لا تضيعوا جهود البناء ولا تكونوا لقمة سائغة لمن لا يريد بمصر خيرا" ثم أعلنت انسحابي من الجروب.