السلام لا يصنعه الا القوة .. والأمن والأمان لا يتحققان إلا بقدرة الحفاظ على مقدرات الوطن وسلامة شعبه والدفاع عن مصالحه الاستراتيجية على كافة المحاور وكل المستويات .. والدولة القوية تمتلك ناصية القيادة والتفاوض والحفاظ على حقوق شعبها .
من هنا وانطلاقاً من هذه الحقائق الهامة انطلقت مصر من خلال فكر وتخطيط القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة الى زيادة القدرة القتالية والفنية لقواتنا المسلحة الباسلة .. خاصة ونحن نعيش فى منطقة تتقلب أحوالها وتتصاعد بين عشية وضحاها ويحوم حولها الطامعون فى ثرواتها والذين يريدون لها العيش فى حالة من عدم الاستقرار على كل الأصعدة.
انطلقت مصر شرقاً وغرباً سعياً لتوطيد علاقاتها السياسية والاقتصادية والتجارية بمختلف الدول الكبيرة والتى تمتلك أحدث التكنولوجيا فى صناعة الاسلحة من أجل تنويع مصادر تسليح قواتنا المسلحة حتى تكون على اتم الاستعداد وفى أى وقت لتنفيذ أيه توجيهات او تعليمات تكلف بها وحتى لا يتوقف هذا المشروع على رضا او عدم رضا دولة أو أخرى .
رؤية مصر بقيادتها السياسية استشرفت مستقبل المنطقة وتنبأت مبكراً بما سيحدث فيها من اضطرابات وأحداث جسام أودت بمستقبل دول وشعوبها فى اطار محاولات الهيمنه وبسط النفوذ والطمع فى ثروات ومقدرات دول المنطقة بدءاً من العراق ومروراً بسوريا وحالياً فى ليبيا .. فكان قرار الاستمرار فى تحديث وتطوير ورفع كفاءة وقدرة قواتنا المسلحة وتزويدها بأحدث النظم القتالية والدفاعية أرضاً وبحراً وجواً .. إضافة لرفع قدرات العنصر البشرى من خلال أنظمة التدريب العالمية الحديثة .
هذا التحديث والتطوير الذى سعى ويسعى الى أمتلاك أحدث الأسلحة وأنظمة القتال والدفاع لم يكن أبداً من قبيل العشوائية أو البذخ بل يدخل فى إطار أستثمار إحدى مؤسسات الدولة الوطنية وقدراتها وجهود أبنائها المخلصين الذين يبذلون دماءهم وأرواحهم بكل طواعية فى سبيل الدفاع عن كل ذرة رمل من أرض هذا الوطن الحبيب .
لم تعد مهمة الجيش المصرى هى الدفاع عن الأرض وحماية الحدود من اية مخاطر فقط .. ولكن أصبحت القوات المسلحة بحكم الدستور هى المسئولة عن حماية الدولة المدنية والحفاظ على مكتسبات الشعب المصرى وحقوق وحريات الأفراد وصون الدستور والديموقراطية .. من هنا كان لابد أن يمتلك هذا الجيش الوطنى الخالص كل مقومات الردع وآليات التفوق والحماية الكاملة لدولة كبيرة بحجم مصر تعرضت وتتعرض وستتعرض كثيراً لمحاولات النيل منها ومن جيشها وشعبها وثرواتها وأمنها وأستقرارها .. والأهم التأثير على دورها الهام والمحورى فى منطقة الشرق الأوسط والعالم العربى .
فى إطار هذا التحديث والتطوير ورفع الكفاءة القتالية وزيادة قدرات الجيش المصرى وتنفيذا لسياسة القيادة السياسية ورؤية القيادة العامة للقوات المسلحة كانت المناورة العسكرية الشاملة "قادر 2020" التى تم تنفيذها بنجاح منقطع النظير وشارك فيها كل الجيوش والمناطق والتشكيلات والوحدات والأفرع الرئيسية للجيش المصرى والتى أظهرت قدرة فائقة ويقظة تامه وأستعداداً عالياً على تنفيذ أية مهام جواُ وبحراً وأرضاً تكلف بها قواتنا المسلحة فى أى وقت وتحت اى ظرف .
ومن قاعدة برنيس الجديدة التى افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ختام أعمال المناورة أظهرت القوات المشاركة قدرة فائقة على ردع كل من تسول له نفسه المساس بسلامة الشعب المصرى فهؤلاء الأبطال أقسموا على أن يحموا بأرواحهم وأجسادهم هذا الوطن وشعبه العظيم .. لذلك كانوا على أعلى درجات الجاهزية والاستعداد لتنفيذ المهام فى أقل وقت ممكن وأظهروا مهارة عالية فى التنفيذ ودقة متناهية فى الأداء .
أيضاً ظهر بوضوح التنسيق الدقيق بين كل الأسلحة المشاركة فى المناورة فى أداء يعكس قدرة القوات المشتركة على أداء مهامها بكفاءة عالية ويوجه رسالة قوية الى أن جيش مصر قادر على الدفاع عنها وعن مصالحها ومكتسبات شعبها ومصالحه ومواجهة الارهاب ومن يرعاه .
قاعدة برنيس الجديدة بشقيها الجوى والبحرى تعد انجازاً جديداً يضاف إلى انجازات القوات المسلحة المصرية فى السنوات الأخيرة والتى تم انشاؤها فى إطار استراتيجية التطوير والتحديث الشامل لقواتنا المسلحة لتكون جاهزة لكافة المهام التى تكلف بها على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى وتعكس فلسفة وخطة القيادة السياسية فى وجود مرتكزات لانطلاق قواتنا لتنفيذ أى عمليات بنجاح .. إضافة إلى حماية وتأمين السواحل المصرية الجنوبية وتأمين استثمارتها الاقتصادية وثراوتها الطبيعية ومواجهة أيه تحديات أمنية فى نطاق البحر الأحمر وتأمين حركة الملاحة العالمية من البحر الأحمر حتى قناة السويس والمنطاق الاقتصادية المرتبطة بها .
"قادر 2020" كشفت فيها القوات المسلحة المصرية عن أسلحة حديثة متطورة ذات كفاءة عالية منها ما تم تصنيفه لأول مرة داخل ترسانة القوات المسلحة وهى لنشات المرور الساحلى والتى دخلت الخدمة خلال أعمال المناورة وأدت دورها بنجاح .. ايضاً ظهرت أسلحة تبرهن على التنوع فى مصادر التسليح مثل مقاتلات الرافال الفرنسية واف 16 الأمريكية والميج 29 الروسية والهليكوبتر الأباتشى الهجومية الأمريكية وكاموف الروسية والغواصات الألمانية .
من حق شعب مصر أن يفخر بقواته المسلحة وأن يعلم علم اليقين أن كل فرد فيها يعمل بجد واجتهاد وحب ووطنية مخلصة من أجل أن نعيش جميعاً فى أمن وامان واستقرار .. فهم حراس امناء على كل مقدرات الشعب المصرى وهم الضمانه الاساسية لحماية مصالح الوطن والأمة العربية .. فالشعب الذى يمتلك جيشاً بقدرة وكفاءة ووطنية جيشنا يستطيع أن يعيش آمنا سالماً مطمئناً لغذاً أفضل بمشيئة الله .
حفظ الله مصر وحمى جيشها وقدر الخير لشعبها