هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

نظرة

العمل الاجتماعي و "الشو" الإعلامي


تلعب مؤسسات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات الأهلية دورًا محوريًا إذ يُفترض أن تكون أحد جسور التنمية والتطوير. غير أن الواقع في كثير من الأحيان يُظهر وجهًا آخر لبعض هذه الجمعيات ؛ وجهًا يبحث بعض القائمين عليها عن الشهرة والمجد الشخصي أكثر من بحثهم عن خدمة المجتمع  بل بعض الجمعيات الأهلية تضع لنفسها أسماء لا تعبر عن دورها  وحجمها مثل المركز الدولي "لكذا".. او المؤسسة العالمية "لكذ" ..  او مركز" كذا" لحقوق الانسان هذا لصنع مكانة اجتماعية مزيفة ويشكل انعكاساً لثقافة الاستعراض التي تسيطر على بعض هذه المؤسسات. فبدلاً من أن يكون الاسم معبراً عن الرسالة والحجم الحقيقي، يتحول إلى وسيلة للتفخيم  و تباهى  أعضاء الجمعية بالمناصب على صفحات السوشيال ميديا.

لم يعد مستغربًا أن نرى جمعيات تنفق جهودها ومواردها في إقامة حفلات تكريم أو ندوات شكلية، تنتهي إلى صور تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لتلميع الأسماء وإبراز القيادات، بينما تبقى القضايا الحقيقية التي تمس المواطن بعيدًا عن دائرة الاهتمام. هذه الظاهرة تفرغ العمل الأهلي من مضمونه، وتحوّله إلى نشاط استعراضي لا يقدم حلولًا، بل يزيد فجوة الثقة بين الناس وهذه المؤسسات ذات "الأسماء الرنانة".

إن خطورة الأمر تكمن في أن المجتمع قد يفقد إيمانه بدور هذه المؤسسات، فيتعامل معها بوصفها كيانات شكلية تسعى وراء الأضواء.. لا وراء التنمية. بينما في التجارب العالمية، خصوصًا في أوروبا ودول عديدة أخرى، نجد أن المجتمع المدني يمثّل قوة ضغط إيجابية تساهم في تأهيل الشباب ودعم التعليم  و رعاية الفئات المهمشة، والمشاركة في صياغة السياسات العامة. تلك المؤسسات هناك لا تركض خلف الكاميرات، بل تكرس جهودها لتقديم برامج ملموسة تترك أثرًا حقيقيًا في حياة الناس.


الحل يبدأ من وعي المجتمع نفسه؛ فحين يدرك المواطن أن دوره لا يقتصر على التلقي، بل يمتد إلى المساءلة والمطالبة بالشفافية، ستضطر الجمعيات إلى إعادة النظر في أولوياتها. كما أن على الجهات الرسمية أن تضع آليات واضحةلتقييم  عمل هذه الكيانات، بما يضمن أن يذهب الدعم والتمويل إلى الأنشطة التنموية الفعلية، لا إلى مظاهر براقة بلا مضمون.


لا يكفي أن نلقي باللوم على الجمعيات وحدها، فالمجتمع – وخاصة فئة الشباب – عليه دور مهم في رفض الاستعراض والمطالبة بالجدية المشاركة الواعية في أنشطة المجتمع المدني، والتطوع في المبادرات التي تقدم خدمات حقيقية، هي السبيل لتقويم المسار. إن تجاهل الناس لتلك الممارسات السطحية ووعيهم بحقيقة دور هذه المؤسسات سيجبر القائمين عليها على العودة إلى مسارها الطبيعي كأداة للتنمية لا كمنصة للشهرة.