.. يخطئ من يتصور - ولو للحظة - أن الصحافة الورقية وخاصة الصحف القومية يمكن أن تزول أو تنزوى فإن ما حباها به الله من مقومات وقدرات وما تتمتع به من إمكانية التطوير والتأقلم والتكيف مع الثورة الرقمية الجديدة والإبداعات التكنولوجية الحديثة وقدرات الذكاء الاصطناعي.. هذه جميعها وأسباب أخرى تجعل الصحافة الورقية.. والصحف القومية - بمائة مليون «روح».. وبالتالي فإنها لن تفنى أو تضعف حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
... إن العالم ومنذ ما يزيد على عقدين من الزمان وهو ينظر بقلق إلى الصحافة الورقية خشية أن نزوى. وزادت خفقات قلوب عشاق الصحافة الورقية إزاء خروج بعض الصحف العالمية من حياة الورق» إلى حياة « الفضاء الإلكتروني».. لكن سرعان ما عاد كثير من هذه الصحف إلى الورق لتؤكد بما لا يدع مجالاً لأى شك مدى قدرة الصحافة الورقية على التكيف والتطور .. فإن بعض الصحف التي غابت.. عادت أقوى كثيراً مما كانت فإن للورق والأحبار رائحة لا تخطئها أنف وأذن وعيون عشاقها فإنهم بمئات الملايين فوق الكرة الأرضية .. وهؤلاء - ونحن منهم - لن يسمحوا لها أبدأ بالانزواء أو الفناء أو حتى الغياب.
.. وأمام صحافتنا القومية.. أنحنى وينحنى كل الوطنيين الشرفاء فإن دورها الوطني المشهود لا ينكره إلا جاحد أو حاقد.. وقفت بكل قوتها في خندق الدولة الوطنية المصرية.. ساندت بكل القوة دعوات التحرر الوطني والتحرر من الاستعمار ليس في مصر وحدها وإنما في كل العالم وفى أفريقيا على وجه الخصوص.. وقفت بكل القوة ضد الأفكار الهدامة وجماعات الإرهاب الفكرى وداعش والتكفير والهجرة... حاربت الشذوذ الفكرى ودعاوى الإحباط واليأس والقنوط... كانت صوت الشعب وضميره النابض في سائر الحروب التي خاضتها مصر دفاعاً عن الأرض والعرض وعن الشعب الفلسطيني دائماً .. أثبتت الصحافة القومية دوماً أنها درع الدولة المصرية قيادة وشعباً .. مصدراً للإلهام والصدق قائدة للوعي.. تنير الرأى العام ولا تضلله.. تواجه الشائعات والأكاذيب والفتن... تصون وحدة الوطن وترابه وتحصن شركاء الوطن من المسلمين والمسيحيين ضد كل مخططات الأعداء والمتآمرين والذين تسلطوا على العالم
يستهدفون اغتيال قيمة واجتثاث جذور الانتماء والولاء فيه وإشاعة الفوضى واليأس في ربوع الأمم حتى يسهل ابتلاعها والسيطرة على تقاديرها وثرواتها.
وأصار حكم القول... فإننى أنظر بفخر واعتزاز وإعجاب وتقدير وحب إلى « الجمهورية» صحفيتي « القومية» التي أمضيت فيها نصف قرن من الزمان أتعلم في مدرستها وأرتقى في محرابها .. وأنهل من فيض أستاذية وخبرة وعلم كبار الصحفيين فيها .. فإن صحفيتي الجمهورية» لم تقف فقط عند التنفيذ الأمين لرسالتها التي أنشئت من أجلها بالتعبير الصادق عن ثورة يوليو 1952 المجيدة. فكانت الصوت القوى الشريف والنزيه للثورة الخالدة. ولم تكتف «الجمهورية برصد الأحداث والانخراط فيها والتعايش والتفاعل معها .. وإنما كانت ولا تزال - شريكاً فاعلاً تنقل بأمانة نبض الشارع المصرى وحس المواطن وتضع أمام صانع القرار وجماهير الشعب أيضاً - حقائق الواقع بالصدق والموضوعية دون تهويل أو تهوين ساعد على ذلك استحواذها على أسماء وأفلام وكتابات كبار رجال الثورة وقيادتها .. ولم لا؟.. فإن «جمهوريتي حظيت بأن يكون الرئيس خالد الذكر جمال عبد الناصر هو صاحب ترخيصها .. وكان الرئيس العظيم الراحل أنور السادات أول رئيس لتحريرها وخطف بأفلام الكبار من أمثال صلاح سالم والفلسطيني ناصر الدين النشاشيبي.. وغيرهما.. بالإضافة لكبار الكتاب وقادة الفكر في سائر مناحي الحياة.
... ليس هذا فقط.. بل أن "الجمهورية" استقطبت كوادر صحفية شديدة التميز بعضهم خرج منها لرئاسة تحرير صحف أخرى... واستطاعت "الجمهورية" بأقلامها الوطنية النزيهة أن تكون مركزاً للدراسات الوطنية إدارة أقطاب كبار منهم الدكتور فتحى عبد الفتاح وأخيراً المرحوم اللواء سامح سيف اليزل.. وتتلمذ في محرابه الكثيرون من كبار صحفيي الجمهورية، وقيادتها .. وقدم المركز دراسات ورؤى وتحليلات وأفكاراً وبدائل تثرى الحياة الصحفية وتقدم الرؤى والبدائل لمن يملك القرار.
وزادت الجمهورية من مساحات الرأى والرأى الآخر. والتحقيقات الصحفية الميدانية الكاشفة.. ودخلت الكثير من المعارك مع الوزراء والمحافظين دفاعاً عن حيدتها وموضوعيتها فكانت دائماً - ولا تزال - الجريدة الأقرب إلى قلب المواطن ونبض ضميره الوطني الحي في كل ربوع مصر وقراها ومدنها ومراكزها ومحافظاتها.
.. فخور بـ "جمهوريتي" .. فإنها وعلى مدى عمرها كانت الصوت الأقوى والأعلى دفاعاً عن فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن رضه.. وحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة على أرض الرابع من يونيو حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
.. فخور بـ «جمهوريتي».. فإنها بنظرة سريعة على عناوينها طوال الحرب الغاشمة على غزة ومنذ السابع من أكتوبر 2023 وخلال الأشهر الماضية فإنها الصحيفة المصرية والعربية والعالمية والقومية الأقوى تعبيراً بين الصحف كافة عن معاناة الشعب الفلسطيني.. وما يتعرض له من حرب الإبادة والتجويع والتشريد .. وحرب التهجير .
.. فخور به الجمهورية، فإنها وهى تساند بقوة إنجازات الدولة المصرية ومشروعاتها ونجاحاتها العملاقة فإنها لم تتردد أو تصمت أمام إهمال صادم أودى بحياة 19 من خيرة بنات مصر والمنوفية في حادث الإقليمي.. تناولته "الجمهورية" بما رأت فيه خللا فادحاً في إجراءات الصيانة.. وكتبت الجريدة .. وتصدى رئيس التحرير الكاتب الصحفي أحمد أيوب بقلمه للقضية مطالباً بالاهتمام بالصيانة تماماً كما نهتم بالإنشاء... ولا تضيع صيحة "الجمهورية" سدى.. وإنما نجد صداها قرارات يعلنها بكل القوة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى معلناً إنشاء مجموعات عمل للصيانة تقى مصر من تكرار ما حدث بما يؤكد ولا يدع مجالاً لأى شك أن جريدتي الجمهورية لا تزال قوية التأثير وأن سطورها لا تذهب سدي ليبقى للكلمة المكتوبة سحرها .. ولتبقى للصحافة القومية قوتها وتأثيرها ... شاء من شاء.. وأبى من أبى.. ولتحيا «الجمهورية».