كالعادة تتساقط الأوراق في خريف الحياة وأفقد كل يوم صديق من الاصدقاء المقربين ، لكن رحيل الصديق العزيز الفنان سليمان عيد لم يكن مجرد ورقة تسقط، بل كان وجعًا مزق قلبي ، رحيله المفاجئ أصابني بالصدمة التي افقدتني التوازن ، علمت بخبر وفاته ورحيله عبر الفيس بوك من بوست الصديق العزيز الفنان شريف باهر ، لم أصدق أنه رحل ولم ولن أراه مرة أخري ، لم يسعدني حظي لوداعه لمثواه الأخير لسبب خارج عن ارادتي ، وعبر السوشيال ميديا طالعت الوجوه وجميعهم اصدقاء لي واعرفهم عن قرب ، وهي تودعه ودموع عمي الفنان الكبير صلاح عبدالله وأحمد السقا وكل من عرفوا سليمان عيد ، رحل من امتلك أعلى رصيد من الحب، تاركًا وراءه ضحكة صافية كانت ملجأً للملايين، وروحًا طيبة احتضنت الجميع. منذ أن تعرفت عليه اثناء عرض مسرحية عفرتو للفنان الكوميدي الكبير محمد هنيدي وإلى الآن كنت أري فيه قلبا جميلا طيبا يسير بيننا ، قلبه الذي توقف فجأة إثر أزمة صحية قلبية عاش ينبض بالحب والفن لم يتوقف عن حبنا . لم يكن مجرد فنان، بل كان صديقًا لكل من عرفه، أخًا لزملائه، ومصدر بهجة لجمهور لم يملّ من إبداعه. رحل سليمان، لكن حبه سيظل يروي قلوبنا، وضحكته ستبقى صدى يرن في ذاكرتنا إلى الأبد.
كان أخر لقاء بيننا في أحد المستشفيات بمدينة أكتوبر كنا في زيارة فنان صديق مشترك بيننا وسعدت جدا بهذا اللقاء الذي جمعني به عن طريق الصدفة ، ومنذ أكثر من اسبوع تلقيت اتصالا تليفونيا منه وقال لي فيه بالحرف الواحد " انت ساكن في زايد وأنا ساكن في زايد لازم نتقابل " واتفقنا علي أن يكون بيننا اتصال ونلتقي ونذهب معا للصديق العزيز الفنان طيب القلب شريف باهر في المهندسين، لقاء لم يتم ولهذا شعرت بعدم الاتزان لرحيله ولُمت نفسي كثيرا لأني لم اكلمه للقاءه ، ولكن هذه ارادة الله وقدرة الذي لا نملك أمامها اي اعتراض ، فهو من صنع لنفسه مكانا في قلوب كل من عرفه وتعامل معه أو رآه علي الشاشة ، فرصيده في قلوبنا صنعه سليمان بنفسه بالحب والابداع الفني وموهبة فطرية وخفة ظل جعلته يبرز سريعًا كأحد نجوم الكوميديا في مصر ربما لم يأخذ حقه ولم يكن الحظ حليفا له ولكن كان يؤمن ايمانا عميقا بأن الرزق بيد الله وأن الستر يكفيه من هذه الدنيا وأن حب من حوله له يغنيه عن أي شئ . لم يكن بحاجة إلى أضواء كبيرة أو أدوار بطولة ليترك بصمته، فقد كان حضوره كافيًا لسرقة الأنظار، حيث قدم شخصيات عفوية متنوعة أحبها الجمهور لصدقها وتلقائيتها. كان يمتلك قدرة نادرة على إضفاء روح خاصة على كل دور، مهما كان صغيرًا، مما جعله شريكًا لا غنى عنه في كثير من الأعمال التي شارك فيها. لم يقتصر تألقه على الشاشة الكبيرة، بل امتد إلى خشبة المسرح، حيث كان نجمًا في كل العروض التي شارك فيها ببراعته في تقديم الكوميديا التي تجمع بين العمق الإنساني والخفة، مما جعل مشاهده محفورة في قلوبنا وعقولنا حيث أضاف لمسة سحرية جعلت كل مشهد يشارك فيه لحظة لا تُنسى. كانت قدرته على تحويل المواقف البسيطة إلى لحظات ممتعة دليلاً على موهبته الاستثنائية التي جعلته محبوبًا من الصغير إلى الكبير.
لم يكن سليمان عيد مجرد فنان، بل كان إنسانًا بمعنى الكلمة متسامحا لأبعد درجة من درجات التسامح حتي مع اصدقائه المقربين منه رغم كثير من المواقف التي كانت تغضبه تحت بند ده تهريج . كان يحمل قلبًا كبيرًا مليئًا بالحب والدعم لكل من حوله وشهد علي ذلك كثيرون خاصة ما سمعته من نجوم مسرح مصر وشباب كانوا يبدأون خطواتهم الاولي في حياتهم الفنية ، ليس لديه حسابات في تقديم يد العون لمن حوله ، سواء كانوا زملاء في الوسط الفني أو معجبين. هذا الحب تجلى بوضوح في جنازته، التي شهدت حضورًا غفيرًا من نجوم الفن، الأصدقاء، وجمهور واسع جاء ليودعه بدموع الحزن والمحبة. لم يتمالك العديد من الحاضرين دموعهم، فقد كان سليمان بالنسبة لهم أخًا وصديقًا. تصدرت خبر وفاته وصور الجنازة مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر الجمهور عن حزنهم العميق، مشيدين ليس فقط بفنه، بل بإنسانيته التي جعلته قريبًا من الجميع.
كان سليمان عيد معروفًا بتواضعه وروحه المرحة خارج الكاميرا. يروي زملاؤه قصصًا عن كيف كان ينشر الضحك والطاقة الإيجابية في كواليس التصوير، حتى في أصعب اللحظات. كان يؤمن أن الفن ليس مجرد مهنة، بل وسيلة لنشر السعادة ولمس القلوب. هذا الإيمان جعله يعيش حياته بنفس الروح التي قدمها في أدواره، مما جعل رحيله خسارة شخصية لكل من عرفه عن قرب ولي بشكل خاص .
جاء خبر وفاة سليمان عيد كالصاعقة، خاصة أنه لم يكن يعاني من أمراض معلنة. في صباح يوم الجمعة الماضية ، أصيب بأزمة قلبية مفاجئة أنهت حياته، تاركة الجميع في حالة ذهول وحزن. لم يكن أحد مستعدًا لفقدان هذا الانسان الفنان الذي كان يمثل مصدر إلهام وفرح للكثيرين. مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت برسائل المواساة والتأبين، حيث تداول الجمهور مقاطع من أعماله خاصة التي جمعته علي تيك توك بالفنان الشاب كريم محمود عبد العزيز ، معبرين عن شوقهم لضحكته الصافية التي كانت تزرع الأمل في قلوبهم.
سليمان عيد لم يكن مجرد كوميديان، بل كان فنانًا متنوع يحمل رسالة إنسانية عميقة لان جميع ادواره قريبة من حياتنا فهو واحد من الناس الطيبة التي تعيش بيننا في سلام وحب . كان يرى في الضحكة مفتاحًا للقلوب، ونجح في ترجمة هذه الرؤية إلى أدوار لا تزال تُضحكنا وتُبكينا في آن واحد. رحيله خسارة كبيرة للفن المصري، لكنه ترك إرثًا فنيًا سيظل خالدًا في ذاكرة عشاق الفن والكوميديا. أفلامه ومسلسلاته ومسرحياته ستظل شاهدة على موهبة فريدة، وعلى إنسان استطاع أن يجمع بين الفن والحب في حياة واحدة.
رحيل الفنان الصديق الغالي سليمان عيد لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل جرح غائر هز القلوب. فقدان هذا الإنسان الاستثنائي، الذي عاش حياته ينثر الحب والضحكة الصافية، ترك ألمًا عميقًا يعكس مدى تأثيره ومكانته في نفوس كل من عرفه.
أخيرا
رحل صديقي الفنان سليمان عيد بعدما امتلك أعلى رصيد من الحب ، لا حول ولاقوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون .. مش مصدق يا سليمان ربنا يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته ويلهم أهلك واصدقاءك الصبر .. حنفتقدك يا صديقي يا طيب وإلي لقاء .
وداعًا سليمان عيد.. ضحكتك ستبقى صدى يتردد في قلوبنا، وأدوارك ستظل منارة تذكرنا بأن الفن الحقيقي هو ذلك الذي يترك أثرًا في النفوس. رحم الله الفنان الذي أضحك الملايين، وزرع الحب الفرح في كل قلب عرفه.
مصطفي البلك
[email protected]