أسباب كثيرة وراء اهتمام الجمهور بحلقات مسلسل »عايشة الدور« الذى بدأ عرضه فى النصف الثانى من رمضان، ويأتى فى مقدمة تلك الأسباب عودة النجمة دنيا سمير غانم إلى شاشة رمضان.. إنها الفنانة الشاملة التى تجيد التمثيل وتقديم الاستعراضات والكوميديا بأسلوب جذاب وهى قدرات اصبحت الشاشة المصرية فى أشد الحاجة إليها بعد غياب سعاد حسنى وتوقف نيللى وشريهان، لذلك جاء ترحيب الجمهور بعودة »دنيا« فى عمل يسمح لها بتقديم مواهبها المتعددة التى أشرنا إليها.
أما فريق تأليف المسلسل فهو يضم كريم يوسف وأشرف نصر وسامح جمال مع كاتبتين هما ندى عزت ونانسى عكيلة بالاضافة إلى المخرج أحمد الجندى وهو واحد من أنجح مخرجى الدراما والسينما خلال السنوات العشر الأخيرة ،وقصة المسلسل تحكى تجربة الأم المطلقة »عايشة« التى تزوجت وهى طالبة فى الجامعة وكانت تحلم بالعمل كممثلة وهو نفس حلم والدها »حسن« ولكن الحياة تأخذها وتنجب طفلين، وتمر السنوات وتذهب »عايشة« بالصدفة إلى الجامعة لتأجيل دراسة »فاتيما« ابنة أختها التى تعيش فى أمريكا، وتجد »عايشة« نفسها وهى تعيش دور »فاتيما« لتحقق حلمها المؤجل وبلغة الطب النفسى تحقق رغبتها المكبوتة التى لم تتحقق.
ينجح المسلسل فى تقديم الفروق الكبيرة بين الجيل الحالى للشباب والفتيات فى الجامعات الخاصة وجيل تسعينيات القرن العشرين عندما كانت »عايشة« طالبة جامعية، ومعروف أن تلك الفروق الكبيرة صنعها التطور التكنولوجى حيث تزداد الفجوة اتساعاً بين الأجيال لأن الاكتشافات الجديدة فى مجال الاتصالات اصبحت فائقة السرعة واختلفت لغة التخاطب وأساليب الحياة، لكن لا أحد ينتبه إلى أن جوهر احتياجات الإنسان واحد لا يتغير وأول هذه الاحتياجات أن يحقق أحلامه التى ارتبط بها وعاش من أجلها دون أن يشعر.
ولأن بطلة المسلسل كانت تحلم بأن تكون فنانة تمثل وتغنى وترقص لذلك حاول المخرج أحمد الجندى أن يمنح البطلة المساحة الكافية لاستعراض مواهبها فى اسكتشات غنائية راقصة جعلت المسلسل يبدو مختلفاً عن نوعية الدراما السائدة فى رمضان والمعالجة الاجتماعية لأحداث المسلسل حديثة وعصرية ونابعة من طبيعة القصة ومناسبة لشخصية وأحلام البطلة.
بذلت دنيا سمير غانم مجهوداً فى تقديم شخصيتين هما »عايشة« و»فاتيما« لكنها لم تبتعد عن دنيا سمير غانم التى لا تريد خداع المشاهد بل هى دائماً تحمل رسالة فى مشاهد كثيرة .. وهى تريد الاشارة للتطور الحادث فى حياة الجيل الجديد ولكن تريد ايضا التنبيه إلى أن الأجيال السابقة كانت تعيش الحياة ايضا بنفس الأحاسيس والمواقف باختلاف المصطلحات الانجليزية التى اصبحت تمثل نصف كلامنا للأسف.
اشار المسلسل من بعيد إلى الطلاق باعتباره النتيجة الطبيعية لاختلاف شخصية وأفكار الزوج والزوجة، ورغم أن »عايشة« منفصلة عن زوجها لكنها لم تتخل عن ابنائها وفى نفس الوقت لا تريد التخلى عن حلمها الشخصى وهو ما اجتهد المسلسل فى التأكيد عليه، لذلك فإن مسلسل »عايشة الدور« يستحق التحية وسط عدد كبير من مسلسلات رمضان.