•• احتفل العالم أمس بلغة الضاد فى حدث يتكرر يوم 18 ديسمبر من كل عام منذ أن وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اختياره يوماً عالمياً للغة العربية التى جعلتها المنظمة الدولية إحدى اللغات الست الرسمية التى تعترف وتتعامل بها ويتم ترجمة جميع قراراتها ومنشوراتها إليها حيث
يتحدث بها أكثر من 450 مليون إنسان على كوكب الأرض .
اختارت اليونسكو « الذكاء الاصطناعي » ليكون شعار احتفال هذا العام بغرض تحفيز الابتكار وصوت التراث الثقافى وسد الفجوة الرقمية الموجودة حيث لا يتعدى المحتوى العربى على شبكة الإنترنت 3 ٪ فقط .. مما يستدعى ضرورة تشجيع الباحثين فى هذا المجال من المهندسين والمبرمجين والمفكرين .. والأهم تشجيع المبادرات التى تنادى بالحفاظ على اللغة العربية وحماية « الُفصحي » من هجمات اللهجات العامية المحلية ومحاولات التغريب التى تستهدف استبدال لغتنا الجميلة بلغات أجنبية بدأت تنتشر على ألسنة شبابنا وأطفالنا مما يهدد مستقبل الهوية والثقافة العربية !! .
عندما قال أمير الشعراء أحمد شوقى « أخشى على الُفصحى من عامية بيرم » كان يقصد ما سمعه من أشعار وأزجال بيرم التونسى رغم ان ما كتبه كانت تغنيه أم كلثوم وفريد الأطرش وأسمهان وشادية ومحمد فوزى وغيرهم وكان كلاماً محترماً وفناً راقياً وكانت عاميته أقرب للفصحى بخلاف ما نراه الآن من الفن الهابط وأغانى المهرجانات التى قضت على اللغة سواء العامية أو الفصحى وهبطت بالذوق العام للمستمعين .. فماذا كان سيقول عنها شوقى لو سمعها .. وماذا كان سيفعل شاعر النيل حافظ إبراهيم الذى كان يفخر بلغته وأنشد فيها « أنا البحر فى أحشائه الدر كامن .. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي ؟! » .
للأسف أصبحت اللغة العربية غريبة فى البلدان العربية .. ولم يتم ذبحها فى مجال الفن والأغانى والدراما فقط .. ولكن من يتابع مواقع التواصل الاجتماعى يجد العجب .. ومن يسير فى الشوارع من المحيط إلى الخليج يجد أسماء المحلات معظمها بالإنجليزية أو الفرنسية وكذلك لافتات الإعلانات .. وحتى المنتجعات والأماكن السياحية والفنادق أغلبها بأسماء أجنبية .. والدكاكين تحولت إلى « سوبر ماركت ومولات » .. وبينما العرب يخجلون من لغتهم ويتبرأون منها يتهافت الأجانب على تعلم العربية وفى كل جامعات العالم يتم تخصيص أقسام لتعليمها وقواعدها ودراسة أدبها .. والغريب أيضاً أن الحديث فى مطاراتنا العربية وعلى متن طائرات شركات الطيران العربية يكون بالإنجليزية بما فى ذلك استمارات وبطاقات وتذاكر الطيران .. فلماذا نشعر بالدنية ولا نجعل من يستخدم طائراتنا ومطاراتنا يتعامل بلغتنا ؟! .
لم تتعرض لغة للإهمال واللامبالاة والتجاهل من أهلها مثلما تتعرض له لغة الضاد .. واستمرار الخجل من التحدث بها واستخدام اللغات الأجنبية فى التحدث بين المثقفين ورجال الأعمال والفنانين وأبناء الطبقة الراقية سيؤدى إلى ضياعها وضياع الثقافة وضياع الهوية .. فقد أصبحت الإنجليزية والفرنسية اللغة الرسمية تقريباً لمعظم المهرجانات الفنية فى العالم العربى وكأننا نحن الضيوف فى أوطاننا.. ولا ندرى لماذا لا يتم التحدث بالعربية طالما هناك ترجمة للفنانين والفنانات والمخرجين الأجانب الذين يأتون إلى مهرجاناتنا و احتفالاتنا .. لماذا نتحدث بلغتهم في عقر دارنا بدلا من أن نعلمها لهم .. فهل عندما يذهب الممثلون العرب إلى مهرجانات " كان او فينيسيا او موسكو او يحضرون حفل الأوسكار " يجدونهم يقدمون الحفل باللغة العربية أو بأي لغة أخرى غير لغة البلد المقام به المهرجان طالما هناك ترجمة للضيوف الأجانب ؟! .
أدى تدهور التعليم إلى أن العديد من الآباء والأمهات اصبح راسخاً في أذهانهم أن الحصول على فرص عمل متميزة لابنائهم بعد التخرج لن يكون إلا بإجادة اللغات الأجنبية فهذا يتيح لهم العمل في البنوك والشركات متعددة الجنسيات وفي مجال الاتصالات الدولية وقطاع البترول أو السياحة .. وهذا جعلهم يلحقون الأبناء بالمدارس والجامعات الخاصة والدولية .. ولا مانع في ذلك حتى لا يصلح حال التعليم عندنا .. ولكن ليس على حساب تجاهل اللغة العربية التي هجرها معظم طلاب المدارس والجامعات الاجنبية واصبحوا لا يتحدثون بها بل ويخجلون من التحدث بها .. مما أدى إلى انفصالهم عن المجتمع ولا يفهمون لغتنا ولا يتعاملون بها وفي هذا خطورة على المستقبل .. ولا يقتصر الأمر على دولة بعينها إنما للأسف هذا حال معظم الدول العربية .. فتاهت الفصحى ما بين اللهجات المحلية وما بين اللغات الأجنبية !! .
بالتأكيد .. لا يوجد من يعترض على وجود مدارس أجنبية وافتتاح جامعات دولية فى الدول العربية .. ولكن بشرط أن نستفيد من هذا التعليم ويكون إضافة ويحصل الأطفال على المناهج المناسبة ويتعلم طلاب الجامعات كل جديد فى مجال تخصصهم ويحصلون على التكنولوجيا العصرية وتعلم لغات أجنبية ..
وفى نفس الوقت لابد من التأكيد على الحفاظ على هويتنا وثقافتنا وتقاليدنا وعاداتنا وديننا وعلى لغتنا .. وذلك يحتاج إلى مراقبة المناهج التى يدرسها أولادنا وشبابنا وفرض تعليم « اللغة العربية » والدين .. فلا توجد أمة تسلم عقول وألسنة أولادها لأجانب وجنسيات متعددة بحجة أنهم يحصلون على تعليم جيد .. لان ذلك يؤدى إذا لم ننتبه لأن تسود ثقافات غريبة عن مجتمعاتنا وتصبح اللغة العربية غريبة فى البلاد العربية !! .
نؤمن بكل ثقة أن اللغة العربية باقية لأنها لغة القرآن الكريم المحفوظ بإذن الله .. ولكن على جميع الجهات القيام بدورها خاصة فى ظل ما تتعرض له الأمة العربية من هجمات من ثقافات تريد اقتلاعنا من جذورنا !! .
فى كل عام ومنذ سنوات بعيدة أكتب عن ضرورة العمل على إنقاذ اللغة العربية .. كما يكتب معظم أصحاب القلم .. ونطالب مجامع اللغة العربية المنتشرة فى دولنا بالعمل على التوصل إلى لغة سليمة بسيطة يفهمها ويتعامل بها المواطنون من المشرق إلى المغرب العربي .. وتكون مفرداتها متماشية مع العصر بحيث لا تكون صعبة تناسب علماء اللغة والنحو والصرف فقط .. ولا هى « ركيكة » كالتى يتكلم بها من يتحدثون باللهجات العامية الهابطة .. لغة عربية للجميع توحد الشعوب العربية .. لانه بصراحة رغم كل الجهود التى تبذلها المجامع العربية فانها لا تصل الى رجل الشارع الذى يظن ان أهل هذه المجامع فى أبراج عاجية وكلامهم مثل " اللوغارتيمات " !! .
.. ولان اللغة هي أهم ما يوحد الشعوب فعلى الجامعة العربية أن تقوم بدورها الثقافي وتمكين اللغة .. فإذا كانت تتعثر في مساعيها السياسية والاقتصادية فلا أقل من اعلاء شان الفُصحى فهي الوسيلة للتقريب بين المواطنين من المحيط إلى الخليج و أول خطوة على طريق تحقيق ( الحلم العربي الكبير ) ويمكن للجامعة أن يكون لها دورها في توجيه الدول العربية بجعل احاديث المسئولين تكون بلغة العرب خاصة في المؤتمرات الصحفية مع الأجانب .. و أن تكون المكاتبات في المطارات والفنادق وإعلانات وأسماء المحلات والشوارع بالعربية .. وتناشد وسائل الإعلام المحافظة على اللغة ونشرها .. وطالما ان الاجيال الجديدة تبتعد عن القراءة وتهتم بوسائل التواصل فلابد من إنتاج محتوى عربي على الإنترنت وعمل برامج وألعاب إلكترونية بالعربي للأطفال بدلا من الألعاب التي تدمر هم !! .
كنا قد اقترحنا منذ سنوات أن تقوم الجامعة العربية ببحث توحيد مناهج تدريس اللغة العربية في كل دولنا .. والاتفاق على منهج يشارك في وضعه رؤساء أقسام اللغة بكليات الآداب بكل الدول مع علماء الأزهر واللغة بدار العلوم ومجامع اللغة .. بحيث نتوصل في النهاية إلى لغة يتعامل بها مواطنو 22 دولة عربية ويفهمون بعضهم بكل سهولة .. وكذلك انتاج دراما عربية وانشاء فضائية موحده وقاموس لتعريب الطب والعلوم .. فهل يمكن للجامعة التي تمثل ( بيت العرب ) النجاح في هذه المهمة ام سيكون الحال مثل القضايا السياسية التي لا يتم التوافق عليها ؟! .
*******
•• ابن بلد أصيل !!
•• ما زال هناك أمل رغم الظاهر من التغيير الذى طرأ على الشخصية المصرية وتدهور الأخلاقيات .. فوسط الظلام لا ح ضوء ساطع أشاع النور في النفوس بأن ( ابن البلد ) الشهم الأصيل الذى تم تجريف شخصيتة بفعل فاعل مازالت جيناته موجودة في الدماء .. قد تختفي أحيانا و نظن انها انقرضت .. وقد تتوه في بعض الأوقات ونعتقد أنها ضاعت .. ولكنها فجأة تخرج من وسط الرماد وتعود للظهور من جديد لتحلق فى السماء مثل طائر الفينق .. او لنقل مثل قطعة الألماس يغطيها التراب ويظهر بريقها عندما تجد من ينفضه عنها !! .
سائق تاكسي اجره بسيط في مطروح عثر على كنز من المال ولم يطمع فيه .. حيث انه أثناء عمله توقف ليستريح على طريق ( اسكندرية - مطروح ) وجد كيساً كبيراً او ( شوال ) على الرمال وعندما فتحه وجد به مبلغاً كبيراً من النقود وفي البيت أخذ يعدها وكانت المفاجأة أن المبلغ 8 ملايين جنيه .. فماذا يفعل ؟! .
.. و لانه ابن بلد أصيل لم يلعب الشيطان في رأسة .. كتب ذلك على ال Facebook وطلب أن يتقدم صاحب البلغ وجاء إليه العديد من المواطنين لكن لم يقتنع بما قالوه .. إلى ان جاءه من أعطاه وصف المبلغ والدليل على انه صاحبه ولما تأكد رده إليه بكل سهولة !! .
المفاجأة الأكبر كانت ليست في أنه بحث عن صاحب المال حتى وجدة ولا فى المبلغ الكبير الذى تخلى عنه بسهولة .. ولكن في رفضه أي مقابل مع أنه يستحق 10 ٪ وفقاً للعرف السائد .. الأعجب ان صاحب المبلغ عرض عليه مليون جنيه فرفض أيضا .. وقال له انه يعرف الأمانة و تربى على ذلك .. و أنه يعلم أن المكان الذي وجد فيه المال ليس به كامبرا على الطريق لتصويرة ولكنه متأكد أن الله يراه وسوف ويرزقه بالحلال !! .
الشاب سائق التاكسي اسمه ( سامح رجب ) ومتزوج وله أبناء .. تلك هي النماذج التي يجب تسليط الضوء عليها لأنها تؤكد أصالة ابن البلد وشهامتة وعزة نفسه .. والأهم انه مازال موجوداً ولم ينقرض كما يظن البعض !! .