في خضم تزايد التوترات في الشرق الأوسط، تبرز تساؤلات حيوية حول إمكانية تفادي اتساع رقعة الصراع، خاصة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية داخل طهران خلال مراسم حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
الوضع في المنطقة يبدو قاتما إزاء المخاوف المتزايدة من إمكانية اشتعال حرب شاملة. في هذا الصدد استهل اجرت مجلة "ذا سبيكتاتور" البريطانية تقريرا استهلته بمقارنة درامية من مشهد من مسلسل "ذا جنتلمن" للمخرج جاي ريتشي، حيث تتعرض شخصية "فريدي" للإذلال من قبل رجل عصابات. يتم تصوير مشهد الإذلال المؤلم بطريقة تسلط الضوء على رد الفعل العنيف الذي يمكن أن يكون له عواقب وخيمة. هذا المشهد يعكس حالة الإهانة التي شعرت بها إيران بعد اغتيال هنية، ويعكس التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
إيران، التي شعرت بالإهانة بعد اغتيال هنية، قد تكون في طريقها لتقديم رد قوي. لكن على الرغم من الخطاب التحريضي من القيادة الإيرانية، الذي يدعو إلى تدمير "الكيان الصهيوني" وتحرير فلسطين، فإن طهران تبدو حتى الآن عقلانية وحذرة. وعلى الجانب الآخر، تراقب القوى الكبرى عن كثب رد الفعل الإيراني، بينما تظل إسرائيل في حالة تأهب قصوى.
الاستراتيجية الإيرانية تتسم بالتحفظ، إذ يبدو أن طهران تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين الرد على الإهانة وتجنب التصعيد المفرط. ورغم التهديدات، فإن إيران تحافظ على خطاب توعد بالانتقام مع محاولة لتقدير شكل الرد وتوقيته وحجمه بعقلانية. من جهتها، تسعى إسرائيل إلى استعادة الردع، وهذا يتضح من الإجراءات التي اتخذتها، مثل طلب تخزين الطعام والماء، وتجهيز المستشفيات لتجهيز المزيد من الأسرّة تحسباً لأي تصعيد محتمل.
كلا من إيران وحزب الله يواجهان معضلة كبيرة؛ فمن جهة، هناك ضغط للرد واستعادة الردع، ومن جهة أخرى، هناك إدراك كبير للتكلفة المحتملة لمثل هذه المغامرة. التصعيد المباشر مع إسرائيل قد يؤدي إلى سقوط العديد من المدنيين، مما يزيد من خطر انتقال المعركة إلى أراضي إيران ولبنان، وقد يؤثر على استقرار المنطقة بشكل أكبر.
ايران، التي تعتبر حليفاً رئيسياً لحركة حماس، قد تجد في اغتيال هنية فرصة لزيادة الدعم السياسي والعسكري للفلسطينيين كجزء من استراتيجيتها لمواجهة إسرائيل. على الجانب الآخر، إسرائيل قد تعتبر هذا التصعيد جزءاً من سياستها الأمنية للتعامل مع ما تراه تهديداً مباشراً من الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران.
الضغوط الدولية قد تكون حاسمة في المرحلة المقبلة. إن قادة العالم يتابعون عن كثب تطورات الوضع في الشرق الأوسط، وقد يشهد المجتمع الدولي تحركات مكثفة للضغط على الأطراف المعنية لتجنب التصعيد. إن التزام القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بتعزيز جهود الوساطة والدعوة إلى الحوار قد يساعد في تجنب انفجار الأوضاع إلى صراع أوسع.
لا شك في انه تسود حالة من القلق والتوتر في الشرق الأوسط، مع احتمال تصاعد الصراع إلى مستوى جديد من المواجهات المباشرة. على الرغم من الخطاب العدواني والإشارات إلى احتمالية رد قوي من إيران، فإن هناك أيضاً إشارات إلى الوعي بتكاليف التصعيد. ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان بإمكان الأطراف المعنية تجنب حرب شاملة أو ما إذا كانت التوترات ستؤدي إلى اشتعال الصراع بشكل أوسع.
[email protected]