لم أندهش كثيرا من اغتيال القيادى الفلسطينى صالح العارورى فى الضاحية الجنويبة لبيروت مع عدد من قيادات المقاومة الفلسطينية، فهذه عادة متأصلة فى الصهاينة عبر التاريخ، ومنذ أن ابتليت بهم البشرية، ووصف ثابت لهم، وسجية معروفة منهم، وقد حاولوا قتل رسولنا الخاتم صلوات الله وسلامه وعليه، ونشروا فى العالم فسادهم وقبحهم.. ويسجل التاريخ قائمة طويلة من عدوان الصهاينة وقتلهم الأبرياء بغير حق فى كل دول العالم، كما سجل المؤرخون صفحات سوداء من اغتيالهم لخصومهم خارج مسرح المواجهة المشروعة فى ساحات القتال.. لقد قتل الصهاينة منذ 7 أكتوبر الماضى وحتى اليوم نحو 25 ألف فلسطينى بريء فى قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا والجنوب اللبناني، فكل من قتلوه فى أقل من ثلاثة أشهر لم يكن يواجههم عسكريا بل كلهم مدنيون مسالمون لا دخل لهم بالقتال والمواجهات العسكرية، وما قتل الروارى ورفاقه فى بيروت أفدح من قتل المدنيين فى الأراضى المحتلة، بل هو حلقة فى سلسلة اغتيالات أمر بها مجرم الحرب الأول فى العالم الآن «النتن ياهو» وينفذها الموساد والشاباك الصهيوني، ولولا خشيتهم من ردة فعل الدول الأخرى التى يقيم على أرضها فلسطينيون ينتمون لحركات المقاومة لتكررت الجريمة فى دول عربية وإسلامية عديدة.
>>>
والواقع أن معاناتنا الشديدة مع هؤلاء القوم وما قتلوه من العرب والمسلمين دون ذنب، وما مارسوه من عدوان على الأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال فى العديد من الدول العربية وممارستهم كل أشكال الإرهاب ضدنا هو حلقة فى سلسلة جرائمهم مع كل شعوب العالم عبر التاريخ.. فقد ارتكبوا أبشع صور الإرهاب مع كل الشعوب التى ابتليت بهم.. وقد سجل الإمام الأكبر الراحل د.محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق - رحمه الله - صفحات من سجلهم الأسود عبر التاريخ فى أشهر رسالة دكتوراه «بنو إسرائيل فى القرآن والسنة» وقال: «إن إفساد الصهاينة فى الأرض أمر اتسع نطاقه، وعم بلاؤه، وتعددت أساليبه، وتنوعت وسائله، ومن ألوانه: القتل والاغتيال، وقد سجل القرآن الكريم عليهم ذلك فى كثير من آياته حيث قتلوا الأنبياء، والذين يأمرونهم بالقسط من الناس، وهؤلاء القوم لم يقابلوا جميل الرسول الخاتم معهم بالجميل، بل قابلوا حلم رسول الله فى التعامل معهم بالتمرد والغدر والإساءة، بل انتقلوا من نطاق جحود النبوة، وتشكيك المسلمين فى صحة دين الإسلام إلى نطاق الغدر ونقض العهود والمجاهرة بالكراهية والاستنكار».
>>>
وتوضح الدراسة العلمية للإمام الراحل أن العالم كله قد اكتوى بنار الصهاينة ونكل بهم وانتقم منهم ولم يفعل بهم العرب والمسلمون «واحد فى المائة» مما فعله العالم بهم ردا على جرائمهم ورذائلهم.. وأورد أمثلة مدعومة بالبراهين التاريخية، ويقول: «ما حل بهم على أيدى بعض الدول الأوروبية، جزاء إجرامهم وإثارتهم للفتن كثير جدا»، ففى إنجلترا تؤكد الدراسة إن الملك الإنجليزى يوحنا أصدر أمرا بحبسهم فى جميع أنحاء مملكته، وان الملك هنرى الثالث أمر بتعذيب الصهاينة وحبسهم، لأنه اكتشف أنهم ينزعون جزءا من ذهب النقود الرسمية وفضتها بعد أن يقبضوها ثم يدفعوها إلى التجار، وقد أدى عملهم هذا إلى النقص فى عملة البلاد الرسمية، ولم يكتف هذا الملك الإنجليزى بتعذيبهم وحبسهم، بل أصدر أمرا سنة 1230م مؤداه أن عليهم أن يدفعوا إلى الخزانة البريطانية ثلث أموالهم المنقولة.
وتضيف الدراسة العلمية لشيخ الأزهر الراحل: «عندما تولى إدوارد الأول عرش بريطانيا سنة 1273م أصدر أمرا يحرم فيه على اليهود التعامل بالربا ورهن الأرض، بعد أن تبين له أن أموال الدولة توشك أن تذهب إلى جيوبهم وحدهم، ولكنهم لم يتقيدوا بهذا الأمر، بل سرقوا جزءا كبيرا من ذهب العملة البريطانية، وقد حكم على مائتى يهودى بالإعدام سنة 1281م بعد أن ثبتت عليهم هذه الجريمة، وفى سنة 1298م جأر الشعب البريطانى بالشكوى من الصهاينة، فأصدر الملك إدوارد الأول أيضا أمرا بطردهم من جميع البلاد البريطانية فى غضون ثلاثة أشهر، إلا أن الشعب البريطانى لم يصبر عليهم حتى تنقضى تلك المدة، بل أخذ يقتل منهم العشرات والمئات، وفى قلعة بورك التى احتمى بها عدد كبير من اليهود، أحرق الإنجليز أكثر من خمسمائة منهم، وقد اضطر الملك إلى ترحيلهم قبل انقضاء المدة، لئلا يفتك الشعب بهم جميعا فى كل مكان، وظلت بريطانيا خالية من اليهود طوال ثلاثة قرون تقريبا.
ولكن عادوا إليها سنة 1656م فى عهد الطاغية كرومويل، الذى اغتصب الملك من شارل الأول بعد أن قدم له اليهود الأموال الطائلة فى سبيل بلوغ أغراضه.
>>>
ورصدت الدراسة ما حل باليهود فى فرنسا، حيث تعرضوا فى أزمنة مختلفة لنقمة الشعب الفرنسى وغضبه، لأنهم دمروا اقتصاده الوطني، وخنقوه بالربا الفاحش والمعاملات السيئة، ففى عهد لويس التاسع تدهورت الحالة الاقتصادية فى فرنسا، فأصدر أمرا بإلغاء ثلث ما لليهود على الفرنسيين من ديون، ثم أصدر أمراً آخر بإحراق جميع كتبهم المقدسة، خاصة التلمود.. وخلال تولى فيليت الجميل حكم فرنسا أنزل الفرنسيون باليهود صنوفا من القتل والنهب والتشريد، ثم طردوا من فرنسا نهائيا، ولكنهم عادوا إليها بعد أن دفعوا لفيليب ثلثى الديون، التى لهم فى فرنسا، وفى سنة 1321م هاجمهم الشعب الفرنسى وذبح عددا كبيرا منهم، ونكل بهم تنكيلا شديدا، ثم طردوا من فرنسا بعد أن نهبت أموالهم ولم يستطيعوا العودة إليها إلا فى أواسط القرن السادس عشر، وفى أوائل القرن التاسع عشر حاول نابليون أن يستغلهم لبلوغ مطامعه ولكنهم خانوه، فاحتقرهم، وبطش بعدد منهم، وفى إيطاليا تقول الدراسة «حاربهم البابوات حربا شعواء وأطلقوا عليهم اسم «الشعب المكروه» وأغروا الشعب الإيطالى بهم فأعمل فيهم القتل والتشريد، وقد أصدر البابوات مراسيم عديدة لتكفير اليهود، وفى سنة 1242م أعلن البابا جريجورى التاسع اتهامات صريحة ضد التلمود، الذى يطعن فى المسيح والمسيحية، وأصدر أوامر التلمود ضدهم فأحرقت جميع نسخة، وفى سنة 1540م ثار الشعب الإيطالى على اليهود ثورة عارمة قتل فيها الآلاف منهم، وطرد من بقى حيا خارج إيطاليا.
وفى إسبانيا «ذاق اليهود من الشعب الإسبانى وملوكه صنوف الذل وألوان الهوان، ولم يظفروا بالراحة إلا فى أيام الحكم الإسلامى لإسبانيا.
هذه صفحات من سجل الصهاينة الأسود فى العالم.