هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

عزف‭ ‬على‭ ‬حرف

رئيس للتحديات‭ ‬الصعبة

 

بقدر‭ ‬حجم‭ ‬مصر‭ ‬وثقلها،‭ ‬تكون‭ ‬الأحداث‭ ‬التى‭ ‬تقع‭ ‬فيها‭ ‬كبيرة‭ ‬وعظيمة،‭ ‬ومما‭ ‬نشهده‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬أعلى‭ ‬استحقاق‭ ‬انتخابى‭ ‬فى‭ ‬البلاد‭ ‬لاختيار‭ ‬رئيس‭  ‬لمصر‭ ‬لفترة‭ ‬قادمة،‭ ‬وتأتى‭ ‬الانتخابات‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وسط‭ ‬أحداث‭ ‬جسام‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وفى‭ ‬منطقتنا،‭ ‬ولمصر‭ ‬خاصة،‭ ‬ونحن‭ ‬نشهد‭ ‬اضطرابات‭ ‬اقتصادية‭ ‬عالمية،‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والاضطرابات‭ ‬والقتال‭ ‬الدائر‭ ‬جنوبا‭  ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭.‬
ويأتى‭ ‬الحدث‭ ‬الأكبر‭ ‬شرقا‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والمجازر‭ ‬البشرية‭ ‬التى‭ ‬ترتكبها‭ ‬الآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬والمحاولات‭ ‬الخبيثة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ليتركوا‭ ‬أرضهم‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬المستمر‭ ‬أرضا‭ ‬وجوا‭ ‬وبحرا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬أمامهم‭ ‬خيار‭ ‬غير‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬أرضهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حسمته‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬قولا‭ ‬واحدا‭ ‬بأن‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قسريا‭ ‬من‭ ‬أرضهم‭ ‬والأمن‭ ‬القومى‭ ‬المصرى‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭. ‬
وكما‭ ‬تعرض‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بأحداث‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬تأثرت‭ ‬مصر‭ ‬أيضا،‭ ‬وتلتها‭ ‬آثار‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرنية‭ ‬وألقى‭ ‬الحدثان‭ ‬بظلالهما‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬ولكن‭ ‬استطاعت‭ ‬مصر‭ ‬بفضل‭ ‬قيادتها‭ ‬الحكيمة‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬هاتين‭ ‬العقبتين،‭ ‬بل‭ ‬وتنطلق‭ ‬مشروعاتها‭ ‬القومية‭ ‬الكبرى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬البلاد،‭ ‬وهى‭ ‬التى‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬أنكرها‭ ‬من‭ ‬يراها،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تأثرت‭ ‬بتلك‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬الخارجية‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادتنا‭.‬
وانتهت‭ ‬الباكورة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬بتصويت‭ ‬المصريين‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬التى‭ ‬انطلق‭ ‬الماراثون‭ ‬بها،‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي،‭ ‬فى‭ ‬137‭ ‬سفارة‭ ‬وقنصلية‭ ‬فى‭ ‬121‭ ‬دولة،‭ ‬كان‭ ‬المشهد‭ ‬متحضرا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أبناء‭ ‬مصر،‭ ‬إقبال‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬الفئات،‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء‭ ‬ومن‭ ‬أصحاب‭ ‬الهمم،‭ ‬وحتى‭ ‬الصغار‭ ‬الذين‭ ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭ ‬بعد،‭ ‬شاركوا‭ ‬بالحضور‭ ‬مع‭ ‬ذويهم،‭ ‬وهذا‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬تدريب‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬السياسى‭ ‬والوطنى‭ ‬والارتباط‭ ‬بالوطن‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭.‬
ويبقى‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬نحن‭ ‬هنا‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬بدورنا‭ ‬لتكتمل‭ ‬الصورة‭ ‬بشكلها‭ ‬المطلوب‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬هويتنا‭ ‬وحضارتنا،‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬التمسك‭ ‬بحقنا‭ ‬الدستورى‭ ‬فى‭ ‬الاختيار‭ ‬والمشاركة،‭ ‬ولا‭ ‬نلتفت‭ ‬أو‭ ‬نسمع‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المثبطين‭ ‬المرجفين‭ ‬فى‭ ‬المدينة‭ ‬بأن‭ ‬المشاركة‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬ولا‭ ‬تؤخر،‭ ‬فهذا‭ ‬كلام‭ ‬باطل‭.. ‬دور‭ ‬الناخب‭ ‬هو‭ ‬التعبيرعن‭ ‬رأيه‭ ‬وتظهر‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬التسهيلات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التى‭ ‬تقدمها‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للانتخابات‭ ‬والجهات‭ ‬المسئولة‭ ‬الدولة،‭ ‬وأن‭ ‬أصبح‭ ‬التصويت‭ ‬بالرقم‭ ‬القومي،‭ ‬وزيادة‭ ‬أعداد‭ ‬اللجان،‭ ‬وإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬بما‭ ‬يتيح‭ ‬الفرصة‭ ‬للجميع‭ ‬للمشاركة‭.‬
نحن‭ ‬المواطنين‭ ‬أيضا‭ ‬أمام‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة،‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتخلف‭ ‬واحد‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬تحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬كل‭ ‬بدوره‭ ‬وحسب‭ ‬ما‭ ‬يستطيع،‭ ‬لإثبات‭ ‬أننا‭ ‬مطالبون‭ ‬بأن‭ ‬نقدم‭ ‬صورة‭ ‬للعالم‭ ‬بأننا‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬وقوتنا‭ ‬فى‭ ‬وحدتنا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التخوين‭ ‬أو‭ ‬المصطلحات‭ ‬التى‭ ‬أعتاد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬يطلقها‭ ‬ويتاجر‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬مكاسب‭ ‬شخصية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الوطن‭.‬
إننى‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬من‭ ‬المصريين‭ ‬كما‭ ‬تعودنا‭ ‬منهم‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الأخيرة‭ ‬أصبحوا‭ ‬حريصين‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الانتخابات‭ ‬والاستفتاءات‭ ‬على‭ ‬الدستور،‭ ‬ويستطيعون‭ ‬الاختيار‭ ‬الصحيح،‭ ‬ويأتون‭ ‬برئيس‭ ‬منتخب‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬والمصاعب‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والمعيشية‭ ‬التى‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رجل‭ ‬دولة‭ ‬يعرف‭ ‬ويقدر‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬بثبات‭ ‬وقوة‭ ‬وإدارة‭ ‬دفة‭ ‬البلاد‭ ‬فى‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬التى‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬توصف‭ ‬به‭ ‬بأنها‭ ‬غاية‭ ‬فى‭ ‬الحرج‭.‬
حفظ‭ ‬الله‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروه‭ ‬وسوء‭.. ‬وجمع‭ ‬أبناءها‭ ‬على‭ ‬الخير