بقدر حجم مصر وثقلها، تكون الأحداث التى تقع فيها كبيرة وعظيمة، ومما نشهده هذه الأيام انتخابات رئاسة الجمهورية أعلى استحقاق انتخابى فى البلاد لاختيار رئيس لمصر لفترة قادمة، وتأتى الانتخابات هذه المرة وسط أحداث جسام فى العالم كله وفى منطقتنا، ولمصر خاصة، ونحن نشهد اضطرابات اقتصادية عالمية، من الحرب الروسية الأوكرانية، والاضطرابات والقتال الدائر جنوبا وعدم الاستقرار فى الغرب.
ويأتى الحدث الأكبر شرقا فى غزة، بحرب الإبادة الجماعية والمجازر البشرية التى ترتكبها الآلة العسكرية الإسرائيلية، والمحاولات الخبيثة للضغط على الفلسطينيين ليتركوا أرضهم تحت القصف المستمر أرضا وجوا وبحرا حتى لا يكون أمامهم خيار غير الفرار من أرضهم، وهو ما حسمته مصر على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى قولا واحدا بأن تهجير الفلسطينيين قسريا من أرضهم والأمن القومى المصرى خط أحمر.
وكما تعرض العالم كله بأحداث جائحة كورونا تأثرت مصر أيضا، وتلتها آثار الحرب الأوكرنية وألقى الحدثان بظلالهما على العالم، ولكن استطاعت مصر بفضل قيادتها الحكيمة أن تتجاوز هاتين العقبتين، بل وتنطلق مشروعاتها القومية الكبرى فى كل أرجاء البلاد، وهى التى تتحدث عن نفسها، حتى وإن أنكرها من يراها، وإن كانت قد تأثرت بتلك الأحداث العالمية الخارجية الخارجة عن إرادتنا.
وانتهت الباكورة الأولى من الانتخابات الرئاسية بتصويت المصريين فى الخارج التى انطلق الماراثون بها، يوم الجمعة الماضي، فى 137 سفارة وقنصلية فى 121 دولة، كان المشهد متحضرا يعبر عن أبناء مصر، إقبال من كافة الفئات، رجالا ونساء ومن أصحاب الهمم، وحتى الصغار الذين ليس لهم حق التصويت بعد، شاركوا بالحضور مع ذويهم، وهذا فى حد ذاته تدريب على العمل السياسى والوطنى والارتباط بالوطن بشكل دائم.
ويبقى أن نقوم نحن هنا فى الداخل بدورنا لتكتمل الصورة بشكلها المطلوب المعبر عن هويتنا وحضارتنا، وفى نفس الوقت التمسك بحقنا الدستورى فى الاختيار والمشاركة، ولا نلتفت أو نسمع لهؤلاء المثبطين المرجفين فى المدينة بأن المشاركة لا تقدم ولا تؤخر، فهذا كلام باطل.. دور الناخب هو التعبيرعن رأيه وتظهر العملية الديمقراطية من خلال نسبة المشاركة خاصة مع التسهيلات الكبيرة التى تقدمها الهيئة الوطنية للانتخابات والجهات المسئولة الدولة، وأن أصبح التصويت بالرقم القومي، وزيادة أعداد اللجان، وإجراء الانتخابات على مدى ثلاثة أيام بما يتيح الفرصة للجميع للمشاركة.
نحن المواطنين أيضا أمام تحديات كبيرة، فلا يجب أن يتخلف واحد عن المشاركة فى تحمل المسئولية كل بدوره وحسب ما يستطيع، لإثبات أننا مطالبون بأن نقدم صورة للعالم بأننا على قلب رجل واحد، وقوتنا فى وحدتنا بعيدا عن التخوين أو المصطلحات التى أعتاد البعض أن يطلقها ويتاجر بها من اجل مكاسب شخصية على حساب الوطن.
إننى على يقين من المصريين كما تعودنا منهم خلال السنوات العشر الأخيرة أصبحوا حريصين على المشاركة فى كل الانتخابات والاستفتاءات على الدستور، ويستطيعون الاختيار الصحيح، ويأتون برئيس منتخب يستطيع أن يواجه كل التحديات والمصاعب السياسية والاقتصادية والمعيشية التى تحتاج إلى رجل دولة يعرف ويقدر فى نفس الوقت على أن يتعامل معها بثبات وقوة وإدارة دفة البلاد فى المرحلة المقبلة، التى أقل ما توصف به بأنها غاية فى الحرج.
حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء.. وجمع أبناءها على الخير