هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

زاوية‭ ‬حادة

نهاية‭ ‬نظام‭ ‬عالمى‭ ‬ظالم

كشفت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير‭.. ‬كشفت‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬وسط‭ ‬نظام‭ ‬عالمى‭ ‬ظالم‭ ‬لايصلح‭ ‬لإدارة‭ ‬شئون‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬ولا‭ ‬يصلح‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬طالما‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬يقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدى‭ ‬أمام‭ ‬جبروت‭ ‬دولة‭ ‬احتلال‭ ‬تجبر‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬على‭ ‬تهجيرهم‭ ‬قسريا‭ ‬من‭ ‬أرضهم‭ ‬وتقتل‭ ‬وتصيب‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬وتدمر‭ ‬أحياء‭ ‬سكنية‭ ‬بأكملها‭ ‬وتقصف‭ ‬وتقتحم‭ ‬المستشفيات‭ ‬بينما‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬المجازر‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التى‭ ‬ترتكب‭ ‬ليس‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحدهم‭ ‬وإنما‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء‭.‬
نحن‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬فقد‭ ‬مصداقيته‭ ‬تماما‭ ‬وعجزت‭ ‬فيه‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬أمنها‭ ‬الدولى‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬رغم‭ ‬دعوات‭ ‬ونداءات‭ ‬ومناشدات‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬حيث‭ ‬فشل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬فى‭ ‬أربع‭ ‬جلسات‭ ‬فى‭ ‬التوصل‭ ‬لقرار‭ ‬بوقف‭ ‬النار‭ ‬وحين‭ ‬زادت‭ ‬المجازر‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬حدها‭ ‬وتغيرت‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بفعل‭ ‬ضغوط‭ ‬شعوبها‭ ‬تمخض‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وتبنى‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬قرارا‭ ‬يدعو‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬هدن‭ ‬إنسانية‭ ‬عاجلة‭ ‬وممتدة‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لعدد‭ ‬كاف‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬للسماح‭ ‬بوصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭.. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ملزمة‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬آلية‭ ‬التنفيذ‭ ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬قرارات‭ ‬خرجت‭ ‬بموجب‭ ‬الفصل‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وليس‭ ‬بموجب‭ ‬الفصل‭ ‬السابع‭ ‬الذى‭ ‬يتضمن‭ ‬أحكاما‭ ‬تتعلق‭ ‬بآليات‭ ‬إنفاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬
الغريب‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬هلل‭ ‬فرحا‭ ‬لخروج‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬عن‭ ‬صمته‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أربعين‭ ‬يوما‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الغاشم‭ ‬ونسى‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاتلتزم‭ ‬أصلا‭ ‬بقرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التى‭ ‬ضربت‭ ‬بكل‭ ‬قراراته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬وهو‭ ‬ماحدث‭ ‬بالفعل‭ ‬حيث‭ ‬رفضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬القرار‭ ‬الأخير‭ ‬فور‭ ‬صدوره‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬عمليا‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬أمنها‭ ‬الدولى‭ ‬بوضعهما‭ ‬الحالى‭ ‬لايصلحان‭ ‬لحفظ‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬وأنه‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لإجراء‭ ‬إصلاحات‭ ‬جذرية‭ ‬وعلاج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التشوهات‭ ‬فى‭ ‬ميثاق‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬وزيادة‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬مع‭ ‬إلغاء‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬‮«‬الڤيتو‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬ثبت‭ ‬فشله‭ ‬فى‭ ‬حل‭ ‬النزاعات‭ ‬والصراعات‭.‬
لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المجنونة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أننا‭ ‬أصبحنا‭ ‬فى‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬عالمى‭ ‬جديد‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭..‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬القمع‭ ‬والقهر‭ ‬والاستبداد‭ ‬ونصرة‭ ‬الظالم‭ ‬على‭ ‬المظلوم‭.. ‬نحن‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬يعمل‭ ‬ويحرص‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والوئام‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬صب‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬وتأجيج‭ ‬الصراعات‭.. ‬نعم‭ ‬لقد‭ ‬فشل‭ ‬النظام‭ ‬العالمى‭ ‬الحالى‭ ‬فشلاً‭ ‬ذريعا‭ ‬فى‭ ‬ردع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإجبارها‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬مجازرها‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومايفعله‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬حربا‭ ‬بالمعنى‭ ‬الدقيق‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمة‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وتهجيرهم‭ ‬قسريا‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬ومافعلته‭ ‬فى‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬وتهجير‭ ‬تفعله‭ ‬حاليا‭ ‬فى‭ ‬الجنوب‭ ‬حيث‭ ‬يتواجد‭ ‬النازحون‭.. ‬ورغم‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬يوما‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المجازر‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬إسرائيل‭ ‬هدفا‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أهدافها‭ ‬سوى‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭ ‬وتدمير‭ ‬غزة‭ ‬فهل‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬أى‭ ‬انتصار‭.. ‬لقد‭ ‬دقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬المسمار‭ ‬الأخير‭ ‬فى‭ ‬نعش‭ ‬النظام‭ ‬العالمى‭ ‬الحالى‭ ‬وحان‭ ‬وقت‭ ‬دفنه‭ ‬دون‭ ‬الترحم‭ ‬عليه‭.‬