كشفت الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة الكثير والكثير.. كشفت أننا نعيش وسط نظام عالمى ظالم لايصلح لإدارة شئون هذا العالم ولا يصلح للحفاظ على السلم والأمن فى العالم طالما ظل هذا العالم يقف مكتوف الأيدى أمام جبروت دولة احتلال تجبر السكان الأصليين على تهجيرهم قسريا من أرضهم وتقتل وتصيب عشرات الآلاف وتدمر أحياء سكنية بأكملها وتقصف وتقتحم المستشفيات بينما هذا العالم غير قادر على وقف هذه المجازر الإسرائيلية التى ترتكب ليس بحق الفلسطينيين وحدهم وإنما فى حق الإنسانية جمعاء.
نحن نعيش فى ظل عالم فقد مصداقيته تماما وعجزت فيه منظمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولى عن وقف إطلاق النار فى غزة رغم دعوات ونداءات ومناشدات غالبية دول العالم حيث فشل مجلس الأمن فى أربع جلسات فى التوصل لقرار بوقف النار وحين زادت المجازر الإسرائيلية على حدها وتغيرت مواقف الدول الداعمة لإسرائيل بفعل ضغوط شعوبها تمخض مجلس الأمن وتبنى على استحياء قرارا يدعو فيه إلى هدن إنسانية عاجلة وممتدة فى قطاع غزة لعدد كاف من الأيام للسماح بوصول المساعدات الإنسانية.. ورغم أن قرارات مجلس الأمن ملزمة للدول الأعضاء إلا أنها تفتقر إلى آلية التنفيذ طالما أنها قرارات خرجت بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة وليس بموجب الفصل السابع الذى يتضمن أحكاما تتعلق بآليات إنفاذ قرارات مجلس الأمن.
الغريب أن هناك من هلل فرحا لخروج مجلس الأمن للمرة الأولى عن صمته بعد مرور أربعين يوما على بدء العدوان الإسرائيلى الغاشم ونسى هؤلاء أن إسرائيل لاتلتزم أصلا بقرارات مجلس الأمن التى ضربت بكل قراراته من قبل عرض الحائط وهو ماحدث بالفعل حيث رفضت إسرائيل القرار الأخير فور صدوره وهو ما يؤكد عمليا أن منظمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولى بوضعهما الحالى لايصلحان لحفظ السلم والأمن فى العالم وأنه قد حان الوقت لإجراء إصلاحات جذرية وعلاج العديد من التشوهات فى ميثاق هذه المنظمة وزيادة أعضاء مجلس الأمن مع إلغاء حق النقض «الڤيتو» الذى ثبت فشله فى حل النزاعات والصراعات.
لقد أثبتت الحرب الإسرائيلية المجنونة على غزة أننا أصبحنا فى أمس الحاجة إلى نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب..فى حاجة إلى عالم خال من القمع والقهر والاستبداد ونصرة الظالم على المظلوم.. نحن فى حاجة إلى عالم يعمل ويحرص على السلام والوئام وليس على صب الزيت على النار وتأجيج الصراعات.. نعم لقد فشل النظام العالمى الحالى فشلاً ذريعا فى ردع إسرائيل وإجبارها على وقف مجازرها ضد الفلسطينيين ومايفعله جيش الاحتلال الإسرائيلى فى غزة ليست حربا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة بل هى إبادة جماعية للفلسطينيين وتهجيرهم قسريا من أراضيهم ومافعلته فى شمال القطاع من تدمير وتهجير تفعله حاليا فى الجنوب حيث يتواجد النازحون.. ورغم مرور أكثر من أربعين يوما على هذه المجازر لم تحقق إسرائيل هدفا واحداً من أهدافها سوى قتل المدنيين وتدمير غزة فهل فى ذلك أى انتصار.. لقد دقت إسرائيل المسمار الأخير فى نعش النظام العالمى الحالى وحان وقت دفنه دون الترحم عليه.