هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

مقعد‭ ‬بين‭ ‬شاشتين

كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الداعين‭ !‬

ألمانيا حليفة لأمريكا بالطبع، لكن قناتها العربية هى الأكثر اعتدالا فى تغطيات الحرب على غزة والشعب الفلسطينى الان، فما تقدمه قناة البى بى سى العربية من تحقيقات منحاز تماما الى الجانب المعتدي، والى دعم الاحتلال، ومنذ أيام قدمت هذه القناة البريطانية عبر برنامج (عن قرب) فيلماً تسجيلياً عن حياة المستوطنين فى مدينة (الخليل) إحدى اعرق المدن التاريخية الفلسطينية، وفيه نعرف من خلال بعض النساء والفتيات اللواتى اصبحن وأسرهن من سكان المدينة كيف انهن كن ممنوعات من دخولها فى البداية، ولكن تم السماح لهن بهذا بعد تفريغها من سكانها العرب (الذين لا يحبوننا) وللدرجة التى جعلت واحدة منهن تندهش لانه ما زال يوجد منزل لعربى فى مجمع سكنى أخذوه ! والواضح فى هذا الفيلم، ولغته العربية، ان صناعه اختاروا مكان تجمع ليهود من شمال أفريقيا، ليقدموا لنا كمشاهدين رسالة واضحة حول الذين تركوا بلادهم وحضروا لاسرائيل ليطردوا الفلسطينيين من أراضيهم (مع انهم يتحدثون العربية)، ولم تكلف القناة نفسها باستضافة اى فلسطينى من سكان المدينة ليروى لنا ما حدث معه ومع غيره، برغم انه الموجود قبل الاحتلال، وانه صاحب التاريخ والحضارة، ،وهكذا تصاغ البرامج والأفلام الوثائقية الآن فى محاولة لتزييف تاريخ دولة فلسطين، وتراثها الكبير لاجل وجهة نظر استعمارية قائمة على سطوة النفوذ والمال لدى المنظمة الصهيونية ورئيسها اللورد (روتشيلد) و وعد (بلفور) وزير خارجية بريطانيا له بفلسطين فور انتهاء موعد الانتداب البريطانى عليها، وبعد النكبة عام 1948، واستمرار اهل فلسطين فى النضال، والحروب التى شاركت فيها مصر وعدد من القوات العربية لاجلها، نعرف ان قائد الاحتلال الجديد ليس نتنياهو وانما بايدن الذى اعلن (لو لم تكن اسرائيل موجودة لاوجدناها)، ونعرف من القناة الألمانية حكاية القاعدة العسكرية الأمريكية السرية فى اسرائيل منذ السبعينات، ومن اغلب قنوات العالم الان نعرف ان امريكا أرسلت اثنتين من حاملات الطائرات لحماية إسرائيل، وان جزءاً من جنودها يشارك فى الحرب على غزة واهلها، وأنها ترفض الموافقة على إيقاف العدوان ولو مؤقتا، ولان الضرب والقتل والموت الجماعى مفتوح ومتاح للملايين على كل الشاشات، وبكل اللغات، ولان صور الأطفال اختلفت عن الصورة التقليدية التى صنعها الإعلام الطبيعي،والإعلانات لهم، لتصبح صورة بلا قلب ولا إنسانية وكل أبطالها الصغار  تملأ الجروح وجوههم،او اجسامهم، وتتدفق الدماء منهم، ويسيرون فى ذعر باحثين عن الام او الاب، وعن المأوي، استطاع الجيش الاسرائيلى حقا ان بقتل اكبر عدد من الاطفال والامهات، وان يدمر اغلب البيوت، وان يقذف اغلب المستشفيات، والكنائس، والمساجد، والمخابز ولم ينس فى نفس الوقت الاعتقالات للرجال والنساء، فى كل مكان يعيش به فلسطينيون، ومن مساخر هذا الزمن، ان يجد هذا العدوان التأييد من رؤساء الدول الغربية، بينما تخرج شعوب هذه الدول فى مظاهرات كبرى رافضة له. ومن الجدير بالذكر هنا ان هذه الحرب بقدر ما كشفت الإعلام العالمى وفضحت انحيازاته بقدر ما قدمت لمشاهديها فى كل العالم خدمة جليلة حين أدرك،بل وتأكد، ان حديثها المستمر سابقا عن الحريات كان مجرد اطار تتغنى به، والا ما تركت العنف الاسرائيلى ضد الفلسطينيين يتمدد يوميا فى كل ارجاء فلسطين المحتلة، وعلى مدى سنوات، خاصة عامنا هذا، يوميا، وبالتالي، فإننى أثق فى ان الاعلام، فى العالم، سوف يختلف كثيرا بعد هذه الحرب على غزة، والتى ستعيد الى القضية الفلسطينية اهميتها وحقها، مهما فعلت امريكا وصنيعتها اسرائيل.