واضح أن هناك علاقة كبيرة بين التنمية الاقتصادية والانتصارات العسكرية، هذا لا يظهر دائمًا إلا فى حضور الإنجازات والنجاحات على أرض الواقع، فالنجاح لا يُولد إلا النجاح حتى لو اختلفت أدوات ومفاهيم التنمية، هذا المعنى يتبلور فى الربط بين انتصارات أكتوبر المجيدة وإنجازات العشر سنوات الماضية، ويشير إلى أن تحرير الأرض لا يكتمل إلا بتنميتها، لأن التنمية والتعمير هما الدرع الواقية للأرض والحفاظ على مقدراتها، ومن هنا اهتمت الدولة المصرية بإقامة مجتمعات متعددة فى سيناء منها السكنى والصناعى والزراعى والتعدينى وغيرها من الفاعليات المختلفة التى تشجع على التوطين وتوفير فرص العمل المناسبة، وهذا ما يحدث حرفيًا فى سيناء الحبيبة.
ماسبق يؤكد أن الانتصار فى الحروب وإجلاء الاستعمار لا يكفى وحده لتحقيق التنمية والرفاهية للشعوب، ولابد أن يتبع هذه الانتصارات معارك أخرى أشد ضراوة من المعارك العسكرية وهى معارك التطهير والتنمية الاقتصادية التى تتيح البيئة المناسبة لإقامة الأنشطة الاستثمارية التى تساعد على الجذب السكانى وإقامة مجتمعات لديها كافة سبل الحياة.
للأسف الشديد هذه الرؤية لم تتحقق بعد حرب 1973، وظلت سيناء الحبيبة مهملة ومرتعًا للإرهاب على مدار 40 عامًا إلى أن جاءت ثورة 30 يونيو المجيدة، فقد انتصرنا عسكريًا فى السادس من أكتوبر لكن للاسف تأخرنا كثيرًا فى خوض الحرب الاقتصادية وعمل قيمة مضافة لانتصارات أكتوبر.
الرئيس عبدالفتاح السيسى أدرك هذه الأهمية منذ البداية واستهدف تنمية سيناء ووضعها على قائمة أجندة الإصلاح والتنمية التى بدأت مع تولية حكم البلاد حيث طهرها من الإرهاب واستهدف تدشين قناة السويس الجديدة وإنشاء الانفاق والمنطقة الاقصادية الخاصة على ضفاف القناة وغيرها من المشروعات القومية التى حولت سيناء إلى مجتمعات زراعية وصناعية وتعدينية واخرى تجارية مهمة، هذه الإنجازات أبرزت قيمة انتصارات أكتوبر المجيدة التى حررت البلاد من دنس الاستعمار الغاشم.
نعم إن حرب أكتوبر هى نقطة الانطلاق الحقيقية نحو التنمية، لكنها لم تستغل لوقت طويل، مما ساهم فى تأخير تنمية وتقدم البلاد، فقد ظلت أشياء كثيرة مهملة بما فيها سيناء الحبيبة التى عانت من الإهمال أكثر من 30 عامًا، وأصبحت مرتعًا للإرهاب ومأوى لتجار السموم وكل من يمارس ممارسات غير شرعية، رغم أنها تمتلك كل مقومات النجاح، فسيناء منطقة مُلهمة وبقعة اختارها الله لتكون أفضل بقاع الأرض.
مكانة سيناء لاتغيب عن فكر وبال الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اللحظة الأولي، وحرص كل الحرص على إعمارها إعمارًا حقيقيًا بعد إهمالها لسنوات طويلة، إن ماحدث على أرض سيناء فى العشر سنوات الماضية مهول وضخم من البناء والتنمية قد يحتاج سرده صفحات كثيرة، ويكفى أن نذكر فقط أنه تم على أرض سيناء مشروعات قومية عديدة وأعمال بنية تحتية فى شتى المجالات خلقت منها منطقة لوجستية مهمة تحاكى جميع عناصر النجاح، فقد تم إنفاق مايجاوز 700 مليار جنيه من أجل تعمير وتنمية سيناء، ونجحت الدولة فى ربطها بجميع محافظات مصر وأصبح الآن شرق وغرب القناة متاحا تمامًا للعبور فى كل لحظة وكل حين.
من كل هذا نقول إن القيادة السياسية تقود حربًا اقتصادية كبيرة لا تقل أهمية عن معركة أكتوبر المجيدة.. وهذا كافى لنرسل رسالة لكل العالم أن سيناء مصرية إلى يوم الدين نفديها بأروحنا وكل ما نملك، ولا تفريط فى حبة واحدة من رمالها الغالية.