هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بالحسني

مولد‭ ‬البشير

فى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الهجرى‭ ‬ربيع‭ ‬الأول‭ ‬وفى‭ ‬اليوم‭ ‬الثانى‭ ‬عشر‭ ‬منه‭ ‬شاءت‭ ‬إرادته‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬حلقة‭ ‬الأنبياء‭ ‬والرسل‭ ‬إلى‭ ‬البشرية‭ ‬فأرسل‭ ‬آخر‭ ‬أنبيائه‭ ‬الى‭ ‬خلقه‭ ‬حاملًا‭ ‬لهم‭ ‬آخر‭ ‬كلامه‭ ‬إليهم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭  ‬تقوم‭ ‬الساعة‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬تبديل‭ ‬فلا‭ ‬يكون‭ ‬لأحدهم‭ ‬حجة‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬ما‭ ‬جاءنا‭ ‬من‭ ‬بشير‭ ‬ولا‭ ‬نذير‮»‬
وقد‭ ‬حدد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬مهمته‭ ‬فى‭ ‬خمس‭ ‬مسئوليات‭  ‬منبها‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬مبعوث‭ ‬للبشرية‭ ‬كافه‭ ‬وأنه‭ ‬رحمة‭ ‬للعالمين‭ ‬إنسهم‭ ‬وجنهم‭ ‬وحيهم‭ ‬وجمادهم‭   ‬‮«‬‭ ‬وما‭ ‬أرسلناك‭ ‬الا‭ ‬رحمة‭ ‬للعالمين‮»‬‭ .‬فقال‭ ‬له‭: ‬‮«‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬النَّبِيُّ‭ ‬إِنَّا‭ ‬أَرْسَلْنَاكَ‭ ‬شَاهِدًا‭ ‬وَمُبَشِّرًا‭ ‬وَنَذِيرًا‭ ‬وَدَاعِيًا‭ ‬إِلَى‭ ‬اللَّهِ‭ ‬بِإِذْنِهِ‭ ‬وَسِرَاجًا‭ ‬مُنِيرًا‮»‬‭ ‬فهو‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬الآيات‭ ‬شاهدا‭ ‬ونستطيع‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬الشهادة‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬قوله‭ :‬‮»‬وَكَذَلِكَ‭ ‬جَعَلْنَاكُمْ‭ ‬أُمَّةً‭ ‬وَسَطًا‭ ‬لِّتَكُونُوا‭ ‬شُهَدَاءَ‭ ‬عَلَى‭ ‬النَّاسِ‭ ‬وَيَكُونَ‭ ‬الرَّسُولُ‭ ‬عَلَيْكُمْ‭ ‬شَهِيدًا‮»‬‭ ‬فالشهادة‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسلمين‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬السابقة‭ ‬وشهادة‭ ‬الرسول‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬أمته‭ ‬فإذا‭ ‬قرأنا‭ ‬قوله‭ ‬تعالي‭: ‬‮«‬فكيف‭ ‬إذا‭ ‬جئنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أمة‭ ‬بشهيد‭ ‬وجئنا‭ ‬بك‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬شهيدًا‮»‬‭ ‬وقد‭ ‬قال‭ ‬العلماء‭ ‬إن‭ ‬اسم‭ ‬الإشارة‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬هؤلاء‮»‬‭ ‬فى‭ ‬الآية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الشاهدين‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬السابقة‭ ‬أى‭ ‬الرسل‭ ‬سلام‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬أجمعين،‭ ‬فكل‭ ‬نبى‭ ‬يكون‭ ‬شاهدًا‭ ‬على‭ ‬أمته‭ ‬ويكون‭ ‬الرسول‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬شاهدًا‭ ‬على‭ ‬أمته‭ ‬وعلى‭ ‬الرسل‭ ‬السابقين‭  ‬أما‭ ‬البشارة‭ ‬فهى‭ ‬بشارة‭ ‬للمؤمنين‭ ‬به‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ : ‬‮«‬وَبَشِّرِ‭ ‬الْمُؤْمِنِينَ‭ ‬بِأَنَّ‭ ‬لَهُم‭ ‬مِّنَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬فَضْلًا‭ ‬كَبِيرًا‮»‬‭ ‬فالبشارة‭ ‬عكس‭ ‬النذارة‭ ‬والتحذير‭ ‬وهو‭ ‬نذير‭ ‬أيضا‭ ‬للناس‭ ‬جميعًا،‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬داعيًا‭ ‬للناس‭ ‬جميعا‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬وإلى‭ ‬وحدانيه‭ ‬وعدم‭ ‬الشرك‭ ‬به،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬نور‭ ‬لأنه‭ ‬جاء‭ ‬ليصحح‭ ‬ما‭ ‬علق‭ ‬بمسيرة‭ ‬الإيمان‭ ‬من‭ ‬شوائب‭ ‬ويزيل‭ ‬ما‭ ‬علق‭ ‬بالقلوب‭ ‬والعقول‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬برسالة‭ ‬واضحة‭ ‬كوضوح‭ ‬الأشياء‭ ‬فى‭ ‬ضوء‭ ‬السراج‭ ‬المنير‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لأحد‭ ‬حجه‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوضوح‭ ‬الذى‭ ‬يتبينه‭ ‬المعاندون‭ ‬تماما‭ ‬فى‭ ‬آيات‭ ‬كثيرة‭ ‬ومنها‭: ‬‮«‬قد‭ ‬نعلم‭ ‬إنه‭ ‬ليحزنك‭ ‬الذى‭ ‬يقولون‭ ‬فإنهم‭ ‬لا‭ ‬يكذبونك‭ ‬ولكن‭ ‬الظالمين‭ ‬بآيات‭ ‬الله‭ ‬يجحدون‮»‬‭. ‬
هذه‭ ‬المهات‭ ‬الخمس‭ ‬تكررت‭ ‬فى‭ ‬القرآن‭ ‬بصيغ‭ ‬مختلفة‭ ‬تؤكد‭ ‬مهمته‭ ‬وتنفى‭ ‬مسئولياته‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬استجابتهم،ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نجد‭ ‬الحبيب‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يأسف‭ ‬لمصير‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬اختاروا‭ ‬العمى‭ ‬على‭ ‬الهدى‭ ‬فيخاطبه‭ ‬سبحانه‭ ‬بقوله‭ :‬‮»‬‭ ‬لَعَلَّكَ‭ ‬بَاخِعٌ‭ ‬نَّفْسَكَ‭ ‬أَلَّا‭ ‬يَكُونُواْ‭ ‬مُؤْمِنِينَ‮»‬‭ ‬الشعراء‭ ‬‮«‬‭ ‬وقوله‭ : ‬‮«‬فَإِنْ‭ ‬أَعْرَضُواْ‭ ‬فَمَا‭ ‬أَرْسَلْنَكَ‭ ‬عَلَيْهِمْ‭ ‬حَفِيظًا‭ ‬إِنْ‭ ‬عَلَيْكَ‭ ‬إِلَّا‭ ‬الْبَلَاغُ‮»‬‭ ‬وآيات‭ ‬كثيرة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نجده‭ ‬يدعو‭ ‬ربه‭ ‬معتذرا‭ ‬إليه‭ ‬لجهلهم‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬اللهم‭ ‬اهد‭ ‬قومى‭ ‬فإنهم‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‮»‬‭.‬
ولأنه‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أراده‭  ‬لهذه‭ ‬المهمة‭ ‬الجليلة‭ ‬فقد‭ ‬أعده‭ ‬لذلك‭ ‬ومنحه‭ ‬من‭ ‬الرحمة‭ ‬والرأفة‭ ‬والصبر‭ ‬وكل‭ ‬قيم‭ ‬الكمال‭ ‬حتى‭ ‬وصفه‭  ‬سبحانه‭ ‬بقوله‭:‬‮»‬‭ ‬وإنك‭ ‬لعلى‭ ‬خلق‭ ‬عظيم‮»‬‭ ‬وتحدث‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬فى‭ ‬تواضع‭ ‬يليق‭ ‬بمقامه‭ ‬العلى‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬إنما‭ ‬بعثت‭ ‬لأتمم‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‮»‬،‭ ‬فأقر‭ ‬بقيم‭ ‬عظيمة‭ ‬سابقة‭ ‬على‭ ‬رسالته‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬كمال،‭ ‬مشيرا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلامه‭ ‬الى‭ ‬جهود‭ ‬الانبياء‭ ‬السابقين‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬السبيل‭ ‬وما‭ ‬أفرزته‭ ‬الفطره‭ ‬السليمة‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬ومروءات‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬فى‭ ‬كلام‭ ‬صريح‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬حلف‭ ‬الفضول‭ ‬فقال‭:‬‮»‬‭ ‬لقد‭ ‬شهدت‭ ‬مع‭ ‬عمومتى‭ ‬حلفا‭ ‬فى‭ ‬دار‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬جدعان،‭ ‬ما‭ ‬أحبّ‭ ‬أن‭ ‬لى‭ ‬به‭ ‬حمر‭ ‬النعم‭ ‬‮«‬‭ ‬حيث‭ ‬تحالف‭ ‬كرام‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬مكة‭ ‬على‭ ‬التضامن‭ ‬لحماية‭ ‬قيم‭ ‬نبيلة‭ ‬بالقوة‭ ‬ومنها‭ ‬نصرة‭ ‬المظلوم‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬هذا‭ ‬المظلوم‭ ‬من‭ ‬مكة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬فهم‭ ‬ضد‭ ‬الظلم‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عمن‭ ‬فعله‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬وقع‭ ‬عليه‭. ‬وقد‭ ‬صدق‭ ‬الشاعر‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬فى‭ ‬وصفه‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭:‬
خلقت‭ ‬مبرءا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عيب
كأنك‭ ‬قد‭ ‬خلقت‭ ‬كما‭ ‬تشاء
فاللهم‭ ‬صل‭ ‬وسلم‭ ‬وبارك‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬ذكرى‭ ‬مولده‭ ‬وفى‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬وفى‭ ‬كل‭ ‬حركة‭ ‬وسكنة‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬نلقاه‭.‬