مع مطلع كل شهر تعرض "قافلة المرأة العربية" فيلما من اختيار المخرجة المصرية أمل رمسيس المقيمة في أسبانيا ، وهذا الشهر يستطيع الجمهور مشاهدة الفيلم التسجيلي "بوسكو" على شبكة الانترنت ومدة عرضه 82 دقيقة للمخرجة اليسيا كانو مينوني من أورجواي احدى دول أمريكا اللاتينية ، ويتحدث الفيلم عن قرية "بوسكو" المعزولة في منطقة نائية ، ويعيش بها مجموعة من المسنين من الرجال والنساء هم الذين بقوا على قيد الحياة بعد هجرة ونزوح الأبناء والأحفاد. 
تم اختيار الفيلم للعرض في أحدى مسابقات مهرجان "كان" العام قبل الماضي ، ويبدأ بحوار قصير بين المخرجة والجد الكبير مستر أورلاندو الذي بدأ الفيلم وهو في التسعين من عمره ، وقال للمخرجة أنها تستطيع الانتهاء من التصوير خلال خمسة أيام فقط ، ولكنها استمرت في العمل طوال 13 عاما وقد انتهى الفيلم واولاندو يبلغ من العمر 103 سنوات ومات بعد الاحتفال بعيد ميلاده . 
تحاول السينما التسجيلية لفت الانتباه الى حجم التطورالهائل الذي حدث في العالم من الحياة البدائية البسيطة الى عصر الديجيتال الذي نعيشه ، بعد أن عبرنا من عصر الكهرباء الى الطاقة النووية الى الكمبيوتر وشبكة الانترنيت وحاليا ندخل الى عالم الذكاء الصناعي ، وهكذا لا يعرف الانسان الراحة في حين أن مطالب الانسان في منتهى البساطة ، والدليل على ذلك نوع الحياة التي يعيشها سكان قرية "بوسكو" في أورجواي ، فقد تحدثت المخرجة الى عدد من سكان القرية منهم كما ذكرت أورلاندو وكذلك مع "ريتا" و"روبا" و"جيما" و"جيليتو" و"أندرينا" .. وفي القرية 12 بيتا تسكنه الحيوانات و9 بيوت لتخزين الدقيق والحبوب وأنواع من الطعام و7 بيوت يعيش فيها ماتبقى من العائلات القديمة وكنيسة واحدة ومقبرة بها 639 قبر ، وطبيبة واحدة وصياد ونادل متقاعد وبيت للايجار خاص بالغرباء الذين قد يأتون الى القرية . 
وتستعرض المخرجة بعض الحوارات التي أجرتها مع سكان القرية من المسنين ، وتقول أحدى الأرامل أنها اعتادت أن تأكل على المنضدة وتضع طبقا لزوجها وكأنه يجلس أمامها وأستمرت تفعل ذلك بعد سنوات طويلة من رحيل الزوج ، وسيدة أخرى تذهب الى المقابر وتتحدث الى الموتى الذين تعرفهم جيدا ، وأخرى تتذكر قصة الحب التي جمعتها بزوجها قبل 60 عاما ويستمع الرجل لزوجته وهو سعيد بذلك ، ولكن بعد سنوات تأتي أبنة هذه السيدة وتصطحبها لتعيش معها في المدينة ، وتطلب الأم قبل ألخروج الأخير أن تمنح قبلة للبيت الذي عاشت فيه عمرها ، وبالفعل تنحني تقبل عتبة البيت وبابه في مشهد مؤثر حزين .
لقد عشنا مع مشاهدة فيلم "بوسكو" في تجربة فريدة لعالم آخر بعيد لا نعرف عنه شيئا .