•• يوم الاثنين الماضي .. وفى اتصال هاتفي .. اتفق الرئيسان عبدالفتاح السيسى ورجب طيب أردوغان على البدء الفورى فى ترفيع العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء وتعزيز أواصر التعاون بين مصر وتركيا.. وأكدا على عمق الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين .
لم تكن مصر أبداً على مر التاريخ هى البادئة باختلاق الأزمات أو السبب فى توتر العلاقات مع أى دولة خاصة دول الجوار والقوى الاقليمية المؤثرة فى المنطقة .. بل إن استراتيجية السياسة الخارجية المصرية تقوم على ضرورة التعاون وتغليب لغة الحوار والمصالح طالما تم احترام القانون الدولى وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول .. والأهم عدم تهديد الأمن القومى المصرى أو المساس بسيادة أى دولة عربية .
تعى مصر جيداً التغيرات التى تطرأ على النظام الدولى الجديد الذى بدأت معالمه تتشكل .. وترصد الدبلوماسية المصرية وجود رغبة صادقة لدى القوى الإقليمية فى تحقيق التوافق وانهاء الصراعات بالمنطقة .
.. و بالنسبة لتركيا فقد تغيرت لغة خطاب أنقرة منذ فترة .. وتعددت الاشارات التى تؤكد وجود رغبة قوية فى التقارب مع مصر.. وجاء لقاء الرئيسين السيسى وأردوغان على هامش افتتاح مباريات كأس العالم بالدوحة ليحطم جبل الجليد الذى ذاب تماماً بزيارة وزير الخارجية سامح شكرى لتركيا عقب الزلزال الذى تعرضت له ليؤكد وقوف مصر وشعبها مع الشعب التركى فى مواجهة هذه الكارثة .. ثم جاء وزير الخارجية التركى جاويش أوغلو للقاهرة الذى أكد ان العلاقات ستعود لطبيعتها كما اتفق الرئيسان بعد انتهاء الانتخابات التركية .
فاز الرئيس اردوغان فى الانتخابات لولاية ثالثة لمدة خمس سنوات .. وفى أول يوم بعد نجاحه ومع اتصال الرئيس السيسى لتهنئته تم الاعـلان عن عودة السفراء قريباً جداً.. وكان من الواضح ان الرئيس التركى مصمم على فتح صفحة جديدة لعلاقات بلاده مع دول المنطقة وتحسينها مع مصر والسعودية والامارات وكذلك مع سوريا والعراق .. وسوف تظهر الأيام مدى حرصه على تحقيق المصالحات والمساهمة فى حل أزمات المنطقة وهل سيبدأ خطوات تنفيذية للتقارب أم انها ستكون مجرد وعود انتخابية وان كنا نرجح انه صادق وسيفعل ؟! .
يواجه الرئيس اردوغان تحديات كبيرة داخلياً وخارجياً .. خاصة وان الشعب التركى وجه له رسالة قوية عليه ان يعيها ويدرسها جيداً فصحيح انه أصبح رئيساً ولكن قرابة نصف الناخبين لم يعطوه أصواتهم وأغلب الشباب لم يكونوا معه وقالوا كفانا 20 عاماً تحت حكمه .. لذلك عليه ان يعمل « كما قال فى خطابة بعد النجاح » على احتواء الجميع وتنحية الخلافات الناتجة عن الانتخابات والبدء فى تحسين الاقتصاد وكبح جماح التضخم .. كما انه يعلم ان الغرب كان يتمنى عدم نجاحة وأمامه عمل مهم ليحافظ على سياسة الحياد بين روسيا من جانب وأمريكا وأوروبا من جانب آخر .. وقد تضطره الأوضاع الاقتصادية الصعبة فى بلاده إلى التخلى ولو مؤقتاً عن أحلامة التوسعية واستعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية فلن يسمحوا له بذلك وسوف يخسر الكثير اذا حاول !! .
للأمانة فان الشعب التركى هو الذى خرج فائزاً فى الانتخابات وحقق معدلات غير مسبوقة فى الاقبال على المشاركة فى التصويت قاربت على التسعين فى المائة .. وبالتأكيد فان الرئيس أردوغان الذى قضى 20 عاماً فى الحكم يعلم ان هناك استقطاباً وانقساماً فى المجتمع وان المعارضة كانت قاب قوسين او أدنى من تحقيق المفاجأة .. وهذا سيزيد الضغوط عليه عند التصدى لكل الملفات سواء السياسية او الاقتصادية .. فالى جانب ما ذكرناة من مشاكل هناك قضية اللاجئين التى تؤرق الأتراك وهل سيقنعهم بترحيل مليون سورى من أربع ملايين حيث قال انه يبنى لهم منازل فى سوريا بالتعاون مع قطر لاعادتهم لبلادهم رغم انه مستفيد من وجودهم حيث حصلت تركيا على 6 مليارات يورو دعماً من أوروبا لكى يبقوا بها ولا يرحلون الى الدول الاوروبية .. وهناك ملف الأكراد ووجود قواته فى شمال سوريا وفى ليبيا .. وماذا سيفعل الرئيس اردوغان فى قضية قبرص وهل سيتخلى عن جمهورية شمال قبرص التى لا يوجد من يعترف بها سواه فى العالم .. والأهم ما سيكون موقفه من انضمام السويد إلى «الناتو» هل سيقبل بعرض الرئيس الأمريكى بايدن بأن يحصل على طائرات «إف 16» مقابل قبوله بانضمام السويد للحلف .. وهل سيطور علاقاته مع الصين .. وهل سيتوغل أكثر فى أدغال أفريقيا .. جميعها قضايا مهمه وحساسة وتشكل تحديات للرئيس فماذا سيفعل لمواجهتها ؟! .
لا يمكن إنكار أن الرئيس أردوغان فى سنواته الأولى قد نهض بتركيا.. وكانت له تجربة اقتصادية ناجحة اعتبرها البعض معجزة لانها حققت معدلات تنمية مرتفعة وساهمت فى بناء قلاع صناعية مدنية وعسكرية .. وقد يكون هذا التاريخ هو السبب الرئيسى فى إعادة انتخابه .. ولكن كان عليه ان يعى ان السنوات الأخيرة شهدت تدهور قيمة العملة وزادت البطالة وارتفعت معدلات التضخم لذلك لم ينتخبه الشعب من أول مرة وانما نجح فى " ملحق الاعاده " .. لذلك فان نجاحة الحقيقى فى التصدى للتحديات مرتبط باسترضاء شعبه أولاً وان يستفيد من الدرس ويعرف متى عليه ان ينسحب من الحياة السياسية ويعمل من الآن على اعداد خليفته !! .
بعد تراكم التحديات الاقتصادية والسياسية إلـى جانب التغيرات الداخلية والمستجدات على الساحة الدولية والنظام الجديد الذى يتشكل فى العالم .. كان من الطبيعى أن يبدأ الرئيس التركى سياسة المصالحة مع دول الجوار والإقليم وعلى رأسها مصر ..
تعرف مصر طريقها ولا ترد اليد الممدودة بصدق لإعادة العلاقات مع أى دولة خاصة الدول المحورية فى الإقليم فالتعاون مع تركيا وإيران فى صالح كل دول المنطقة.
*****
العزبي .. ُيكرم نقابة الصحفيين !!
•• أهــدت نقابة الصحفيين جائزتها التقديرية الكبرى للكاتب الصحفى الأستاذ محمد العزبى تقديراً لعطائه المهنى المؤثر والمشهود ولمشواره الحافل فى بلاط صاحبة الجلالة .
الاستاذ العزبى رئيس تحرير جريدة «الجازيت» السابق والكاتب بالجمهورية استحق أن تعود هذه الجائزة المتوقفة منذ عام 2010 لتمنح له فمن سـواه يستحقها وهـو الـذى قضى أكثر من 60 عاماً يقدم إبداعاته ومقالاته التى كان ينتظرها القراء بفارغ الصبر وعلمت أجيالاً من شباب الصحفيين .
تحمل الاستاذ العزبى المشقة وذهـب بنفسه إلى مقر النقابة بيت الصحفيين رغم ظروفه الصحية وتخطيه الثمانين ورفض أن يذهب إليه وفد لتسليمه الجائزة فى منزله .. وقال بعد تكريمه « إن هذا من أسعد أيام حياتي » فهو يشعر بالسعادة بين الزملاء والاصدقاء والتلاميذ الذين تعلموا منه الكثير .. فهو كما قال نقيب الصحفيين خالد البلشى « الاستاذ العزبى نموذج يُحتذى به ».
.. وقال جمال عبد الرحيم سكرتير عام النقابة : ان الجائزة تعد هى أرفع الجوائز الصحفية التى تمنح لكبار الكتاب ونجوم الصحافة المبدعين الذين أسهموا فى ازدهار المهنة والحفاظ على حرية الكلمة ومصداقيتها.
للعام الثانى على التوالى يتم تكريم الاستاذ العزبى حيث منحته لجنة جوائز مصطفى وعلى أمين العام الماضى جائزة « شخصية العام الصحفية ».. وهو بالاضافة إلى مقالاته ورئاسته لتحرير «الجازيت» كان قبلها مديراً لتحرير العدد الاسبوعى بالجمهورية حيث كانت بدايته فى مجلة آخر ساعة وانتقل منها إلى مجلة التحرير التى كانت تصدر عن الجمهورية .. وله العديد من المؤلفات ويعتبر أحد أهم رواد أدب الرحلات لأنه يعشق السفر والترحال ويستمتع القارئ من سرده للحواديت والقصص ووصف الأماكن التى زارهـا ويعطيه قدراً من المعلومات بأسلوب شيق وسلس يجعل القارىء وكأنه كان معه فى رحلتة وزار هذه الأماكن وشاهدها بأم عينه .. لذلك يستعيد المرء القراءة مرات ومـرات ويستمتع فى كل مرة .. أطال الله فى عمره ليمتعنا بالمزيد .. وأنا شخصياً اعتبر ذهاب الاستاذ العزبى للنقابة رغم صعوبة انتقاله هو تكريم منه للنقابة ولكل الزملاء الصحفيين !! .