هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

من الألف إلى الياء 

مواثيق التراحم الإنساني  مع العسرة !!

أسوأ ما في الأزمات هو تداعياتها المؤلمة،مع التراجع القيمي الذي انتاب أنماط الحياة المعاصرة ،والخوف من المزيد من الصدمات والتقلبات في المستقبل المنظور !.

وفي أرض الكنانة كغيرها من بلدان العالم شرقا وغربا، فقد تأثرنا بصورة كبيرة وبمعدلات فاقت كل التوقعات من صنوف العسرة بعد هذه الأزمات الأممية، وموجات التضخم وتباطؤ معدلات النمو الدولية وتعثر الاقتصادات الناشئة،وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء نتيجة لاستمرار الصراع الروسي الأوكراني ،وتداعيات التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية!.

كل المعطيات والمؤشرات التي نعايشها ،وصور المعاناة تؤكد بما لا يدع مجالا للريية أن هناك فئة من المنتفعين والمستغلين والمغرضين أجادوا توظيف كافة الظروف والمتغيرات لفرض سطوتهم وتحقيق أرباح طائلة بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة!.

في اعتقادي أن هذه الفئات هم أعداء الوطن الجدد ،ويستحقون قوانين استثنائية خاصة لمحاصرة هؤلاء المحتكرين ، علاوة علي ما تبذله أحهزة الدولة من مجهودات وإجراءات لكبح جماح هذه الموجة المتصاعدة في أسعار السلع والخدمات. 

شكاوي المواطنين لا تنتهي من المبالغات المستمرة في هوامش الربح ،وتباين الأسعار من تاجر لآخر ولجوء بعض التجار لحيل تقليل الوزن والغش في مستويات الجودة، وغيرها.
ولعل النموذج الأسوء لهذا السخف غير المسبوق هو التلاعب في أسعار الأعلاف ومدخلات صناعة الدواجن ،مما أدي لارتفاع أسعار بما يزيد عن 200% خلال عدة شهور رغم الجهود التي قدمتها الدولة لتوفير الأعلاف المحلية والإفراج عن كميات كبيرة من المتأخرات الواردة من الخارج.

ومن جديد ظهرت أزمة إختفاء الأرز من الأسواق أحد الأطعمة الأساسية للمصريين، رغم إنتاجه محليا بما يزيد عن 3 مليون طن ووجود فائض عن الاستهلاك المحلي يتجاوز ال 400 ألف طن ، لكن من هناك من يصر علي المتاجرة بقوت أهل المحروسة !.
وبعيدا عن الجهود والإجراءات والقوانين التي تكفل حماية المواطنين في هذه الظروف الحرجة، في تقديري أنه لابد من التكاتف المجتمعي لتجاوز الأزمة،وتفعيل مواثيق التراحم الإنساني والاجتماعي والتكافل.
وما أحوجنا لتدشين قانون الضمير الغائب وميثاق الشرف الإنساني المعطل،والذي يمنع الاستغلال والانتهازية ويحصن المجتمع ضد الفوضى وصناعة المزيد من الأزمات !.

واتصور أن لرجال الأعمال الشرفاء دورا مهما في ضبط هذه المنظومة ،فلا ريب أن الجميع في قارب واحد، وإذا زاد الشيء عن حده انقلب إلي ضده ،وانتظر الركود والمقاطعة،وفوضي الأسواق ومزيدا من التضخم علاوة علي الحصاد المر لدي الفئات محدودة الدخل،وربما المزيد من التراجع في القيم المجتمعية وأخلاقيات المعاملات التجارية!.

والأمر الغريب ويدعونا للدهشة، هو انتشار فتاوى تبرير الزيادات ،بصورة أصبحت ممجوجة ومستهجنة وغير منطقية ومضاعفة أسعار بعض السلع لما يتراوح مابين 100- 200%،وربما أكثر، رغم أن تأثيرات الأزمة الأوكرانية وتداعياتها وتعويم الجنية لا تتجاوز ال30%، ربما أقل في بعض السلع المنتجة محلياً !.

وقد أصبح من ضرورات العصر الوعي  بمستجدات الواقع وأبعاد الأزمات الدولية مع توراد تقارير من البنك الدولى ،ومن وجهات أممية تؤكد أن عام 2023،هو الأصعب
،حيث تعاني المحركات الرئيسة للنمو العالمي  كالولايات المتحدة وأوروبا والصين من التباطؤ في النمو!.
 
كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته في أكتوبر الماضي للنمو الاقتصادي العالمي في عام 2023، مما يعكس استمرار الضغط الناجم عن الحرب في أوكرانيا بالإضافة إلى ضغوط التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة التي فرضتها بعض البنوك المركزية وعلي رأسها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ،والبنوك الأوربية.
 
والخلاصة ..أنه لابد من فرملة هذا الجموح في أسعار السلع والمنتجات والخدمات،وبذل جهود أكثر صرامة لوقف هذا المنحني المتصاعد والذي فاق كل حدود المنطق والعقل والضمير !!