هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

لو كان ابوك الزعيم

قصه قصيره كتبتها منذ سنوات اعيد نشرها في الاحتفال  بعيد  ميلاد الرئيس جمال عبد الناصر الذى نحتفل به هذا الأسبوع  
+++
لو كان ابوك الزعيم
 
لو كان ابوك جمال عبد الناصر اسبق القطر ده .!
اقولها الى احد اصحابى ، فيجرى وراء القطار ويبكى صاحبى بعد ان هزمه القطار ، فأرد عليه بثقة مبالغ فيها :
- القطر مالوش ذنب انت اللى ابوك مش جمال عبد الناصر ...!!
***
فرع النيل عندنا نسميه البحر ... اجلس على شاطىء البحر فى بلدنا تحت الجميزة القبلية وحولى بعض العيال ثم اقطع الكلام بتحد مبالغ فيه وسؤال مباغت :
مين فيكم ابوه زى جمال عبد الناصر ؟
يرد الكل فى نفس واحد :
- انا
ارد :
- اللى ابوه زى جمال عبدالناصر يعدى البحر قبل م افتح عينى
ينط الجميع بجلابيبهم فى البحر فى لحظة واحده ويبدأون التضبيش ، يصرخ عمى الحاج محمد فى الرجالة اللى حواليه :
- الحقوا العيال ح يغرقوا ، يشخط الرجالة فى نفس واحد فى العيال :
اخرجوا لحسن الفلكة ح تتغذى بيكم النهاردة  
ويتمتم عمى الحاج محمد بحنية مفاجئة لى :
- البحر غويط وزايد اليومين دول والعيال مبتعرفش تعوم
يخرج الجميع الا الواد صبحى الذى يحاول الابتعاد عن الشاطىء الى منتصف البحر ، فيشخط فيه عمى الحاج :
- اخرج والا ح انزل اغرقك عندك وادفس رأسك فى الطين
يعود صبحى الى الشاطىء ويخرج منكسرا ومدلدلا رأسه الى الارض وهدومه مبلولة تتساقط منها المياه وحبات الطين ...
اضحك واقول للعيال :
- خفتم من عمى الحاج ولا معرفتوش تعدوا البحر ، اصل مفيش حد فيكم ابوه جمال عبد الناصر !!
***
وفى اليوم التالى تجمع العيال عند الجميزة البحرية امام الجامع وعندما جئت من الدار وجدتهم يتهامسون وعندما رأونى قالوا فى نفس واحد :
لو ابوك جمال عبد الناصر اسبق الطيارة
قلت بثقة شديدة:
- وايه يعنى طيارة... انا اسبق 100 طيارة ، بس لما تيجى !
ردوا فى نفس واحد :
- لما نشوف
وبعد عدة ايام ونحن نجلس امام دكان الحاجة فكيهة البقالة ظهرت طائرة من اول البلد فصرخ الجميع فى وجهى بتحد :
- استعد ياعم وورينا بقى
انتطرت حتى اقتربت منا الطائرة اخذت ذيلى فى اسنانى وبدأت الجرى .. اجرى ولا انظر خلفى .. لكن اصواتهم تطاردنى وتلاحقنى ...
- اوعى تسبقك الطيارة ..
- ومع اصواتهم اختلطت ضحكات بعض النسوة واحداهن تقول :
- شوفى الواد المجنون قال بيسابق الطيارة !!
اجرىواجرى وفجأة عاندنى الطيار ابن الايه وترك الجسر واتجه للغيطان ونزلت وراءه لاخترق غيط البرسيم لكن ابن الايه الطيار زود السرعة حبتين وانا ازيد من سرعتى لكن ابن العفريته شعر اننى ح اسبقه فبدأ يتجه لعبور البحر وانا وراءه واغمضت عينى وقلت فى سرى :
مش ح اخليك تسبقنى يابن المركوب وح انزل وراك ..
وفجأة اتكعبلت فى حجر كبير على حافة البحر ووقعت على الارض الممتلئة بالحصى والدبش ليمتلأ الجسد بالجروح والخدوش ويزداد الامر سوء بعد انزجف جسدى غصب عنى فى بعض زراعات البوص ليسكن الشوك والبوص المدبب فى جسدى بعد اختراق ملابسى ، ولولا ستر ربنا لدخل البوص فى عينى ...
جلست ابكى بحرقة ، ليس من وجع الجروح لكن من وجع وشماته اصحابى الذين تجمعوا حولى وهم يضحكون :
- هيه... هيه .. ابوك مش جمال عبد الناصر زينا
اصرخ فيهم بصوت ممزوج بالدموع والوجع :
- واالله البوص هو اللى منعنى من سبق الطياره
يرد احدهم :
- عبد الناصر مش بيهمه البوص والشوك ويقدر يسبق اى طيارة !!
كان وجع الجروح قد بدأ يزداد للدرجة التى جعلتنى اصرخ بصوت عالى، وزاد الطين بله رعبى من امى حين تخيلتنى ادخل عليها وهدومى مقطعه !!
اخذنى العيال الى الدار ،
وكان ما كان
المهم بعدما التئمت الخدوش وذات عصرية مددت جسدى واغمضت عينى دون ان يكون لدى رغبه فى النوم ، فقط سيطرت على الرغبة فى تخيل شكل جمال عبد الناصر
وبدأت اسأل نفسى :
- ياترى شكله ايه ؟
- طويل اد ايه ؟
- اسمر ام ابيض ام قمحى ؟
- هل يرى مثلنا ام يرىحتى اخر الدنيا ؟
هل عيونه مثل عيوننا وانفه تشم مثلنا ؟!
هل ينام مثلنا ام يظل صاحيا طول الليل والنهار ؟
هل يأكل مثلنا ويشرب ام لا ؟
هل اولاده يذهبون الى المدارس مثلنا ويتعلمون ويحفظون الاناشيد وجدول الضرب زينا  ؟
هل يضرب المدرس اولاده مثلما يضربنا الاستاذ عبد القوى ؟
وحين ازداد فشلى فى الاجابة على هذه الاسئلة ، قلت لنفسى اسأل العيال اصحابى يمكن حد يكون عنده اجابة ...
***
تحت الجميزة البحرية جلسنا نضحك والقمر يفرش الارض والنجوم تتلألأ حوله فى  السماء ،، وفوجئ الجميع  بسؤالى :
حد يعرف جمال عبد الناصر شكله ايه ؟
يرد الواد محمود بسرعه وبدون تفكير :
- تلاقيه طويل قوى
يلتفت  عبد الرحمن الى خلفه قائلا :
- تلاقيه اطول من عمود التليفونات اللى هناك ده عند دوار العمده
يشوح صبحى بيده قائلا : عمود ايه ده تلاقيه يقدر يمسك الطيارة بايده الشمال ويسلم على القمر بايده اليمين
واتدخل انا كالعالم ببواطن الامور :
- ده طويل قوى وجسمه كبير قوى ويقدر يغلب اى حد
***
وتمر الشهور وينتقل ابى للعمل بالقاهرة او مصر كما نسميها
وفى احد الايام يمتلأ البيت والشارع بالصراخ ،يخرج ابى حافيا وامى من غير طرحة بجلبية البيت الى الشارع لنجد افواجا من البشر تجرى فى كل اتجاه ... ويسأل ابى احد الفارين الى الا شىء :
- في ايه وحياة ابوك ؟
يرد بصوت مبحوح غارق فى الدموع :
- عبد الناصر مات
بصرخ ابى ويجلس على الرصيف وبجواره تقعد امى وانا واقف اصرخ فى الناس :
- عبد الناصر مش زينا علشان  يموت
عبدالناصر مش ممكن يموت
عبدالناصر يقدر يموت الموت نفسه
يحضنى ابى ويدفنى فى صدره ويبكى بشكل هستيرى...  
كان يبكى لاول واخر مرة فى عمره
***
[email protected]