وسط إشادات دولية،تتواصل أعمال قمة COP27 لإنقاذ العالم من الآثار المدمرة للتغيرات المناخية ،رغم أنف المرجفين والمشككين ومحاولات
تشويه الصورة الحضارية التي أبهرت الدنيا، وافتعال أزمات لا وجود لها إلا في قلوبهم المريضة وعقولهم الخاوية!.
وتعيش أرض الكنانة أياما تاريخية غير مسبوقة، حيث تتصدر أخبار وفعاليات ومتابعات أعمال المؤتمر كافة المنصات الإخبارية واهتمامات الصحف العالمية.
وكل المؤشرات تؤكد أن هناك ناجحا حصادا مثمرا يلوح بالأفق لقمة المناخ COP 27، حيث تختلف كل الاختلاف عن القمم السابقة ،وستشهد الأيام القادمة المزيد من بشريات هذا الحصاد والتعهدات لتوفير التمويل اللازم لتحقيق مفهوم العدالة المناخية وتجنب الآثار السلبية للاحتباس الحراري وعقد المزيد من اتفاقيات التعاون الأممية لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة.
وأتصور أن يميز هذه الدورة الـ27 المعنية بمكافحة التغيرات المناخية هو ارتفاع سقف الآمال والطموحات والتطلعات ،من أجل تحقيق تطور إيجابي في العمل المناخي ،والعمل على التوسع في الاقتصاد الأخضر والطاقة النظافة لتحقيق مفاهيم الاستدامة البيئية ،والخروج بنتائج وحلول إيجابية وتنفيذ الوعود السابقة ، فالجميع يواجهون أزمة وجودية ، تستدعي الحد والتخفيف من الإنبعاثات ، ومواجهة المخاطر المتصاعدة ، بعد أن عانت معظم دول العالم من التداعيات المدمرة للتغيرات المناخية كالجفاف وحرائق الغابات والفياضانات والأعاصير والتأثر البيولوجي والزراعي وانتشار الأوبئة والسرطانات ، وزيادة وفيات التلوث وموت الأحياء البحرية وغيرها.
ويعزز هذا الاتجاه فكرة الاستفادة من تبادل الخبرات والتجارب الدولية في محاولة جادة لإقرار فكرة الحياد البيئي وخفض البصمة الكربونية للمشروعات التنموية، وتحقيق طموحات التكيف البيئي والعدالة البيئية المفقودة.
وأعتقد أن من أهم إيجابيات قمة المناخ في شرم الشيخ السعى الحثيث لتنفيذ التعهدات الدولية السابقة ، وضرورة إلزام الدول المتقدمة بدعم الدول النامية، وتحقيق التوافق حول خارطة طريق بالتزامات الدول الأطراف لتيسير التمويل والتكنولوجيا ،بهدف تخفيف المخاطر وتحقيق التكيف مع الواقع الراهن، وأن يكون المؤتمر محطة فارقة للإنتقال من الوعود إلى التنفيذ.
وتشكل الدورة الحالية من مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27
" المنعقدة في شرم الشيخ، خطوة جديدة ومهمة للأمام للتصدي لأزمات وتداعيات التغير المناخي والتحديات الناجمة عنها.
ويسلط المؤتمر الضوء على أهمية التعاون بين مختلف الأطراف في هذا الإطار، ويوفر منصات متنوعة لمشاركة التجارب وقصص النجاح من مختلف أنحاء العالم والتباحث حولها.
كما يتيح المؤتمر منصة لمشاركة الأفكار والتعاون في مجال التكنولوجيا والسياسات التي تهدف لضمان تحقيق الأمن الغذائي ووصول المجتمعات إلى التغذية السليمة مع تطبيق معايير التنمية المستدامة وخفض مستويات البصمة البيئية للمشروعات التنموية.
ومن التجارب الجديرة بالدراسة التجربة السنغافورية الرائدة لمعالجة آثار التغيرات المناخية وتوفير الأمن الغذائي وبديل البروتين ،وتقديم حلول مبتكرة لتحقيق الحياد المناخي وخفض البصمة المناخية بما يصل إلى 92% عند إنتاج اللحوم المستزرعة مقارنةً مع الإنتاج التقليدي.
وقد استعرض جناح سنغافورة من خلال وفدها المشارك بالمؤتمر هذا العام الجهود الوطنية المكثفة والحملات الرامية للحد من تأثير التغير المناخي، ومعالجة انعدام الأمن الغذائي وتحديات الوصول إلى البروتين على المستويين المحلي والعالمي.
وتعتمد التجربة السنغافورية، وفقا للتوجهات المستقبلية على إمكانية تجنب الاعتماد على تربية الحيوانات من أجل استهلاك البروتين ،حيث يساهم انخفاض استهلاك اللحوم في تقليص مستويات العرض بشكل طردي، فضلاً عن تخفيف الضغط على الغابات والأراضي الصالحة للزراعة وإتاحة الموارد لمزيد من الاستثمارات في المستقبل.
وتعتبر سنغافورة رابع أهم مركز مالي في العالم ومدينة عالمية وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي،وتعتزم من خلال جناحها في مؤتمر كوب 27، المساهمة في تعزيز هذه الأهداف والجهود اللازمة لتحقيقها في مختلف أنحاء العالم على المديين القريب والبعيد.
كما تستفيد من فرصة مشاركتها في الجلسة الحوارية حول بدائل البروتين والاستفادة من الابتكارات الحالية المتعلقة بهذا الشأن، انسجاماً مع الرؤية المستدامة للزراعة في إطار مواجهة التغير المناخي، علاوة علي ما
تتمتع به المجتمعات المعاصرة بكفاية كاملة من الخيارات التقليدية البديلة عن البروتين الحيواني، وثمة الكثير من مصادر التغذية الشاملة والمنتشرة على مستوى العالم، بما فيها الحبوب مثل الفول والصويا والعدس والحمّص وغيرها من المواد الغنية بالبروتين، والتي تتميز أيضاً بسهولة الوصول إليها وأسعارها المعقولة.
وتحظى سنغافورة بإمكانية ضئيلة لزيادة إنتاجها المحلي للحوم بسبب قلة المساحات المتوفرة لديها، مما أدى إلى تعزيز الاعتماد على الاستيراد بنسبة 90% تقريباً في العامين الأخيرين ، وبرزت القطاعات المتخصصة بإنتاج بدائل البروتين، إلى جانب تطور نتائج التكنولوجيا الزراعية، التي تعزز قيمة المساحة المتوفرة بالدولة، بوصفها من أهم المبادرات المستدامة.
كما ظهرت العديد من الخيارات الجديدة في مجال اللحوم المصنعة في المخابر واللحوم المستزرعة واللحوم المصنعة من مكونات نباتية، ما يتيح للمستهلكين تجربة اللحوم التي يحبونها واختبار أنواع مختلفة من المنتجات الموجودة.
ووفقا لرؤي الباحثين في سنغافورة ،فإن اللحوم المصنعة في المخابر تعد خياراً جيدا لتجنب الاستهلاك الكبير للحوم الذبائح في المستقبل، مما يسهم في تقليص الاعتماد على تربية الحيوانات في معادلة استهلاك البروتين على مستوى العالم.
وقد كان إنتاج اللحوم المستزرعة من الخلايا الجذعية عملية مكلفة وغير ممكنة خلال العقد الماضي، على الرغم من إمكانية إنجازها بسهولة نظرياً، ولكن من المتوقع حالياً أن تصبح اللحوم المستزرعة أحد مصادر البروتين معقولة التكلفة توازياً مع تطور التكنولوجيا وتزايد عدد الجهات التي دخلت السوق.
كما تشير تقديرات معهد الغذاء الجيد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى انخفاض البصمة المناخية بما يصل إلى 92% عند إنتاج اللحوم المستزرعة مقارنةً مع الإنتاج التقليدي للحوم الأبقار، بالإضافة إلى استخدام الأراضي بصورة أقل بنسبة 95% والحد من تلوث الهواء بواقع 93%.
وعن أفق المستقبل القريب فقد أعلن "هينج جيان وي"، مدير السياسات والتخطيط بالأمانة الوطنية لتغير المناخ التابعة لمكتب رئيس مجلس وزراء سنغافورة المشاركة والحضور القوي لدولة سنغافورة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" ،والذي سيعقد في الإمارات العام المقبل 2023.
وأشار إلي إنه سيكون فرصة سيكون فرصة مثالية لمناقشة واستعراض الحلول المبتكرة التي تطورها سنغافورة من وقت لآخر وطرح رؤى الخبراء حول المشاكل المرتبطة بالتغير المناخي وكيفية تحقيق الاستدامة الشاملة ،وذلك في إطار الالتزام الكامل بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وتبقي الإرادة الدولية الصادقة، ودعم آفاق التعاون والتكاتف من أجل إنقاذ كوكب الأرض، هي الفيصل لتحقيق إنجازاتٍ رائدة وتطور تقني لإدراك أهداف الاستدامة البيئية، الذي يفي بحاجة الحاضر، ومتطلبات التنمية ويحفظ المستقبل المزدهر للأجيال القادمة.