فى اليوم التاسع من الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، أدى قصف روسي إلى حريق في مبنى محطة زابوريجيا النووية التي تعد الأكبر من نوعها في أوروبا. ولم يلحق الحريق أضرارا بالمعدات "الأساسية" للمحطة، حسب تأكيد الوكالة الدولة للطاقة الذرية. فيما أعلنت السلطات الأوكرانية في وقت لاحق أنها تمكنت من إخماد الحريق قبل أن تسيطر القوات الروسية على المحطة
وأثار استهداف المحطة النووية الأكبر فى أوروبا، المخاوف من كارثة نووية، ولا تزال المخاوف من تأثير الحريق في المحطة، رغم إعلان السلطات الأوكرانية السيطرة على الحريق، وعدم وجود شكوك حول تسريبات إشعاعية.
فهذه الحادثة التي تعد أول هجوم على محطة نووية في التاريخ حسب وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، تعيد إلى الأذهان قضية مفاعل تشيرنوبل التي كانت موقعًا لأسوأ كارثة نووية في العالم في عام 1986، والتي استولت عليها روسيا هذا العام.
واتهم الرئيس الأوكراني روسيا باللجوء إلى "الرعب النووي" والسعي "لتكرار" كارثة تشيرنوبيل بقصفها محطة زابوريجيا النووية. وقال في رسالة بالفيديو: "ما من دولة غير روسيا أطلقت النار على وحدات للطاقة النووية. هذه هي المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية، الدولة الإرهابية لجأت الآن إلى الإرهاب النووي".
وقد تم بناء محطة الطاقة النووية خلال الفترة بين 1984 و 1995، وتقع جنوب شرق أوكرانيا على نهر دنيبر، على بعد نحو 525 كيلومتراً جنوب تشرنوبيل، حيث وقع أسوأ حادث نووي في التاريخ عام 1986، موقعاَ مئات القتلى.
وتحتضن محطة زابوريجيا النووية داخلها 6 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، وهي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا وتاسع أكبر محطة في العالم. ويبلغ إنتاج المحلطة الإجمالي من الكهرباء 5700 ميجاوات، ما يكفي من الطاقة لحوالي أربعة ملايين منزل، ويمثل إنتجها 1/5 إنتاج الكهرباء في أوكرانيا، وما يقرب من نصف الطاقة التي تولدها منشآت الطاقة النووية في البلاد.
وقالت دائرة الطوارئ الحكومية الأوكرانية إن الإشعاع في المصنع كان "ضمن الحدود الطبيعية" وأن ظروف الحريق في المصنع كانت "طبيعية"، مشيرة إلى أن الحريق اندلع في مبنى خارج محطة الكهرباء.
وقالت السلطات الأوكرانية إن المنشأة مؤمنة و "السلامة النووية مضمونة الآن". وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن المنظم الأوكراني أبلغ الوكالة أنه "لم يتم الإبلاغ عن أي تغيير في مستويات الإشعاع في موقع محطة الطاقة النووية. وقالت الولايات المتحدة أيضًا إن أحدث معلوماتها لا تظهر أي مؤشر على ارتفاع مستويات الإشعاع في المصنع. وقالت وزيرة الطاقة الأمريكية ، جينيفر جرانهولم ، إن المفاعلات محمية ببنى احتواء قوية ويتم إغلاق المفاعلات بأمان.
وتزداد المخاوف من تهديد الاجتياح الروسي لأوكرانيا لسلامة محطات الطاقة النووية التي تنتشر في المدن الأوكرانية، وتعود إلى الحقبة السوفياتية في البلاد. وتمتلك أوكرانيا نحو 15 مفاعلاً نووياً تشمل ستة مفاعلات في الخدمة بمنطقة زابوريزهزهيا، وثلاثة بمنطقة جنوب أوكرانيا، وأربعة بمنطقة ريفني، واثنين في خميلننيتسكي.
كما تتولى أوكرانيا الإشراف على المحطة النووية المعطلة في تشيرنوبل، وأربعة مفاعلات نووية خارج الخدمة.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن هذه هي المرة الأولى التي تندلع فيها حرب في بلد يضم مثل هذا البرنامج النووى الضخم.
وكانت القوات الروسية قد سيطرت الأسبوع الماضى، على منشأة شيرنوبل النووية التى تقع على أقصر طريق من بيلاروسيا إلى كييف الهدف في استراتيجية "قطع الرأس" الروسية الرامية للإطاحة بالحكومة الأوكرانية.
وانفجر المفاعل الرابع في تشرنوبيل الذي يبعد 108 كيلومترات إلى الشمال من كييف في أبريل 1986 خلال اختبار سلامة فاشل، وانطلقت سحب الإشعاع في معظم أنحاء أوروبا ووصلت إلى شرق الولايات المتحدة. وأثرت العناصر المشعة السيزيوم والبلوتونيوم والاسترونتيوم بشكل أساسي على أوكرانيا بيلاروسيا المجاورة، ومناطق من روسيا وأوروبا. وتختلف التقديرات فيما يتعلق بالوفيات المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن الكارثة مما يقدر بالألوف إلى نحو 93 ألف وفاة إضافية بالسرطان في جميع أنحاء العالم.
وتمكنت القوات الروسية من السيطرة على محطة زابوروجيا النووية، وذلك بعد اشتباكات مع المسلحين في محيط المحطة النووية. وقالت القيادة العسكرية الروسية فى بيان لها، إن المحطة النووية تحت السيطرة وتقوم الفرق التشغيلية بعملها المعتاد فيها وهي تحت حماية القوات المسلحة الروسية. وتعتبر محطة زابوريجيا النووية ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا لأنها لا تبعد سوى 200 كيلومتر عن شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.
اترك تعليق