رحلة الإسراء إلي بيت المقدس والصعود إلي سدرة المنتهي

معجزات الأنبياء.. منح من الله لمن اصطفاهم من عباده ليكونوا رسلا. يحملون الأمانة والبشري والعبرة والعظة والحكمة والدلائل على وجود الخالق الواحد الأحد.. هذه المنح لايعيها العقل البشري، لانها جاءت لأفراد مصطافين في منزلة أخري غير منزلة البشر العاديين منزلة أنبياء.

وكما كان للأنبياء إدريس وهود وصالح ولوط واسماعيل وشعيب ويعقوب ويوسف وأيوب ويونس والياس واليسع وذو الكفل وداوود وسليمان وزكريا ويحيي وعزير معجزات.. كانت الإسراء معجزة من معجزات رسولنا الكريم.

عن أنس بن مالك أن مالك بن صعصعة حدثه أن نبي الله صلي الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال: بينما أنا في الحطيم- وربما قال قتادة في الحجر- مضطجع إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه الأوسط بين الثلاثة، قال: فأتاني فشق ما بين هذه الي هذه "صدره"، من ثغرة نحره الي شعرته، فاستخرج قلبي فأتي بطست من ذهب مملوءة ايمانا وحكمه، فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد، ثم أوتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار ابيض "هو البراق" يقع خطوة عند أقصي طرفه، فحملت عليه فانطلق بي جبريل عليه السلام حتي أتي بي السماء الدنيا.

وأورد البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتليء حكمة وإيمانا، فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي الي السماء الدنيا ".

وفي رواية أخري أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: "بينما أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت، بين النائم واليقظان، إذ أتاني جبريل بالبراق"...الخ

أورد مسلم عن أنس بن مالك ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أتيت بالبراق "وهو دابة ابيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهي طرفه" فركبته حتي أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل اخترت الفطرة ثم عرج بنا الي السماء فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث اليه، ففتح لنا، فاذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا الي السماء الثانية، فاستفتح جبريل عليه السلام، فقيل: من انت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث اليه، ففتح لنا، فاذا أنا بابني الخالة: عيسي ابن مريم، ويحيي بن زكريا صلوات الله عليهما، فرحبا، ودعوا لي بخير، 
ثم عرج بي الي السماء الثالثة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل.،قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث اليه،ففتح لنا، فاذا بيوسف، وقد أعطي شطر الحسن، فرحب ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا الي السماء الرابعة، فاستفتح جبريل عليه السلام، وقيل: من هذا قال: جبريل، قيل: ومن معك؟قال: محمد، قال: وقد بعث اليه، قال: قد بعث اليه، ففتح لنا فاذا أنا بادريس، فرحب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل: " ورفعناه مكانا عليا "75 : مريم".

ثم عرج بنا الي السماء الخامسة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا ؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث اليه، ففتح لنا، فاذا أنا بهارون، فرحب ودعا لي بخير. 

ثم عرج بنا الي السماء السادسة، فاستفتح جبريل عليه السلام، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث اليه، ففتح لنا، فاذا بموسي، فرحب ودعا لي بخير.

ثم عرج الي السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث اليه، ففتح لنا فاذا انا بابراهيم، مسندا ظهره الي البيت المعمور، واذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايعودون اليه.

ونستكمل من تفسير ابن كثير: "ثم ذهب بي الي سدرة المنتهي فاذا ورقها كآذان الفيلة، فاذا ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة، واذا في أصلها عين تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران أحدهما الكوثر، والآخر يقال له نهر الرحمة فاغتسلت فيه فغفر لي ماتقدم من ذنبي وما تأخر، ثم إني رفعت الي الجنة فاستقبلتني جارية فقلت: لمن أنت ياجارية؟ قالت: لزيد بن حارثة، واذا بأنهار من ماء غير آسن. وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفي، واذا رمانها كأنه الدلاء عظما، وإذا بطائرها كأنه بختكم هذه ".

فقال عندها "صلي الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل أعد للصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثم عرضت على النار، فاذا فيها غضب الله وزجره ونقمته، ولو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها، ثم أغلقت دوني، ثم إني رفعت الي سدرة المنتهي فتغشاني، فكان بيني وبينه قاب قوسين او أدني، ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة، ثم إن الله أمرني بأمره وفرض على خمسين صلاة.

فنزلت حتي انتهيت الي موسي، فقال: مافرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع الي ربك فسأله التخفيف، فإن أمتك لاتطيق ذلك، فإني قد بلوت بني اسرائيل وخبرتهم، فرجعت الي ربي فقلت: يارب خفف عن أمتي، فحط عني خمسا، فرجعت الي موسي قال: مافعلت؟ فقلت قد حط عني خمسا قال: إن أمتك لاتطيق ذلك، فارجع الي ربك فاسأله التخفيف لأمتك،قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسي ويحط عني خمسا خمسا حتي قال: يامحمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب له شيئا، فان عملها كتبت له سيئة واحدة، فنزلت حتي انتهيت الي موسي فأخبرته فقال: ارجع الي ربك فاساله التخفيف، فإن أمتك لاتطيق ذلك فقلت: " قد رجعت الي ربي حتي استحييت منه " رواه الشيخان واللفظ لمسلم.

وقال انس: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لما عرج بي، مررت بقوم لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء ياجبريل، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم".

ثم مضيت هنيهة فاذا أنا بأخونة عليها لحم مشرح ليس بها أحد "والخوان هي المائدة التي يؤكل عليها )، وإذا باخونة أخري عليها لحم قد أروح ونتن، عندها أناس يأكلون منها، قلت: ياجبريل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام.

قال: ثم مضيت هنيهة، فاذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت، كلما نهض أحدهم خر.، يقول: اللهم لاتقم الساعة، قال: وهم علي سابلة آل فرعون، قال: فتجيء السابلة فتطأهم، قال: فسمعتهم يضجون الي الله سبحانه، قلت: ياجبريل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لايقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.