الجواب: الشركات العالمية الكبرى، والتي يُطلق عليها أحيانًا "متعددة الجنسيات" يَعمل فيها عمالٌ من كل الجنسيات والديانات المختلفة، وكذلك يشارك في رأس مالِها كثيرٌ من الجنسيات والديانات المختلفة، والذي يؤرِّق بعضَ الناس من المسلمين والعرب أن بعضًا -إن لم يكن كثيرًا- من المساهمين بأموالهم في هذه الشركات من اليهود.فهل يجوز العمل معهم كديانة خاصة في هذا الوقت الذي يحتل فيه اليهودُ بعضَ المقدسات، وقد يعينون المغتصبين بهذه الأموال التي يحصلون عليها من أرباح هذه الشركات؟.
والذي ينظر في واقع الأمر يرى أن اليهود ليسوا كلهم محتلين، فبعضُهم يقيم في دول أخرى خارج الأرض المحتلة، بل إن بعضهم يحرم الذهاب إلى فلسطين ويرى أن الله أخرج اليهود منها فلا يجوز لهم أن يعودوا إليها، وبعضهم يرى أن اليهود وإن عادوا إليها فلا يجوز لهم أن يكونوا هم حكام البلاد، ثم إن إسرائيل لها معاهداتٌ مع بعض العرب والمسلمين، ولو كان هؤلاء حربيين فلهم أيضا حكمُهم في الشريعة.
وملخص القول في ذلك أن اليهود ليسوا كلهم أعداء، فقد يكونون ذميين أو معاهدين، وقد يكونون حربيين،والحكم في هذه المسألة له صور؛ فلو اعتبرنا أن هناك نوعًا من المشاركة فستكون بين المسلم وغير المسلم، والأصل فيها الجواز، وهذا قد بيناه في فتوى مستقلة،وقد يكون العامل هناك أجيرًا عندهم، وهذا أيضًا الأصلُ فيه الإباحةُ، وقد فعل ذلك صحابةُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، وأقرَّهم على ذلك.
وأما دليلُ الإجارة من المعاهد فهو ما أخرجه ابنُ عساكر وابن ماجه في "السنن" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أصابت نبيَّ الله صلى الله عليه وآله وسلم خَصَاصةٌ، فبلغ ذلك عليًّا رضي الله عنه، فخرج يلتمس عملًا يصيب فيه شيئًا ليغيث به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأتى بستانًا لرجل من اليهود، فاستسقى له سبعة عشر دلوًا، على كل دلو تمرة، فخيَّره اليهودي على تمرهِ؛ فأخذ سبع عشرة عجوة، فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «من أين لك هذا يا أبا الحسن؟» قال: بلغني ما بك من الخصاصة يا نبي الله، فخرجت ألتمس لك عملًا لأصيب لك طعامًا. قال: «حملك على هذا حبُّ الله ورسوله؟» قال: نعم يا نبي الله.
وبناءً على ما سبق: فإن العمل في مثل الشركات العالمية متعددة الجنسيات أمرٌ جائزٌ شرعًا ما دام أن هذا العمل غيرُ مرتبطٍ بوجود الضرر بالمسلمين.والله سبحانه وتعالى أعلم.
لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع للفتوى رقم 262 المنشورة على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية على الانترنت.
اترك تعليق