الانتقاد المستمر الذي يحدث بين أغلب الأزواج خطر كبير يهدد الحياة الزوجية. حيث يتعمد بعض الأزواج علي انتقاد زوجاتهم بشكل لا تتحمله الزوجة. والعكس يحدث أيضاً مما يهدد الحياة الأسرية. ويمكن أن يصل الأمر إلي وقوع الطلاق خاصة اذا زادت المشكلات بين الزوجين.
وكانت اللغة السائدة هي الانتقاد الجارح والشجار الدائم. وهذا بدوره يؤثر علي الكيان الأسري وينتج عنه صعوبة استمرار العلاقه الزوجية. وخبراء الاجتماع وعلم النفس والعلاقات الأسرية أكدوا أن حرص كل من الزوجين علي أرضاء واحترام الآخر والتغاضي عن العيوب والأخطاء يحقق لهما السعادة الزوجية والاستقرار الأسري.
تقول د.زينب مهدي "استشاري العلاقات الأسرية وخبيرة التنمية البشرية : إن النقد المستمر بين الزوجين والذي يظهر دائما بين الطرفين الأقل تكافؤاً سواء في المستوي التعليمي أو الثقافي أو الاجتماعي يتسبب في مشكلات وعلاقات زوجية متوترة يمكن أن تنتهي بالطلاق إذا تفاقمت الأمور. فالنقد الجارح والدائم لإثبات وجهة نظر معينة وفرضها علي الاخر تفقد الحياة شكلها الطبيعي واستقرارها.
إحباط الزوجة
أضافت إنه علي شريك الحياة تجنب الانتقاد لأنه يترك اثاراً سلبية في النفس تؤثر علي حياتهما وتصيب الزوجة علي الأخص ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والإحباط والذي ينعكس ذلك علي طريقة تربية اولادها ويشعرها دائما بفقد الثقة بنفسها والنفور من زوجها وتضطر لبذل مجهود كبير لإرضائه ولكن دون فائدة مما يتسبب في فتور الحياة الزوجية.
أشارت إلي إن الانتقاد يولد المشاعر السلبية بين الزوجين مما يؤثر علي أجواء المنزل ويحول مشاعر الحب والرحمة بينهما الي أجواء من الكراهية والحقد التي تنتقل بسهولة الي الابناء وتنعكس علي مسار تربيتهم وتنعكس علي سلوكهم. فالشخص الطبيعي يحب دائما أن يسمع كلمات الحب والتقدير والثناء ويكره توجيه النقد خاصة لو كانت طريقة الانتقاد بشكل يمس الكرامة حيث يتعمد بعض الأزواج انتقاد زوجاتهم بشكل لا تتحمله الزوجة ويصل الأمر إلي وقوع الطلاق. فانشاء لغة الحوار بين الزوجين أمر ضروري لتفادي الخلافات بينهما.
النقد الجارح
د.حسين أنور جمعة "أستاذ علم إجتماع السكان والتنمية بجامعة قناة السويس بالإسماعيلية" يقول إن تمسك الزوجين برأيهما في بعض الأمور باعتباره هو الصواب يحول النقاش بينهما الي شجار وايضا استخدام لغة النقد وتوجيه اللوم الدائم هي طريقة مرفوضة.
فلابد أن يختار الزوجان لغة حوار تبعد عن الهجوم و"تصليب الرأي" وتعتمد علي التحفيز والتشجيع وذكر الاشياء الإيجابية للآخر واستخدام طريقة جيدة للحديث بشكل غير جارح لأن بعض الأزواج والزوجات أيضا يقصدون تجريح بعضهم البعض بنقد جارح طوال الوقت. فالنقد الجارح لا يكون أبداً وسيلة لتغيير الآخر. وانما الاحترام المتبادل يجعل الحياة الأسرية خالية من المشكلات.
يؤكد أن هناك بعض السلوكيات لا يمكن أن يغيرها أحد وهي التي تتعلق بالسلوك مثل الفوضوية وعدم النظام خاصة بالنسبة للزوج. لانه لم يتعود علي المشاركة في منزل أهله قبل الزواج.
فإصلاح السلوكيات السيئة يبدأ من الصغر. لذلك علي الأمهات تعويد أبنائهن علي التعاون في المنزل. فلا فرق بين ولد وبنت في المساعدة بأعمال المنزل. لأن مثل هذه السلوكيات قد تكون سبباً في هدم البيوت في المستقبل. فالحياة الزوجية الناجحة تبني علي الانسجام والتفاهم وتنجح إذا وجد الطرفان منظومة كاملة تقوم علي المودة والمحبة والاحترام المتبادل لإنشاء جيل متوازن بعيدا عن الاضطرابات النفسية.
ينصح د.جمعة الزوجات بأن يكن أكثر تقديرا واحتراما لأزواجهن والعكس فالعلاقة الناجحة المبنية علي التقدير وعدم الانتقاد الجارح يحافظ علي الحياة الزوجية ويقي من حدوث الطلاق.
إصلاح النفس
د.وليد هندي "استشاري الصحة النفسية" يقول: في بداية الزواج يري كلا الطرفين "الزوج والزوجة" أنه سوف يقوم بتعديل سلوك الآخر والتخلص من عيوبه من وجهة نظره. فيقوم بالنصح الدائم له مما يزعج الطرف الآخر ويمكن أن يصل الأمر لطريق مسدود بينهما.
فكثرة الانتقاد وتصيد الأخطاء للطرف الآخر يتسبب في حدوث العصبية والشجار والإهانة في بعض المواقف. وإظهار العيوب أصبح النمط السائد بينهما فكل هذا مؤشرات لإنهاء العلاقة الزوجية سريعا. فلابد أن يحافظ الطرفان علي العلاقة الزوجية الناجحة والكيان الأسري. وأن يقوم كلا الزوجين بإصلاح نفسه وتعديل سلوكه وأن تحاول الزوجه أن تضع نفسها مكان الزوج كثير الانتقاد لتعرف وجهة نظره.
فقد يكون محقاً في توجيه انتقاده لها وعليها عند الاختلاف مع الزوج أن تركز علي الموقف وليس الشخص. فالمرونة في التعامل مهمة ولابد أن يبتعد الطرفان عن الردود العنيفة والحاسمة التي تقطع استمرار أي حديث.
يشير إلي أن العلاقة الزوجية يطرأ عليها كثير من المتغيرات والمشكلات مهما كان الرابط بين الزوجين متيناً وقوياً. فإن لغه الانتقاد المستمر تكون سبباً في استخدام الاهانة والتجريح وذكر عيوب الآخر ويكون ذلك للاسف أمام الأولاد مما يترك اثراً سلبياً في أنفسهم ويفسد الحياة. فالتركيز علي إبراز عيوب الآخر يجعل الحياة الزوجية مستحيلة. فالزواج رباط مقدس قائم علي الاحترام والمشاركة والتعاون دون الاتجاه الي تصيد الأخطاء أو توجيه النقد الذي يهدد الحياة الزوجية.
اترك تعليق