طالب السيد علاء الدين أبو العزائم- شيخ الطريقة العزمية، رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، رئيس الرابطة المصرية- بتوجيه كل الدعم لمراكز الأبحاث العلمية فى مختلف المجالات، باعتبار أنها هى قاطرة التنمية والتقدم لأى مجتمع، وخاصة المجتمعات العربية والإسلامية التى تعانى كثيرا من التأخر العلمى.
واقترح تشكيل لجنة مختصّة، تحظى على ثقة المواطنين، لجمع زكوات المسلمين فى كل المحافظات، وتُوجَّه حصيلتها لدعم البحث العلمى فى المقام الأول، ثم النظر فى باقى الاحتياجات وترتيب الأولويات.
جاء ذلك فى الاحتفال الذى أقامته مشيخة الطريقة العزمية، بمولد الإمام على بن أبى طالب- كرَّم الله وجهه ورضى عنه- حيث وُلِد فى جوف الكعبة يوم الثالث عشر من شهر رجب- وقدَّم الاحتفال د. أحمد حسنين، وافتتح بآيات الذكر الحكيم للقارئ الشيخ محسن، واستمر حتى وقت متأخر مع مصاحبة فرقة العزمية للإنشاد الدينى ومواجيد الإمام أبو العزائم، ومداخلات من أبناء العزمية ومحبى الصوفية.
وقال "أبو العزائم": الإمام على ظُلِم ومعه آل البيت بسبب الصراعات على كرسى الحكم، لأنه لم يكن همَّهم إلا الدين وتحقيق مصالح العباد واستقرار البلاد وليس الكرسى والسُلطة والمال كما نفعل نحن بإفساد كل شئ بأيدينا! ونُعلِّم أولادنا الغش والخيانة ونخاف من أن نخسر المال الحرام الذي اكتسبناه!
ووصف "أبو العزائم" العلمانيين والملحدين بأنهم ينكرون القرآن والإنجيل وكل الكتب السماوية، وذكر موقفا حدث مع والده السيد احمد أبو العزائم، حين أراد تحويله من جامعة أسيوط إلى جامعة القاهرة، فذهبا معا إلى جامعة القاهرة، ووجدا أحد الأشخاص مُفطِرا فى نهار رمضان، يُدخِّن السيجارة! فسأله السيد "أحمد": إذا كان غير مسلم، فله الإفطار، وإن كان مريضا مسلما فعذره معه، ولكن عليه أن يستتر "إذا بُليتم فاستتروا"، لكن إجابة ذلك الشخص كانت مُفجعة، حيث قال: تربيت فى بيت مسلم، لكنى غير معترف بأى دين! فلم يجادله السيد أحمد أبو العزائم طويلا وإنما قال له: أنت تنكر الأديان وتعيش حياة سعيدة! وأنا أومن بالإسلام وأيضا أعيش سعيدا، لكن فكِّر قليلا فى الآخرة، يومها إذا لم يكن هناك إله وحساب، فأنا لن أكون قد خسرت شيئا، وإذا كان هناك إله وحساب فما مصيرك؟! وتركناه يُفكِّر ولعله راجع نفسه!
إعلام التريند!
استطرد "أبو العزائم" قائلا: للأسف الشديد الإعلام يروِّج للهيافات والسعى وراء التريندات والمشاهدات ولو على حساب القيم والأخلاق ونشر الفضيلة، وفى المقابل نجد خطبة الجمعة مجرد ١٠ دقائق وغير حيوية، ولكننى دخلت كنائس أوروبية- وليست مصرية- وجدت خطب الوعظ فيها ساعة كاملة، تشمل كل مناحى الحياة اليومية من عقيدة وسلوك وأخلاق، فلابد أن نبدأ حياتنا ونربّى أبناءنا "صح"، ونغرس فيهم الأخلاق حتى نكون أقوياء، وإذا كان اقتصادنا ضعيفا، وهناك تقصير من جانب الدولة فى مجال ما فواجبنا أن نكمله نحن، مثل دعم مراكز البحث العلمى التى هى أساس النهضة والتقدم، فلابد أن نفتح الباب لأبنائنا النابغين فى كل المجالات، وندعمهم فى البحث العلمي فى كل المجالات- زراعية تجارية صناعية- وهم أفضل من أبناء الغرب كثيرا، بدليل تفوّقهم إذا سافروا الغرب، فواجبنا أن نساعدهم ونقف بجانبهم ونسخِّر قوّتنا كلها للبحث العلمي، وإذا كان الرئيس جمال عبدالناصر قد أضاء الريف وسقاه المياه النظيفة وكانت فى عهده حركة ترجمة الكتب العلمية إلى اللغة العربية، لكن الأساتذة وقعوا فى الخطأ بعدم مراجعتهم كتب الباحثين، وللأسف فى عهده نشر ثقافة المطالبة بالحقوق لكن دون المطالبة بأداء الواجبات، فظهرت مساوئ الرياء والنفاق!
فيجب أن نقف "وقفة صح" مع كل مراكز البحوث العلمية، فهى مفتاح وطريق النجاح والتفوق، وليس اتِّباع الغرب.
وأكد "أبو العزائم" أن هناك نوعين من الزكاة، لابد أن نعيها، الأولى: زكاة المسلمين: وهى المعروفة بإخراج 2,5% على المبلغ إذا حال عليه الحول وبلغ النصاب 85 جرام ذهب، وهناك زكاة المحسنينوهى أيضا 2,5% لكنها على كل مبلغ يحصِّله المحسن- يومى او شهرى- فنحن نريد زكاة المحسنين، وليس المسلمين.
واقترح تشكيل لجنة يثق فيها الشعب لتحصيل "زكاة المحسنين" وستكون الزكاة ساعتها خفيفة وسريعة، ولكنها أكثر وأفيد للمجتمع، ونقدّمها لمراكز الأبحاث، فضلا عن "ثُمْن" زكواتنا أيضاً نقدّمها للبحوث العلمية، وممكن نقدّمها عينية كأجهزة وخامات، واللجنة تُكوَّن في كل محافظة، مشيرا إلى أن القيمة ستبلغ الملايين ويمكنها سد قصور الدولة فى الصرف على دعم البحث العلمي، لأنه سبّب قوّتنا، وفى هذا الإطار سيُكلَّف كل نائب عزمى فى محل إقامته بتشكيل هذه اللجنة.
الشخصية المسلمة
وأشار الشيخ قنديل عبدالهادى- داعية آل العزائم- إلى الحديث الشريف " النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمّتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون"، وقوله تعالى فى سورة الأنفال 33: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"، مؤكدا أن هذا إن اتخذتهم الأمة قدوة لهم وقبلت فهمهم للقرآن وفقههم لرسول الله، فتربية الشخصية المسلمة هى الأساس ولذا تولّى أمرها رسول الله طوال ١٣ سنة فى مكة، فأقام الأمة فى ١٠ سنين بالمدينة المنورة.
فضائل أهل البيت
وأفاض د. عبدالحليم العزمى- أمين عام الاتحاد العالمى للطرق الصوفية- فى شرح فضائل أهل البيت مؤكدا انها جاءت منسجمة مع ما في القرآن، فهم أهل الطُهر والقُرب الذين يجب مودّتهم، وأقرب إلى رسول الله وأولى بهم من غيرهم وأُمرنا بذكرهم فى صلواتنا، فالعقل السليم يقبل ان النبى حين يؤاخى بين الصحابة فى مكة، وبين المهاجرين والأنصار فى المدينة، اى بين النظيرين، فمن غير المقبول ان تكون هناك مؤاخاة لرسول الله غير مع نظيره وهو الإمام على، وهذه الأُخوّة ثابتة في مواقف كثيرة حدثت فى مكة والمدينة، لكن أعداء آل البيت وكارهيهم يستخدمون أسلوبين، الأول: تكذيب وإنكار هذه الفضيلة. الثانى: تسويف المعنى وتسطيحه، فيُفسِّرون حديث "حسين منى وأنا من حسين"، فيقللون من قيمة المعنى بذكر أقوال للنبى عن "بلال منّا أهل البيت"، وغيرها، ويصفون أحاديث المؤاخاة بأنها "باطلة موضوعة"! مؤكدا أن الهدف من المؤاخاة هو التعريف بقدر ونظير رسول الله، ووقد أدرك الصحابة والتابعون ذلك، لكن الحاقدين على آل البيت لا يعجبهم هذا، ولذا عندما خرجت الأمة على الإمام على انتفى عنها الرشد ووقعت فى الضلال، ولذلك انتفت عن الخلافة صفة الراشدة، بعد اتخاذها خط العداء لآل البيت.
وأشار إلى وصف النبى للإمام على بأنه: "أخى، صاحبى، وارثى، وصيّى، وليّى، خليفتى"، وهى أكبر مشكلة بين السنة والشيعة حتى اليوم، وإنما الصوفية قدّموا حلا وسطاً، فقالوا بوجود فرق بين الإمامة والخلافة، فالإمامة أصل، وهى الأعلى والأولى، ولذا أخذها الإمام على منذ لحظة انتقال النبى. أما فهى الخلافة فهى فرع، اى الجانب الاجتماعي بالشكل الذى تمّ تاريخياً، وليست فيها مشكلة، أما الإمامة فهى للإمام علي المرجعية الدينية والروحية والعلمية.
وأوضح أن "أبو العزائم" يتخذ هذا المنهج، ولكن للأسف السنة والشيعة مازالوا يختلفون عليها، وحتى تجتمع الأمة فلابد من حل وسط، و"أبو العزائم" هو نقطة التقاء الأمة على الحل الوسط.
اترك تعليق