وقع السائل في مشكلة ونذر لله تعالى إن هو نجَّاه منها أن يصوم شهر رجب طول عمره، وظل يصوم هذا الشهر لمدة تسع سنين متصلة، والآن قد تقدمت به السن ويخشى ألَّا يستطيع الوفاء بنذره فيما بعد، فماذا يفعل؟
الأصل أن نذر الطاعة منعقدٌ وأنه يجب الوفاء به على الوجه الذي أتى به صاحبه، وهو كل قُربة يوجبها المكلَّف على نفسه لا تكون واجبةً ابتداءً؛ لقوله تعالى: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: 29]، وقوله سبحانه: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ [الإنسان: 7]، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن نَذَرَ أَن يُطِيعَ اللهَ فليُطِعه، ومَن نَذَرَ أَن يَعصِيَه فلا يَعصِه» رواه الإمام البخاري وغيره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
هذا، مع أن النذر في الأصل مكروه كما هو مذهب أكثر الشافعية والمالكية والحنابلة؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: نَهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن النَّذرِ، وقال: «إنَّه لا يَرُدُّ شَيئًا، وإنَّما يُستَخرَجُ به مِن البَخِيلِ» متفق عليه، إلا أنه يجب الوفاء به إذا كان نذر طاعة.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا لم تستطع الوفاء بنذرك ولو بالتفريق في الأداء أو القضاء فعليك أن تُخرِج فديةً إطعامَ مسكينٍ عن كل يومٍ تركتَ صومَه إن كنتَ مُوسِرًا، فإن عَسُر عليك ذلك فيمكنك أن تَخرُجَ مِن نذرك هذا بكفارة يمين؛ أخذًا بإحدى الروايتين عند الحنابلة وبعض فقهاء أصحاب الحديث، فإن عَسُر عليك ذلك أيضًا فقلِّدِ المالكية ولا شيء عليك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع للفتوى المنشورة على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية على الانترنت.
اترك تعليق